الخميس 2 مايو / مايو 2024

مشهد جديد في أفغانستان.. طالبان ترسم الحدود فهل تفي بوعودها؟

مشهد جديد في أفغانستان.. طالبان ترسم الحدود فهل تفي بوعودها؟

Changed

الناطق باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحافي للحركة (غيتي)
الناطق باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحافي للحركة (غيتي)
لا يزال مشهد الفوضى يسيطر على العاصمة كابل ومطارها، ويعكس ذعر الأفغان ممّا قد يحلّ بهم، فيما يوجّه قادة طالبان رسائل طمأنة إلى الداخل والخارج.

بعد أن سيطرت حركة طالبان على أفغانستان وانتزعت سلطتها من دون مقاومة تُذكَر، يبدو أنّ مشهدًا جديدًا بدأ يظهر في أفغانستان، في ظلّ حدود ترسمها طالبان وقنوات اتصال تعلن استعدادها المضيّ بها، فيما تتردّد أصداء الحدث في عواصم العالم.

ولا يزال مشهد الفوضى العارمة يسيطر على العاصمة كابل ومطارها، ويعكس ذعر الأفغان ممّا قد يحلّ بهم، ولا سيما بما يخصّ موظفي الحكومة السابقة، رغم أنّ قادة الحركة يقولون غير ذلك، وقد أعلنوا "العفو العام" عن جميع موظّفي الدولة.

وفيما ينتظر هؤلاء بوعودٍ قُطِعت لهم من الدول الغربية، تواصل هذه الدول عملها جاهدة لإجلاء ما يمكن إجلاؤه من الرعايا والمتعاونين، وهي تحدّد في الوقت نفسه أولوياتها للمرحلة المقبلة.

أول مؤتمر صحافي لحركة طالبان

وفي أول مؤتمر صحافي بالعاصمة الأفغانية كابل، أعلن الناطق باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أن الحركة لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية للاعتداء على أي من دول الجوار.

وأشار مجاهد إلى ضرورة احترام المجتمع الدولي للسيادة الأفغانية والعادات والتقاليد فيها.

وأضاف الناطق باسم حركة طالبان في معرض إجابته عن سؤال لمراسل "العربي"، أنّ الحركة تسعى إلى تأسيس نظام وتشكيل حكومة يجتمع تحت مظلّتها الشعب الأفغاني.

وأكد أنّ الحركة تحظى بعلاقات مع جميع الجهات، ولا سيما مع رئيس المصالحة الوطنية عبد الله عبد الله.

طالبان تريد تشكيل حكومة تشاركية

من جهته، كشف سفير حركة طالبان السابق لدى باكستان عبد السلام ضعيف أنّ وفدين سياسيين من الدوحة وصلا إلى قندهار وكابل لمتابعة مشاورات الانتقال السياسي في البلاد.

وأكد ضعيف في حديث إلى "العربي"، أنّ طالبان تريد تشكيل حكومة تشاركية مع جميع الأفغان.

وأضاف أنّ الحركة تضمن عدم استخدام الأراضي الأفغانية لشنّ أيّ هجمات إرهابية، وأشار إلى رغبة طالبان في أن تكون أفغانستان جزءًا من المجتمع الدولي بحسب تعبيره.

"الرئيس الشرعي المؤقت"

في غضون ذلك، أعلن نائب الرئيس الأفغاني الأول أمر الله صالح أنّه الرئيس الشرعي المؤقت، وكتب في تغريدة أنّه وفقًا للدستور الأفغاني، ففي حال غياب الرئيس أو هروبه أو استقالته أو وفاته، يصبح نائبه الرئيس المؤقت.

وأكّد أنّه حاليًا داخل البلد وأنّه الرئيس الشرعي وأنه يتواصل مع جميع القادة لتأمين دعمهم وموافقتهم.

ماذا في ردود الفعل الدولية؟

وفي ردود الفعل الدولية بعد أول مؤتمر صحافي لحركة طالبان، قال مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة جاك سوليفان إنه من السابق لأوانه الإجابة عما إذا كانت طالبان حكومة شرعية في أفغانستان.

من جانبه، قال المتحدّث باسم البنتاغون: إنّ هناك اتصالات بين القوات الأميركية في كابل وطالبان، مشيرًا إلى عدم وجود أي تهديد من الحركة لمطار العاصمة الأفغانية أو اعتداء عليه.

في المقابل، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: إنّ على الاتحاد أن يحاور طالبان في أسرع وقت، لأنّ هؤلاء "ربحوا الحرب في أفغانستان".

