Skip to main content

متنمرون يختبئون خلف الشاشات.. ما أسباب ظاهرة العنف على مواقع التواصل؟

السبت 10 سبتمبر 2022

تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاء للتنافر بين الناس بدل أن تكون منصات لتعزيز التلاقي وتبادل المعارف والخبرات، بالنظر إلى ما تشهده من إساءات لروادها نتيجة تجاوزات بعض المستخدمين.

ويُترجم التنافر عمليًا في تعليقات جارحة ومسيئة اعتاد بثها أشخاص بأسمائهم الصريحة، وغالبًا بأسماء مستعارة، مختبئين خلف شاشات يعتقدون أنها دروع تتيح لهم قول ما يريدون وتجاوز معايير وآداب التواصل الإنساني.

ولا تقتصر التعليقات المسيئة على محتوى المنشور، بل تتعداه إلى التجريح الشخصي والنيل من كرامات الناس. 

وكذلك ينصب المعلقون أنفسهم قضاة لإطلاق الأحكام وتصنيف الناشطين على تلك المواقع، والتعليق على أشكالهم وهندامهم وتصرفاتهم والبحث بين السطور عما يدين صاحب المنشور، حتى لو كان محتواه إيجابيًا.

ويخلط هؤلاء أيضًا الخاص بالعام، لأن الهدف الأول والأخير هو التعليق المسيء المصاحب لجرعة كبيرة من التنمر والإساءة لمجرد الإساءة، وصولًا إلى فرض الرأي الشخصي لتجريد الناس من أفكارهم وقناعاتهم والمس بها من دون أي رادع.

وبينما لا يرى الخبراء ضيرًا في تعليقات الرأي الآخر حتى لو كانت منتقدة، إلا أنهم يربطون الأمر بوجوب أن تكون بناءة وموضوعية ولا تخلط العام بالخاص ولا تسبب إحراجًا للناس ولا تعرض صورتهم في المجتمع للتشويه وسوء السمعة.

وتأتي بين تلك المواصفات أيضًا أن يبقى التعليق في إطار الاحترام المتبادل، وأن يكون عبر الخاص وليس على الصفحة مباشرة إذا ما كان جريئًا أو يحمل نصيحة لصاحب المنشور.

لمَ التعليقات المسيئة؟

يرد معنيون أسباب التعليقات المسيئة إلى عوامل نفسية في مجملها؛ منها إسقاط الفشل على الآخرين وعدم تقبل النجاح وغياب الثقة بالنفس وتنفيس الغضب وتفريغ حالة الفراغ والبطالة واستهداف الآخر لرغبة شخصية منها الانتقام أو تصفية حسابات اجتماعية وغير ذلك.

إلى ذلك، يشدد خبراء على أهمية الاتكاء على آداب التواصل الاجتماعي عبر المنصّات المختلفة، من بينها استخدام أسماء تصريحة على صفحات التواصل وليس أسماء مستعارة، وعدم مشاركة أمور خاصة جدًا تفاديًا للتعرض لانتقادات لا داعي لها.

كما يُنصح بتجنب الإفراط في جدل عقيم اتضح أنه سيؤدي إلى مشكلة، والحرص على انتقاء الألفاظ وإبداء التعليق بكل احترام ومسؤولية.

"عمل ثانوي جدًا"

من جانبه، يشير أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية ساري حنفي، إلى أن وسائط التواصل الاجتماعي قد أحدثت "دمقرطة" للإنتاج المعرفي.

ويعتبر في حديثه إلى "العربي" من بيروت، أن المشكلة تكمن في شكل التواصل الاجتماعي، الذي يفرض كلمات قليلة على الكتابة، كما في تويتر، أو منح "لايك" (إعجاب) وإعطاء أحكام قيمية سريعة.

ويرى أن أخلاقيات التواصل الاجتماعي تتطلب بشكل أساسي التدرب على إجراء محاججات لمنع التنمر.

وحنفي يوضح أن ما تقوم به إدارة فيسبوك أو تويتر هو في حقيقة الأمر "العمل على 10% من مشكلة الأخلاقيات". 

وفي هذا الصدد، يشير على سبيل المثال إلى ما تعدّه "معاداة للسامية" أو يحتوي على تدخلات سياسية في بعض المواضيع، مؤكدًا أن عمل إدارة هذه المؤسسات ثانوي جدًا في موضوع الأخلاقيات، الذي يتطلب برأيه صبرًا وتربية وتدريبًا.

المصادر:
العربي
شارك القصة