الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

ملفهم معلق منذ سنوات.. فلسطينيون بدون هويات محرومون من حقوقهم الأساسية

ملفهم معلق منذ سنوات.. فلسطينيون بدون هويات محرومون من حقوقهم الأساسية

Changed

يعيش آلاف الفلسطينيين في غزة بلا هوية، بسبب عدم وجودهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثناء إجراء إسرائيل التعداد السكاني في سبتمبر 1967.

يعيش آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة بلا هوية شخصية، بسبب عدم وجودهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثناء إجراء الاحتلال الإسرائيلي التعداد السكاني للفلسطينيين بالقطاع في سبتمبر/ أيلول 1967.

وفي حين تعد بطاقة تحديد الشخصية أو ما يعرف بالهوية الشخصية بطاقة رسمية تصدرها الدولة للمواطنين، وأهم الوثائق الوطنية، يحرمهم فقدانها من ممارسة مجموعة أساسية من حقوقهم.

وفي هذا الصدد، يوضح مدير عام الإدارة العامة للأحوال المدنية أحمد الحليمي أن "عدد فاقدي الهوية في قطاع غزة يبلغ نحو 42 ألف مواطن"، مضيفًا أن هذا الملف الذي يعرف بـ"جمع الشمل"، معلق منذ عام 2000".

ويشير إلى أن العمل بهذا الملف من قبل الاحتلال يتم بوتيرة بطيئة جدًا، بحيث إن آخر دفعة من الهويات صدرت في عام 2005، وكانت تعود تقريبًا لنحو 5000 مواطن، وتم تعليقها بشكل مفاجئ.

من جهته، يعتقد الباحث في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنس الجرباوي أن حرمان هذه الفئة من الهوية يتعدى موضوع السماح بعودتهم إلى الأراضي الفلسطينية إلى محاولة إلغاء ارتباطاتهم الرسمية بوطنهم وسلخهم عن الهوية الفلسطينية، ومنعهم من العودة إلى وطنهم.

وقال: "حتى وإن عادوا بجوازات سفر أجنبية فسيكون ذلك لفترة مؤقتة ولن يتمكنوا من ممارسة حقوقهم كما باقي الفلسطينيين الآخرين".

مراحل منع الفلسطينيين من الحصول على هوية

وشرح برنامج "عين المكان" عبر "العربي" المراحل التي استطاع من خلالها الاحتلال الإسرائيلي منع الفلسطينيين من الحصول على الهوية وهي على الشكل التالي:

المرحلة الأولى، كانت منذ بداية احتلال قطاع غزة والضفة الغربية عام 1967 حتى توقيع اتفاقية أوسلو عام 1994.

ففي سبتمبر/ أيلول عام 1967 أجرى الاحتلال الإسرائيلي تعدادًا سكانيًا للفلسطينيين الذين كانوا مقيمين في الأراضي المحتلة، وأصبح هذا التعداد هو المرجع الرئيسي لكل ما يتعلق بالسجل السكاني للفلسطينيين.

المرحلة الثانية، وهي في الفترة اللاحقة لاتفاقية أوسلو الثانية عام 1995 حتى عام 2000. وفي هذه المرحلة نقلت إسرائيل صلاحيات التسجيل والتوثيق في السجل السكاني للسلطة الفلسطينية؛ إلا أن الصلاحيات التي تتمتع بها السلطة مقتصرة فقط على الأسماء المسجلة مسبقًا من الجانب الإسرائيلي، أما الأسماء الجديدة، فلا تملك السلطة الفلسطينية صلاحية تسجيلها ومنحها الإقامة إلا بعد أخذ موافقة من الجانب الإسرائيلي.

المرحلة الثالثة، في ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية حتى الفترة الحالية، حيث اعتبر الاحتلال الإسرائيلي أن الفلسطينيين غير المسجلين في السجل السكاني، أي الذين دخلوا قطاع غزة عام 2000، غير مؤهلين للحصول على الهويات، بذريعة أن دخولهم إلى قطاع لم يكن قانونيًا.

وفي عام 1995، كان الجانب الفلسطيني يطالب الاحتلال الإسرائيلي بتوفير بطاقات الهوية الشخصية للسكان المسجلين حديثًا، وكانت الحصة المطلوبة ترتفع من سنة إلى أخرى إلا أن الاحتلال الإسرائيلي رفض الطلب ما دفع الجانب الفلسطيني إلى وقف العمل مع الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي أدى لتراكم ما يزيد على 17500 طلب من طلبات جمع الشمل.

وفي نهاية عام 1998، وطوال عام 1999، وافقت إسرائيل على 3000 طلب سنويًا من طلبات جمع الشمل قبل أن تعلق دراسة طلبات جمع الشمل المتبقية، بسبب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، لتعود إلى إصدار 5000 طلب لقطاع غزة وسحبها دون سابق إنذار.

