Skip to main content

"أسترازينيكا".. فرنسا واستراتيجية التبعية

محمد الحاجي |
الإثنين 22 مارس 2021
رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس يتلقّى لقاح "أسترازينيكا" في مستشفى في ضواحي باريس في 19 مارس الجاري

ما إن أعلنت برلين قرار تعليق استخدام لقاح "أسترازينيكا" حتى أعلن الرئيس الفرنسي بعدها بدقائق أن باريس ستتوقف عن استخدامه أيضًا.

تراجعت ألمانيا عن قرارها، وصرّحت أنغيلا ميركل بأنها لا تمانع شخصيًا من أن تُلقّح بـ"أسترازينيكا"، فتراجع إيمانويل ماكرون عن قراره أيضًا، وشمّر رئيس وزرائه جان كاستكس عن ذراعه أمام شاشات التلفزة ليثبت لملايين الفرنسيين أن اللقاح البريطاني السويدي أسترازينكا "آمنٌ وفعّال"، معلنًا بذلك عودة هذا اللقاح إلى السوق الفرنسية لمن هم فوق الخامسة والخمسين من العمر، بحسب توصيات الهيئة العليا للصحة.

هذه التبعية السياسية لبرلين، كما وصفها سياسيون فرنسيون، نابعة بحسبهم من أخطاء السلطة التنفيذية الفرنسية وتخبّطها في مواجهة الفيروس، وغياب استراتيجية واضحة للتعاطي مع الوباء، مع عودة الحجر إلى البلاد للمرة الثالثة.

يرى أطباء فرنسيون أن استمرار العداء غير المبرر لـ"أسترازينيكا" سيؤخر حملة التلقيح التي تعاني أصلًا من بطء في وتيرتها.

توالت الانتقادات الموجهة إلى الحكومة الفرنسية من المعارضة التي رأت أن التنسيق الأوروبي لا يعني إعلاء صوت شريك على صوت شريك آخر؛ فالاتفاق كان يقتضي، بحسب المنتقدين، أن تنتظر دول الاتحاد الأوروبي قرار وكالة الدواء الأوروبية بخصوص "أسترازينيكا" قبل أن يأخذ أي طرف موقفًا ضده. لكن الضغط الداخلي الذي تعيشه ألمانيا، بسبب تطور الحالة الوبائية فيها، دفعها إلى اتخاذ قرار أحادي، بحسب أحد السياسيين الفرنسيين، تبعه قرار فرنسي غير مدروس.

أطباء فرنسيون كُثر لم يترددوا بالتصريح علانية أن بعض الجلطات التي نتجت عن "أسترازينيكا" ليست سوى حالات قليلة جدًا، ولا يمكن أن تؤكد إن كان اللقاح مضرًا وغير ناجع. ورأى هؤلاء أن التعامل بهذا الشكل مع "أسترازينيكا" كان من الأساس تعاملًا سياسيًا لا علميًا، وفي حال استمر العداء غير المبرر، برأيهم، للقاح البريطاني السويدي فستتأخر حتمًا حملة اللقاحات التي تُعاني أصلًا من بطء في وتيرتها؛ إذ إن فرنسا تأمل تلقيح عشرة ملايين شخص حتى منتصف أبريل/ نيسان المقبل، وهو رقم ضعيف جدًا إذا ما قورن بعدد الملقّحين في بريطانيا.

لم ينتظر الفرنسيون، ومعهم شركاؤهم الأوروبيون، من قبل قرارًا من هيئة الدواء الأوروبية كما حصل مع "أسترازينيكا". وعلى الرغم من توصيات الهيئة بنجاعة اللقاح، فإن المناكفة بين الاتحاد الأوروبي والشركة المصنّعة مستمر من دون هوادة، بعد تهديد الاتحاد لبريطانيا ومطالبتها بالإيفاء بوعودها وبالعقد المبرم معها وتسليم ما وعدت به سابقًا من جرعات إلى الدول الأوروبية، قبل التصدير إلى دول أخرى.

وفي مقابل هذا التوتر الأوروبيّ، يتلقّى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لقاح "أسترازينيكا"، مستعرضًا عضلاته أمام الكاميرات، وكأنه يقول: من يُصنّع اللقاح لا تُلوى ذراعه.

المصادر:
العربي
شارك القصة