الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

من مقاعد الدراسة إلى حرب 1948.. عبد السلام المجالي يروي رحلة العمر

من مقاعد الدراسة إلى حرب 1948.. عبد السلام المجالي يروي رحلة العمر

Changed

لقاء يعود لعام 2018 مع الدكتور الراحل عبد السلام المجالي، رئيس الوزراء الأردني الأسبق، يتناول فيه رؤيته التي جسّدها في مذكراته "رحلة العمر من بيت الشعر الى سدة الحكم"
روى رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي لبرنامج "في رواية أخرى"، رحلة عمره من الريف إلى مقاعد الدراسة حتى حرب 1948.

يروي رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي لبرنامج "في رواية أخرى" من "العربي"، رحلة عمره من الريف إلى مقاعد الدراسة حتى حرب 1948.

وفي الجزء الأول من المقابلة، التي سُجّلت عام 2018 ويُعيد "العربي" نشرها بعد أسابيع على وفاة المجالي في 3 يناير/ كانون الثاني الحالي، يستعرض رئيس الوزراء الراحل رؤيته التي جسّدها في مذكراته "رحلة العمر من بيت الشعر إلى سدة الحكم".

القرية والعشيرة

تنحدر عشيرة المجالي من مدينة الخليل في فلسطين
تنحدر عشيرة المجالي من مدينة الخليل في فلسطين - العربي

عن بيئته الأولى، وصف المجالي قريته الياروت التي تقع في محافظة الكرك جنوب الأردن، بأنها "درب تبانتي الأولى". أما عن عشيرته، فأوضح أنها تنحدر من مدينة الخليل في فلسطين وانتقل جدّه الأسبق عام 1720 إلى الكرك، حيث استقرّ هناك وتزوّج وأنجب حتى تجاوز عدد أبناء العشيرة حتى الآن الـ20 ألفًا.

وأضاف أن العشيرة تتمتّع بأهمية كبرى في الحياة السياسية الأردنية، بعد أن أظهر الجد الأول شخصية قيادية أكثر من غيره من أبناء العشائر الأخرى في الكرك، فأصبح زعيمًا في المحافظة.

وشرح أن العشيرة اشتهرت في العهد العثماني، حيث جرى تعيين متصرّف في أبنائها، ثم منصب البلدية، وما إلى ذلك من مناصب.

وخلال تشكيل البرلمان العثماني، ارتبط ممثّل الكرك سعد المجالي، بعلاقة قوية مع ممثل المدينة المنوّرة الأمير عبدالله الذي عُيّن لاحقًا أميرًا للحجاز، وتطوّرت علاقتهما مع تأييدهما للثورة العربية بقيادة الشريف حسين. ومع مرور الوقت، انخرط المجاليون في الخدمة العسكرية، ولاحقًا في خدمة الدولة.

وعن مسيرته التعليمية، روى المجالي أن الأردن يومها كان يضمّ أربعة مدارس إعدادية فقط، وفي كل عام كان يتمّ دمج طلاب هذه الإعداديات في إعدادية السلط لمدة سنتين، وبعد عام 1946، تمّ تحويل هذه الإعداديات إلى ثانويات.

درس المجالي في إعدادية الكرك
درس المجالي في إعدادية الكرك - العربي

علاقته بوصفي التل والأمير عبدالله

وخلال تعليمه الثانوية، أوضح المجالي أن اثنين من مدرسيه كانا وصفي التل، الذي تولّى رئاسة الحكومة الأردنية عام 1962، وخليل السالم (حمل عدة حقائب وزارية في حكومات التل)، مضيفًا أن شخصية التل وأسلوب تدريسه لمادة الفيزياء حبّبها لتلاميذه.

وأوضح أن التلّ ترك التدريس للالتحاق بالجيش البريطاني، انطلاقًا من "هدف قومي" لأن اليهود آنذاك كانوا قد وصلوا إلى مراكز قيادية حول العالم، بينما افتقر العرب لأي مناصب قيادية، مضيفًا أنه بعد عودته من الخدمة في الجيش البريطاني، انخرط بالعمل السياسي.