وبعد الأحداث التي دارت في قطاع غزة عام 2007، من اقتتال داخلي بين حركتي فتح وحماس، توقف الاحتلال الإسرائيلي عن إصدار الهويات تمامًا لكل الأشخاص وتم وقف التعامل مع قطاع غزة من قبل الشؤون المدنية وفصل منظومة الأحوال المدنية بين قطاع غزة والضفة الغربية.

وفي إطار إيجاد وثائق بديلة للهوية، أصدرت حماس في قطاع غزة بطاقات تعريف الهوية الزرقاء لتسهيل المعاملات اليومية الداخلية لفاقدي الهوية.

في المقابل أصدرت السلطة الفلسطينية جوازات سفر لفاقدي الهوية في القطاع سمي بالجواز المسفر، وتكمن مشكلة هذا الجواز في أنه غير معترف به من قبل إسرائيل ومصر والأردن، وبالتالي لم يعد له أي قيمة وهذا ما زاد من معاناة المواطنين.

مسار الضغط على الاحتلال

ويوضح الحليمي أن مسؤولية حل مشكلة جمع الشمل تقع على عاتق وزارة الشؤون المدنية، لأنها هي من تقوم بالتواصل مع الاحتلال، مطالبًا بالضغط على إسرائيل لإتمام عملية جمع الشمل.

ويرى الجرباوي أنه في الملف القانوني يمكن العمل على مسارين متوازيين، الأول رفع دعاوى فردية من فاقدي الهويات أمام المحاكم الإسرائيلية لإلزام السلطات الإسرائيلية بإصدار بطاقات هوية لهم، أما المسار الثاني فهو يقوم على تدويل الملف على المستوى الدولي.

معاناة فاقدي الأوراق الثبوتية

ويقول مثنى النجار وهو فلسطيني بلا هوية: "نحن من فئة البدون أي أنا لا أملك أي أوراق أو وجود أو أي هوية في وطني الذي أقطن فيه".

ويضيف أنه جاء للقطاع مع عائلته عندما كان طفلًا من العراق عام 1994 عندما قدمت السلطة إلى غزة، وذلك ضمن تصريح زيارة عبر حاجز إيرز (بيت حانون).

فيما توضح أخرى تدعى شذا ياغي أنه "ليس لدينا حقوق في أي شيء، وأعطونا بطاقة لونها أزرق فقط لكي نعيش ونتحرك داخل قطاع غزة، لكن لا أستطيع السفر بها خارج القطاع حتى من أجل العلاج".

وتلفت إلى أنها دخلت غزة عام 1996 وإلى اليوم لا تحمل هوية فلسطينية.

أما لينا الأسطل وهي أيضًا فلسطينية لا تحمل هوية، فقالت: "بعدما أنهيت دراسة البكالوريوس، قررت دراسة الماجستير خارج القطاع". لكن الأسطل اصطدمت بعدة مشاكل منها طلب هوية تثبت فلسطينيتها أو جواز سفر، علمًا أنها لا تملك هوية أو جواز سفر.

وتضيف أن والدها من مواليد غزة في خان يونس عام 1964، أخذته عائلته إلى مصر عندما كان طفلًا، وعام 1967 لم يستطيعوا العودة إلى القطاع، وحاولوا الحصول على الهوية الفلسطينية لكن دون جدوى.

وتقول إنها حتى عندما كانت تأتي عائلتها لزيارة غزة كان يسمح لها فقط بالبقاء لشهرين وذلك بذريعة عدم حصولهم على هوية فلسطينية.

القانون الدولي

وجاء القانون الدولي لحقوق الإنسان ليقر الحق بجمع شمل الأسرة، باعتبارها هي الوحدة الأساسية للمجتمع، حيث نصت المادة 46 من معاهدة لاهاي لعام 1907، والموجهة لقوة الاحتلال على أنه ينبغي احترام حقوق الأسرة وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية ولا تجوز مصادرة الملكية الخاصة.

كما جاءت المادة 27، من اتفاقية جنيف الرابعة، بشأن حماية المدنيين في أوقات الحرب لتقر هذا الحق، كذلك الأمر في القانون الدولي لحقوق الإنسان حيث جاء هو الآخر ليقر هذا الحق ويكفله في العديد من الاتفاقيات والمعاهدات. كما كفل الحق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والحق في حرية التنقل.

ويتطلع فاقدو الهويات نحو ضرورة وجود حلول نهائية وشاملة لمشكلتهم، وهذا لا يتوفر إلا بوجود سيادة فلسطينية كاملة على المعابر والحدود دون أي ارتباط بالاحتلال.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close