السويد تشتعل بعد حرق المصحف.. ما هو توقيت وخلفيات استفزاز المسلمين؟
تتوالى الصدامات في السويد منذ يوم الخميس الماضي، بين عناصر الشرطة والمتظاهرين المحتجين على جولة حركة مناهضة للمهاجرين والمسلمين، يقودها اليميني المتطرف راسموس بالودان الحامل للجنسيتين الدنماركية والسويدية.
وتضمنت جولة بالودان المتشدّد حرق نسخٍ من المصحف الشريف، يبدو أنها تأتي في إطار الترويج لحملته الانتخابية، وهو الذي يعتزم الترشح للانتخابات التشريعية المقررة شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.
وكانت الشرطة السويدية، قد كشفت أمس الإثنين، عن إصابة 26 من عناصرها و14 مدنيًا وتضرر 20 سيارة أمن في الأيام الأخيرة خلال الصدامات العنيفة مع المتظاهرين المحتجين على دعوات بالودان المتطرفة.
وفي منطقة نافستداد التي تخللت الاحتجاجات فيها حرق سيارات ورشق بالحجارة، اعتقل 26 شخصًا، ثمانية منهم أُوقفوا في مدينة نوركوبينغ، و18 آخرين في مدينة لينكوبينغ المجاورة.
ووصف قائد الشرطة السويدية الأحداث في مؤتمر صحافي بأنها "جرائم خطيرة للغاية ضد مجتمعنا".
جولة استفزازية بأبعاد سياسية
لكن حملة راسموس بالودان لجمع التوقيعات اللازمة لترشحه للانتخابات لم تنجح بعد، على الرغم من جولته الاستفزازية في السويد، على أحياء تقطنها نسبة عالية من المسلمين في مدينتي أوربرو ومالمو وضواحي من العاصمة ستوكهولم.
إنما ردّ الحكومة السويدية كان أبرد من نيران الحدث، حيث جاء على لسان رئيسة الوزراء السويدية ماغدالينا أندرسون أنه في السويد "يسمح للناس بالتعبير عن آرائهم سواء كان رأيهم جيدًا أم سيئًا فهذا جزء من ديمقراطيتنا".
وأثارت التجمعات التي نظّمتها الحركة المتطرفة الصغيرة وحرقت خلالها نسخًا من المصحف تنديدًا رسميًا في أنحاء العالم العربي.
دوافع راسموس بالودان
وتحدث مهند أبو زيتون الصحافي ومدير تحرير شبكة الكومبس في السويد لـ"العربي" عن خلفية المتطرف بالودان، مشيرًا إلى أنه في الأصل سياسي دنماركي حصل على الجنسية السويدية منذ أقل من عامين.
وأضاف: "حصل على جنسيته على خلفية أحداث شغب في مالمو عام 2020 فتقدم بطلب للجنسية السويدية من السلطات لأن والده سويدي".
وقبل السويد كان بالودان يطبق استفزازاته هذه في الدنمارك وفق أبو زيتون، الذي كشف أنه حاول أيضًا دخول البرلمان الدنماركي بناءً على شعبية قليلة حصل عليها نتيجة هذه التصرفات.
إنما أيضًا لم تخوله هذه التحركات المتشدّدة من دخول البرلمان، فحاول بعد ذلك اللجوء إلى فرنسا وبلجيكا للقيام بأنشطة معادية للإسلام استفزازًا للمسلمين هناك، لكن السلطات لم تسمح له فانتقل إلى السويد.
وحتى قبل عامين لم تسمح له السلطات آنذاك بحرق نسخٍ من المصحف الشريف والتظاهر ضد الهجرة والمسلمين لأنه كان مواطنًا دنماركيًا.
تحريف للأزمة
أما عن الوضع في المدن التي شهدت احتجاجات وصدامات عنيفة مؤخرًا، فينقل أبو زيتون لـ"العربي" أنه منذ يوم الخميس وحتى يوم أمس يمكن وصف الوضع بأنه "مشتعل" في عدة مناطق بالسويد و"تسبب بصدمة على ما يبدو للمجتمع السويدي".
وقال: "لم يتوقع أحد أن تصل الأمور إلى هذا الحد وأن تفقد الشرطة هيبتها بهذه السرعة والضراوة على يد محتجين بدأت حركتهم احتجاجية ثم تحولت إلى أعمال عنف ضد القوى الأمنية".
وعن الجو العام في الإعلام السويدي، تحدث مدير تحرير شبكة الكومبس عن الإضاءة والتركيز على هيبة الشرطة المفقودة، وكيف يمكن إعادة فرض القانون في المناطق التي تتسم بغالبية مهاجرة من المسلمين.
وتابع: "لم يعد الحديث في الإعلام السويدي الآن عن بالدوان واستفزازه للآخرين بل تحول النقاش إلى مسألة فرض القانون"، في إشارة إلى تحريف لواقع الأزمة.
المزاج الشعبي السويدي
وتطرق أبو زيتون إلى المزاج الشعبي السويدي ورد فعلهم على هذه التصرفات المسيئة للمسلمين لا سيما مع الزحف اليميني المتطرف في مختلف أنحاء أوروبا، متحدثًا عن أن اليمين المتطرف في السويد يتمدد منذ السنوات الأخيرة وتزداد شعبيته.
وبحسب الصحافي مهند أبو زيتون، يمتلك اليمين المتطرف اليوم ثالث أكبر حزب في البرلمان السويدي، وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى حصوله على نسبة 17% من تأييد الناخبين.
في المقابل، رأى أبو زيتون أن هذا اليمين ينتعش اليوم من خلال الأحداث كتلك التي جرت في الأيام الماضية.
وأضاف: "هناك اليوم صراع قيم حقيقي داخل المجتمع السويدي بين تلك المنفتحة على الآخر والمهاجرين وتلك القومية المنغلقة التي تستغل قيما أساسية في المجتمع للتحريض على المهاجرين منها حرية الرأي والتعبير".