يختزل اسم الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري تجارب مختلفة، تشكل مجتمعة سيرة لامرأة عانت الأمرّين، لكنها كافحت بإصرار فحققت نجاحًا استثنائيًا منحها تأثيرًا منقطع النظير على مستوى العالم.
ومع أن بعض المعطيات تغيب أحيانًا عند الحديث عمّن يصفها البعض بالأسطورة، يفضي النظر إلى صورة وينفري باختلاف زواياها إلى استنتاجات مشتركة حول امرأة صلبة ومثابرة.
بمناسبة ذكرى بدء عرض أول برنامج حواري للمذيعة أوبرا وينفري في الثامن من سبتمبر/ أيلول 1986، نستعيد أبرز ما اكتنف سيرة الإعلامية الأشهر في أرجاء المعمورة من حلو ومرّ، ونجاح يتبعه آخر، نالت بموجبه العديد من التكريمات من بينها وسام الحرية الرئاسي عام 2013، وجائزة غولدن غلوب لإنجازاتها مدى الحياة عام 2018.
طفولة صعبة
وُلدت وينفري في 29 يناير/ كانون الثاني عام 1954. والتقطت أولى أنفاسها في كوسيوسكو بولاية ميسيسيبي، قبل أن تعي أن طفولة صعبة ستكون بانتظارها.
والصعوبة هذه لم تقتصر على الفقر الشديد ولا على غياب البيئة الأسرية الصحية التي ترفد الأبناء بحاجاتهم النفسية، بل تعدته إلى تعرض الطفلة للاغتصاب في التاسعة من عمرها.
وفي الرابعة عشرة، حملت أوبرا وأنجبت طفلًا لكنه لم يلبث أن توفي بعد فترة وجيزة من ولادته.
تجربة الأمومة التي لم تطل أيامها هذه لم تتكرر في حياة وينفري، ورغم ارتباطها منذ عقود بستيدمان غراهام إلا أنهما لم ينجبا طفلًا.
جاذبية الشاشة
على المستوى المهني، بدأت رحلة أوبرا مع شغف دفين بالشاشة التي ساعدت في الوصول إليها منحة جامعية كاملة في جامعة بولاية تينيسي.
وفيما خطت أولى خطواتها العملية إذاعيًا، إلا أنها انشدّت سريعًا نحو التلفاز وأطلت على مشاهدي قناة محلية في بالتيمور بصفة مذيعة أخبار في التاسعة عشرة من عمرها.
ومع تعدد إطلالاتها، شكل انتقالها إلى شيكاغو عام 1984 لتقديم البرنامج المتعثر AM Chicago انعطافة هامة في مسيرتها، عندما تمكنت من إنعاشه بشخصيتها الصادقة والجذابة، ليحمل في العام التالي اسمها.
بُث برنامج أوبرا وينفري على المستوى الوطني عام 1986، وسرعان ما أصبح البرنامج الحواري التلفزيوني الأعلى تقييمًا في البلاد، وحصل على العديد من جوائز إيمي.
وهذه الشعبية التي حظي بها العرض طيلة عقود تجاوزت الحدود الأميركية، إلى أن توقف بثه عام 2011. وبمضي عامين، كانت أوبرا قد أطلقت قناة الكابل الخاصة بها.
حري بالقول: إن شغف أوبرا وينفري بالشاشة لم يقتصر على دورها بصفتها إعلامية، ففي سجلها مشاركات سينمائية عدّة من بينها: فيلمي "اللون البنفسجي" لستيفن سبيلبيرغ، و"سلمى" الذي يتناول سيرة مارتن لوثر كينغ.
وإن كانت في الفيلمين أعلاه قد ظهرت بالصوت والصورة، فإن إطلالتها الصوتية شكلت إضافة لأفلام رسوم متحركة مثل شبكة شارلوت، والأميرة والضفدع، أدت فيها أدوارًا مميزة.
دور إنساني
إلى ذلك، يستوجب إيجاز سيرة أوبرا وينفري، التي يعتبرها البعض الامرأة الإعلامية الأكثر تأثيرًا على هذا الكوكب، التوقف عند دورها الإنساني. فقد أنشأت عام 1998 منظمة إنسانية تحمل اسم "شبكة ملاك أوبرا"، التي تعنى بتقديم المساعدة لمن يحتاجها في كل أنحاء العالم، مستفيدة من شهرتها لجمع التبرعات بانتظام.
وأُفيد بأنها افتتحت عام 2007 مدرسة بقيمة 40 مليون دولار للفتيات المحرومات في جنوب إفريقيا.
وبحسب موقع "le Figaro"، فإن وينفري تبرعت بأكثر من 300 مليون دولار للجمعيات والأعمال الخيرية في العالم، وعُدت أكثر المشاهير قيامًا بالأعمال الإنسانية على مستوى المعمورة.