Skip to main content

وسط تعثر مفاوضاتهما مع صندوق النقد الدولي.. أي طريق ستسلكه تونس ومصر؟

الجمعة 14 أبريل 2023

تمضي المفاوضات بين إدارة صندوق النقد الدولي ومصر وتونس نحو مزيد من التعثر. والقاسم المشترك في الملفين هو طبيعة الإصلاحات التي تشترط تنفيذها الهيئة المالية العالمية مقابل منح دفعة نقدية تقترب من خمسة مليارات دولار في بلدين يئن اقتصادهما تحت وطأة أزمات خانقة. 

في الحالة المصرية، يغيب التواؤم بين شروط صندوق النقد الدولي والوضع الاقتصادي العام، إذ يحتاج البلد نحو 41 مليار دولار لتغطية الديون منها 9 مليارات يتعين عليه سدادها هذا العام.

ويأتي ذلك في وقت تشدّد فيه إدارة صندوق النقد على شروطها الثلاثة مقابل منح القاهرة قروض الثلاثة مليارات دولار، وهي تحرير سعر صرف الجنيه، وتعزيز حضور القطاع الخاص في الاقتصاد، ومراقبة الانفاق على المشاريع الضخمة طويلة الأجل. 

أزمة تونس

أمّا في الجانب التونسي، تستمر ارتدادات تصريحات الرئيس قيس سعيّد التي قال فيها إنه لن يقبل ما وصفها بـ"الإملاءات" التي يفرضها صندوق النقد الدولي للحصول على مليار و900 مليون دولار، وهي خفض دعم المواد الغذائية والطاقة وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض الأجور، في وقت نفت إدارة الصندوق فرض أي إملاءات.

وأكّد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أنه لم يتلق أي طلب تونسي لإعادة النظر في برنامج إصلاحاتها الاقتصادية، في تصريح يعمّق الجدل بشأن حقيقة الموقف الرسمي التونسي والتباين بين الحكومة والرئيس. 

جدل برنامج صندوق النقد في مصر

وحول الملف المصري، تشير الخبيرة الاقتصادية حنان رمسيس إلى وجود جدل بين ما يطلبه الصندوق من مصر وما تتجه إليه القاهرة. 

وتلفت في حديث إلى "العربي" من القاهرة أن تحرير سعر صرف الجنيه هو أهم ما يطلبه الصندوق. وتقول: "يريد الصندوق مرونة تامة في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار"، مؤكدة أن هذا الأمر من الصعب جدًا تحقيقه في الوقت الراهن حيث يتعامل من في داخل مصر مع النقد الأجنبي كاكتناز وليس للتداول. 

وتضيف رمسيس: "عندما يعلم المتعامل بأمر تحريك للجنيه مقابل الدولار يقبل على اكتناز الدولار"، ما أدى لسوق موازية وارتفاع العقود الآجلة الأمر الذي ينعكس على ارتفاع في أسعار المنتوجات الاستهلاكية ويؤثر على المواطن المصري.

وتعتبر أنه عندما يطلب صندوق النقد الإصلاحات من دولة ما غالبًا ما تكون على حساب الاستقرار السياسي والاقتصادي داخل الدولة، مشيرة إلى أن الصندوق يرى أن على مصر التوقف عن الاعتماد على القروض التي تستخدم في مشاريع قصيرة الأجل واللجوء إلى الصناعات التي تقدّم قيمة مضافة للاقتصاد المصري. 

غياب التناغم السياسي في تونس

وحول الملف التونسي، يشير أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي إلى أن تونس قضت مرحلة طويلة من التفاوض مع صندوق النقد الدولي. 

ويلفت إلى غياب التناغم بين رئيس الجمهورية، الذي يرفض الإصلاحات الاقتصادية ولا سيما تلك المتعلقة برفع الدعم، ورئيسة الحكومة التي تدافع عن برنامج إصلاحات وقّعته مع الصندوق. 

وفي حديثه من تونس، يعتبر الشكندالي أن هذا الوضع القائم عطّل المفاوضات مع صندوق النقد مما جعله يخفّض من تقديراته لنمو الاقتصاد في تونس من 1.6% إلى 1.3%. 

ويرى الشكندالي أن رفع الدعم سيؤدي لمزيد من التضخم المالي ويهدد السلم الاجتماعي. 

جهاز لمراقبة صحة الاقتصاد

ومن جهته، يشرح الباحث الاقتصادي نزار غانم أن صندوق النقد هو مثل جميعة في حي وأن معظم الدول تدفع اشتراكات سنوية ويتم ضخ هذه الأموال إلى الدول المتعثرة.

ولفت في حديث إلى "العربي" من بيروت إلى أن ما يهم صندوق النقد هو أن ترجع الدول المقترضة الأموال. كما يوضح أن الصندوق يعمل كمصرف يقرض دولة ما على أساس أن تقوم بإصلاحات هيكلية تنتج اقتصاد أكثر صحة. 

ويقول غانم: "إن مهمة صندوق النقد مراقبة صحة الاقتصاد العالمي"، مشيرًا إلى أن المشكلة في مصر وتونس متشابهة وتتمثل في أن القطاع الخاص غير فعّال وأن الدولة تأخذ حيزًا كبيرًا من الاقتصاد الوطني وتعاني من مشاكل بيروقراطية تجعل من عملية اجتذاب الاستثمار صعبة.

وإذ يؤكد الباحث الاقتصادي وجود تدخل سياسي في قرارات صندوق النقد، ولا سيما من قبل الولايات المتحدة باعتبارها تملك الحصة الأكبر من الاقتصاد العالمي، لكنه يشير إلى عملية ينفذها صندوق النقد حيث يتم عرض القرض على مجاس إدارة الصندوق الذي يأخذ القرار بشأن إمكانية إعادة الدولة للدين. 

ويعتبر أنه "يجب الحوار مع صندوق النقد بطريقة بناءة فمن المرفوض الدخول في إصلاحات مع صندوق النقد وأخذ المزيد من الدين في صرف مستباح".

المصادر:
العربي
شارك القصة