قبل أيام من الانتخابات.. صحفيو تونس يشتكون من "تضييقات وضغوطات"
قبل ثلاثة أيام من الانتخابات التشريعية في تونس، اتهمت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الأربعاء، الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بـ"الضغط والتضييق" على وسائل الإعلام، سعيًا لإسكات الأصوات المنتقدة لعمل الهيئة ولمسار الانتخابات التي تقاطعها أغلب الأحزاب السياسية في البلاد.
وتُعتبر الانتخابات المقررة السبت، أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية فرضها رئيس البلاد قيس سعيّد في 25 يوليو/ تموز 2021، بعد حلّ مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو الماضي.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابًا وتكريسًا لحكم فردي مطلق"، بينما ترى قوى أخرى أنها "تصحيح لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
واستبدل سعيّد أعضاء هيئة الانتخابات وعيّن آخرين، ما أثار انتقادات واسعة اتهمته بالسيطرة على الهيئة، التي نظّمت انتخابات حرة وشفافة منذ ثورة 2011.
وبينما يقول معارضون وناشطون إن الهيئة الجديدة "لم تعد مستقلة، وأصبحت تابعة للسلطة"، ترفض الهيئة الانتخابات، وتقول إنها تعمل بشكل مستقلّ تمامًا.
تنبيهات لوسائل إعلام
وتحت عنوان "تهديدات متواصلة من هيئة الانتخابات لوسائل الإعلام"، قالت نقابة الصحفيين في بيان، إنّ هيئة الانتخابات تواصل "محاولة الانفراد بتنظيم عمل وسائل الإعلام وحصرها ضمن صلاحياتها".
وأضاف البيان: "تواترت محاولات التضييق على الأصوات الناقدة للمسار الانتخابي وللهيئة ومدى نجاعة عملها، ووجهت الهيئة مراسلتين للفت نظر وسائل الإعلام لما اعتبرته نشر أخبار زائفة من شأنها أن تنال من صفو النظام العام، على إثر انتقاد استقلاليتها ونجاعة عملها وحدود ولايتها على المسار الانتخابي".
وأوضحت أن الهيئة وجّهت "تنبيها" لموقع "بيزنس نيوز" لنشره مقالًا ينتقد الولاية الكاملة لهيئة الانتخابات، و"السطو على صلاحيات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (هيئة دستورية)".
واعتبرت هيئة الانتخابات هذا المقال "بثًا للأخبار الزائفة"، ملوحةً بملاحقة الموقع قضائيًا.
كما وجهت الهيئة تنبيهًا إلى إذاعة "صون أف أم" التابعة للمنظمة الرقابية "أنا يقظ" بشأن محتوى برنامج حواري يعتبر أن للهيئة "تأثير سلبي في المسار الديمقراطي".
واعتبرت النقابة أن "ممارسات الهيئة تدخل ضمن خانة الضغط بهدف توجيه التغطية الإعلامية والحد من موضوعية وسائل الإعلام".
ومهدّدةً بملاحقة الهيئة قضائيًا، شدّدت النقابة على أنه "لا يجوز مساءلة أي صحفي على رأي أو معلومة ينشرها وفقًا لأعراف المهنة وأخلاقياتها"، وجدّدت رفضها لانفراد هيئة الانتخابات بمراقبة عمل وسائل الإعلام في التغطية الانتخابية.
وقال متحدث باسم هيئة الانتخابات إن المراسلات الموجّهة لوسيلتي الإعلام "ليست تهديدًا، بل هي لفت نظر من صميم دورها".
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تقدّمت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا) بدعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضد هيئة الانتخابات، متهمةً إياها بالاستيلاء على صلاحياتها.
وأصدرت هيئة الانتخابات، في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قرارًا يتعلق بضبط القواعد والشروط التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية، وهو ما اعتبرته "الهايكا" تعديًا على صلاحياتها التّي يكفلها القانون والمرسوم رقم 116 في فصله 46.
وينصّ الفصل على أن الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري تتولّى بجميع الوسائل الملائمة مراقبة أداء المرشّحين ومنشآت الإعلام والاتصال السمعي والبصري خلال الحملة الانتخابية.
لكن صحفيين، ومن بينهم ممثلين لوسائل إعلام دولية، اشتكوا من عدم السماح لهم بالتحدّث مع المرشحين خلال الحملة الانتخابية، ومن تضييقات، فيما قال آخرون إن الهيئة أصبحت تهددهم بالملاحقة بسبب مقالات منتقدة للمسار أو لاستقلالية الهيئة.