شكل اغتيال العقيد بالحرس الثوري الإيراني حسن صياد خدايي ضربة جديدة لطهران وخصوصًا أن العملية حصلت على أراضيها.
وتأتي عملية الاغتيال على بعد خطوات من إعادة إحياء الاتفاق النووي، في حين أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن الثأر لدم خدايي الذي اغتيل أمس الأحد بإطلاق نار في طهران سيكون في متناول اليد.
وكان وزير الداخلية الإيراني أعلن تشكيل لجنة مشتركة من الأجهزة الأمنية والعسكرية لمتابعة التحقيقات في عملية الاغتيال.
وتزامنًا مع عملية الاغتيال، أعلن الحرس الثوري تفكيك شبكة تجسس مرتبطة بالموساد الإسرائيلي في طهران.
هذا الاغتيال ليس الأول لشخصية على الأراضي الإيرانية، لكن هذه المرة لم يكن المستهدف عالمًا نوويًا أو شخصية مرتبطة بالبرنامج النووي بل عقيد عمل في صفوف الحرس الثوري في سوريا.
ولم يصدر عن إسرائيل أي تأكيد أو نفي لضلوعها بعملية الاغتيال، لكن وسائل إعلامها سارعت إلى الكشف عن شخصية الرجل والملفات التي كان يشرف عليها كإرساله شخصًا لاغتيال القنصل الإسرائيلي في إسطنبول مطلع الشهر الجاري.
كذلك كشفت عن إشرافه على التخطيط لهجمات على مواقع إسرائيلية في أكثر من مكان.
هذا الاستهداف هو الأبرز لشخصية إيرانية منذ نوفمبر من عام 2020 حين تم اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة في إطلاق نار على موكبه قرب طهران. ووجهت أصابع الاتهام حينها إلى إسرائيل أيضًا.
حرب أمنية واستخبارية
رئيس تحرير جريدة الوفاق الإيرانية مختار حداد يوضح أن الإعلان عن تفكيك خلية للموساد في إيران صودف بذات التوقيت مع عملية الاغتيال، مستبعدًا وجود خرق للأجهزة الأمنية الإيرانية.
وأشار في حديث إلى "العربي" من إيران إلى وجود حرب أمنية واستخبارية مستمرة منذ سنوات بين طهران وتل أبيب، معتبرًا أن إيران حققت إنجازات في هذه الحرب.
وقال إن عملية الاغتيال هذه لا تعني وجود ضعف أمني من الجانب الإيراني، لافتًا إلى أن إيران كان لديها ردود على العمليات السابقة، مذكرًا بمقتل عالم إسرائيلي في أحد الفنادق تزامنًا مع عملية "سيف القدس" العام الماضي.
اقتراب الإعلان الصريح عن المواجهة
الخبير بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي شدد على أن عملية اغتيال خدايي ليست الأولى التي تنفذ في هذا الشكل، مذكرًا بمقتل عدد كبير من الشخصيات في السنوات الماضية وخصوصًا من العاملين في المجال النووي في إيران.
وأشار في حديث إلى "العربي" من رام الله إلى أن أغلب العمليات تتم إما بإلصاق عبوة ناسفة تحت السيارة المستهدفة عبر أشخاص يركبون الدراجات النارية أو بإطلاق نار.
ولفت إلى أن وسائل إعلام غربية حددت دور إسرائيل بعمليات مماثلة استهدفت إيرانيين، حيث تحدثت المعلومات عن قيام تل أبيب بتحديد موقع قائد الحرس الثوري قاسم سليماني الذي اغتيل في يناير 2020 من قبل الولايات المتحدة في العراق.
وفيما رأى أن إسرائيل لا تعلن مسؤوليتها عن عمليات مماثلة ولا تنفي أيضًا، قال البرغوثي: "يبدو أن إسرائيل تقترب شيئًا فشيئًا من الإعلان الصريح عن تفاصيل المواجهة مع إيران".
التواجد الإيراني في سوريا نعمة ونقمة لتل أبيب
أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة قطر محجوب الزويري يتحدث عن قلق إسرائيلي متزايد من الوجود الإيراني في سوريا.
ويوضح في حديث إلى "العربي" من الدوحة أن هذا الخطر كان إيقاعه مضبوطًا بواسطة الوجود الروسي حيث استطاعت تل أبيب من خلال تحالفها مع موسكو من السيطرة على الوجود الإيراني في سوريا عبر ضرب قواعدها والمتحالفين معها.
وأشار إلى أن تواجد إيران في سوريا شكل نعمة ونقمة لإسرائيل، وشرح أن هذا الوجود شكل نعمة لتل أبيب بعدما مكنها من معرفة تفاصيل كثيرة عن العمليات العسكرية من خلال التجسس والتنصت والتعرف إلى شخصيات قيادية لم تكن تعرف عنها معلومات كثيرة.
أما النقمة بحسب الزويري فتتمثل بعدم القدرة على ضبط الوجود الإيراني في سوريا بعد الانسحاب الروسي، معتبرًا أن هناك قلقًا أساسيًا لدى تل أبيب وبحثًا في كيفية التعامل مع هذه المسألة.