تولّى وصفي التل تعليم المجالي مادة الفيزياء
تولّى وصفي التل تعليم المجالي مادة الفيزياء- العربي

وردًا على سؤال للزميل بدر الدين الصائغ عن علاقته بالأمير عبدالله، أوضح المجالي أن الأمير كان يقوم بزيارات دائمة إلى المتصرفيات، و"خلال تواجده في الكرك، ذهبت لزيارة زميل الدراسة وقريبي هزّاع المجالي والذي كان مديرًا للتشريفات آنذاك، ولدى وصول الأمير انسحبت من المكان، قبل أن ينادوا علي بناء على طلب من الأمير. وخلال تبادل الحديث مع الأمير، سألني عن ميولي التعليمية، ليعلمني أنه يراد إرسالي في بعثة تعليمية على نفقة الديوان الأميري. لكن للأسف الأمر لم يتمّ".

الدراسة في دمشق والانضمام لـ"حزب البعث "

بعد إنهاء دراسته الثانوية في السلط ونظرًا لغياب التعليم الجامعي في الأردن آنذاك، روى المجالي أنه انتقل إلى العاصمة السورية دمشق عام 1942، لدراسة الطب، لكن لم يتمّ قبوله لصغر سنه (16 سنة)، فعاد إلى الأردن لتغيير تاريخ الميلاد.

وشرح أن جامعة دمشق آنذاك، كانت تضمّ معهد الطب العربي، ومعهد الحقوق العربي، ومعهد طب الأسنان، ومعهد الصيدلة فقط، وكانت تستقطب طلابًا من جميع دول العالم العربي.  

التحق المجالي بجامعة دمشق عام 1942 لدراسة الطب
التحق المجالي بجامعة دمشق عام 1942 لدراسة الطب- العربي

وروى أنه بعد أشهر من التحاقه بجامعة دمشق، انضمّ إلى احتفال بالمولد النبوي الشريف في الجامعة حيث كان الخطيب هو ميشيل عفلق (مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي لاحقًا)، مؤكدًا أنه لم يسمع أجمل من هذا الخطاب عن النبي محمد.

وأوضح أنه بعد عدة لقاءات مع عفلق، انضمّ إليه وإلى صلاح البيطار في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، ليكون الأردني الوحيد في الحزب. واستمرّ في عضوية الحزب لمدة 4 سنوات قبل أن يغادره "بعد اختلاف مع مؤسسي الحزب حول مضمون الإشهار بالحزب، وتحديدًا في عبارة أنه يجب أن تكون الدولة العربية المقبلة جمهورية.

وقال المجالي إنه اعترض على ذلك، من منطلق أن العالم العربي آنذاك لم يكن يضمّ سوى جمهوريتين فقط (سوريا ولبنان)، أما الباقي فممالك، وهذا توجّه غير ديمقراطي إذ يتم فرض تغيير نظام الحكم على الممالك العربية".

انتسب المجالي للدرك السوري
انتسب المجالي للدرك السوري- العربي

وأوضح أنه عام 1945، انتسب للدرك السوري من أجل التجنيد الاختياري لمحاربة الاستعمار الفرنسي، وخضعنا للتدريبات العسكرية، قبل أن تنفجر الأمور في سوريا وتنسحب فرنسا بضغط من بريطانيا.

وأوضح المجالي أنه خلال دراسته في دمشق خلال الأربعينيات، كان الشعور القومي العربي كان طاغيًا.

وبالتوازي مع الغليان الشعبي في سوريا ضد الانتداب الفرنسي، وصف المجالي الوضع السياسي في الأردن في منتصف الأربعينيات بأنه "مستقر"، مشيرًا إلى أن الأمير عبدالله احتضن الإخوان المسلمين اعتقادًا منه أنهم بقوتّهم قادرون على الوقوف بوجه كل أنواع التطرّف المستورد.