حالة "تحوّل" تجسّدها حركة طالبان

ويشير الباحث في الجماعات الإسلامية محمد خير موسى إلى أنّ من يتابع سلوك حركة طالبان عبر 20 عامًا "يعلم جيّدًا أنّ ما تقوم به الحركة من تصريحات اليوم بعد سيطرتها على أفغانستان واندحار الاحتلال الأميركي إنما هو انعكاس لحالة تغيّر استمرّت على مدار 20 عامًا".

ويقول موسى في حديث إلى "العربي" من إسطنبول: "إذا نظرنا إلى طالبان في 2001 نجد أنها كانت تعيش حالة من الانتماء القبلي المتشدّد، وكانت مرجعيتها مرجعية قبلية وفكرية تقليدية، وبعيدة من الفقه المقاصدي في تنزيل الأحكام الشرعية على أرض الواقع".

ويلفت إلى أنّه كانت هناك حالة من التشدد في التعامل مع الآخرين والجوار وعدائية في التعامل مع القوى الأخرى في الداخل أو في الجوار وكذلك مع الجماعات الإسلامية الأخرى، إلا أنّ ما جرى خلال آخر ثلاث سنوات هو بمثابة حالة من التحول.

ويخلص إلى أنّ طالبان قدمت سلوكًا جديدًا وعملًا جديدًا في إطارات عديدة، فقد تغيّرت نظرتها إلى جماعة الإخوان المسلمين مثلًا وفتحت أبوابها لهم ومدّت الجسور معهم، كما أبدت انفتاحًا على إيران بعدما كانت تعتبرها في السابق بمثابة "عدو".

موقف أميركي "براغماتي"

من جهته يرى الباحث في المركز العربي في واشنطن أسامة رشيد أنّ الموقف الأميركي حتى الآن هو أنّه لن يكون هناك اعتراف أوتوماتيكي وتلقائي بطالبان.

ويشير رشيد في حديث إلى "العربي" من واشنطن، إلى أنّ الولايات المتحدة ستحكم على سلوك طالبان ولن تتعامل معها بصفتها قوة أمر واقع.

ويعتبر أنّ الموقف الأميركي ينطلق من بعد براغماتي أكثر منه أي شيء آخر، موضحًا أنّ الولايات المتحدة تدرك أن أفغانستان ستبقى تمثّل معضلة بالنسبة إليها.

ويرى أنّ عودة التيارات الإسلامية العنيفة إلى أفغانستان والتخطيط لهجمات على الولايات المتحدة ستكون مشكلة كبيرة بالنسبة إليها، ولذلك فإنّ الولايات المتحدة تريد أن تضمن أن طالبان ستفي بتعهداتها بموجب اتفاق الدوحة، وبما يصدر اليوم عن قيادات طالبان.

ويشدّد على أنّ الولايات المتحدة ترى أنّ العزلة الدولية هي الورقة الوحيدة التي بقيت في يدها، وهذه الورقة قوية جدًا لأنّ النظام المصرفي العالمي يعتمد على الدولار الأميركي وعلى الولايات المتحدة، وبالتالي إذا أرادت طالبان مساعدات من أي مؤسسات دولية فهي بحاجة إلى موافقة واشنطن.

موقف أوروبي "حَذِر"

أما المحلل الاقتصادي نهاد إسماعيل فيعتبر أنّ الموقف الأوروبي حذِر، وهو يراقب ما سيحدث على الأرض وسلوك طالبان في معالجة الأمور الداخلية خصوصًا بما يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة.

ويوضح إسماعيل في حديث إلى "العربي" من لندن، أنّ ألمانيا فسّرت المعضلة عندما قالت: إننا لن نقدّم أي مساعدات إضافية لأفغانستان إذا استلمت طالبان نظام الحكم.

ويلفت إلى أنّ الاقتصاد الأفغاني هو اقتصاد حرب منذ 30 أو 40 عامًا وهو هشّ جدًا، وقد فسّر البنك الدولي الوضع في أفغانستان بكلمتين، الهشاشية والاعتمادية، أي الاعتماد على المنح الخارجية والمساعدات التي تمثل 75% من الاقتصاد الأفغاني.

ويشير إسماعيل إلى البطالة المتفشية والفساد المزمن في أفغانستان، ولذلك فإنّ البلد في وضع اقتصادي سيئ جدًا وبحاجة لكل دولار يأتي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل ذلك يعتمد على سلوك طالبان في المرحلة المقبلة.

ويضيف: "إذا تصرفوا بمسؤولية وقاموا بعمل منهجي مع التركيز على التنمية الاقتصادية وخلق البيئة لجذب الاستثمار الأجنبي فهذا سيكون إيجابيًا وجيّدًا".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close