عاد الموضوع الإيراني إلى موقع أكثر تصدّرًا في الأجندة الإسرائيلية العامة مع تسلّم إدارة جديدة برئاسة الديمقراطي، جو بايدن، سدّة الحكم في الولايات المتحدة، وظهور إشاراتٍ إلى نيتها العودة إلى الاتفاق النووي المبرم مع طهران سنة 2015 والذي انسحبت منه إدارة دونالد ترامب الجمهورية، تماشيًا إلى حدّ ما مع ضغوط مارستها إسرائيل عليها.
ويكمن أحد أسباب عودته في الوقت الراهن، على الرغم من أزمة فيروس كورونا وتداعياتها غير المسبوقة صحيًّا واقتصاديًّا، وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي المستمر منذ عامين، ليس فقط في ما يدفع نحوه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إنما أيضًا في ما يُوصف بأنه دخول قويّ لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، على خطّ المحذّرين من أن العودة إلى الاتفاق النووي ستكون بمثابة خطأ فادح، وخطوة ذات عواقب وخيمة إقليميًا وعالميًا على حدّ سواء. واشتمل دخوله هذا، في أكثر من مناسبة، على إعلانٍ صريحٍ مفاده أنه أصدر تعليمات إلى الجيش الإسرائيلي، تقضي بإعداد بعض الخطط العملانية لمواجهة إيران عسكريًا، وتأكيده أنه يجري العمل على تنفيذها بسرعة.
تختلف التقييمات في إسرائيل حيال فعلة كوخافي هذه، وما هي دوافعها المباشرة والخفيّة. ثمّة من يتهمه بمجاراة جوهر السياسة التي يتبعها نتنياهو، وبالذات حيال إيران ومنطقة الشرق الأوسط. وهناك من يعتقد أنه لولا هذه الفعلة ما كان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية ليسمح لسلاح الجو الإسرائيلي، بعد ثلاث سنوات من الانتظار، بشراء مزيد من المروحيات والطائرات الحربية وطائرات التزوّد بالوقود بنحو عشرة مليارات دولار، كما قرّر في مطلع الأسبوع الحالي.
في واقع الأمر، تفيد متابعة التطورات في الآونة الأخيرة أن تحذير كوخافي من إيران غير مقتصر على مسار برنامجها النووي وأبعاده، في ما يتعلق بإسرائيل ودول أخرى في الإقليم، بل يتعدّاه إلى التحذير من مغبة اقتراب إسرائيل مما تُنعت بأنها "أخطر حرب في تاريخها"، والتي سبق لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن سمّاها "حرب الشمال الأولى".