محاربة اليهود والالتحاق بالجيش الأردني

عام 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا حمل الرقم 181 وقضى بتقسيم فلسطين. وعن ذلك، قال المجالي: "كانت الجيوش العربية جديدة وصغيرة العدد لا يتجاوز عددها الآلاف على عكس عديد الجيش الإسرائيلي (60 ألفا)؛ ناهيك عن أن الجيوش العربية افتقرت إلى السلاح النوعي والتدريب العسكري".

وأضاف أنه في تلك الفترة كان موجودًا في سوريا، حيث توجّه مع أصدقائه للتطوّع في "جيش الإنقاذ" بقيادة فوزي القاوقجي، فتمّ قبول الجميع باستثنائه من دون أن يدري السبب، مضيفًا أنه بالصدفة توجّه إلى لبنان حيث التقى السفير الأردني في بيروت آنذاك فرحان الشبيلات الذي اقترح عليه الانضمام إلى الجيش الأردني.

التحق المجالي بالجيش الأردني خلال حرب 1948
التحق المجالي بالجيش الأردني خلال حرب 1948- العربي

وبعد موافقة المجالي، أرسل الشبيلات برقية إلى عمان، فكان الردّ بالالتحاق الفوري بالجيش الأردني، فما كان منه إلا أن توجّه مباشرة إلى دمشق، وبعدها إلى الأردن حيث التحق فورًا بالجيش الأردني والتوجّه فورًا إلى جبهات القتال دون أي تدريب.

وقال: "لقد كنت أول طبيب أردني يعمل في الجيش الأردني. والتحقت بالكتيبة الخامسة والتي كان عمرها 4 أشهر، ومقرّها في بدّو، بالقرب من رام الله، بقيادة علي الحياري"، مضيفًا أن قادة ثلاث كتائب في الجيش الأردني في حرب عام 1948 كانوا من الإنكليز.

كان المجالي أول طبيب أردني يعمل في الجيش الأردني
كان المجالي أول طبيب أردني يعمل في الجيش الأردني

وأوضح أن "الأمير عبدالله نصح العرب بعدم خوض معركة 1948، لعدم تكافؤ العدة والعديد والقدرات والإمكانيات، لكنّهم رفضوا؛ فاضطر إلى المشاركة في هذه الحرب، وهو ما يُشبه ما حصل في نكسة 1967".

الابتعاث إلى بريطانيا واللقاء بالأمير الحسين بن طلال

عام 1949، انتقل المجالي من الخطوط الأمامية إلى عمّان، وخلال زيارة للحرس الأميري الذي كان مسؤولًا عن علاجهم، روى المجالي أنه التقى بالأمير عبدالله الذي "استغرب أن أكون قد أصبحت طبيبًا، فقال: يا مغيّر الأحوال إذا المجالي يطلع منهم دكتور"، في إشارة منه إلى كوني أول طبيب مسلم من الكرك.

عام 1950، قرّر المجالي السفر إلى بريطانيا للتخصّص في الطب، وأوضح أنه كان من أوائل الطلبة الأردنيين المبتعثين، حيث أمضى ثلاث سنوات للتخرّج باختصاص الأنف والأذن والحنجرة. وعند عودته إلى المملكة كان الطبيب الوحيد في الأردن من أصحاب هذا الاختصاص.

وخلال دراسته في لندن، التقى المجالي بولي العهد الأردني الأمير الحسين بن طلال في السفارة الأردنية، وتوطّدت العلاقة بينهما فيما بعد.

وحول هذا قال المجالي: "بعد توليه السلطة الملكية، قرّر الأمير الحسين تعيين أردنيين لتولّي مهام الأجانب في الجيش الأردني. ونظرًا لمعرفته بي أصبحت طبيبه الخاص. وعام 1956، عرض علي أن أكون في منصب مدير الخدمات، وكنت وقتها برتبة قائد، فرفضت المنصب، لكن علاقتنا استمرّت كطبيبه الخاص".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close