لم يكن يدور في خلد أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، ديفيد بن غوريون، وهو يطلق قولته المعلومة: ''الكبار سيموتون والصغار سينسون''، أن الشعب الفلسطيني، بأجياله المتعاقبة، سينجح في اختبار الذاكرة وإبقاء قضيته حية أزيد من سبعة عقود.
مات الأجداد والآباء، لكن الأحفاد لم ينسوا، وظلوا يتوارثون حكايات بيوتهم التي سطا عليها المستوطنون الصهاينة الأوائل. وذلك ما يرعب الكيان الصهيوني؛ إصرار الفلسطينيين، في أراضي الـ 48 والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، على الدفاع عن عدالة قضيتهم واستماتتهم في إبقاء فصولها المأساوية مفتوحة أمام الضمير العالمي.
ما يحدث، داخل المدن المحتلة سنة 1948، يُذكّر بالطبيعة المركّبة للصراع، ويعزّز وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة المؤامرات التي تستهدف الإجهاز على حقوقه. وكان الإضراب الشامل الذي عمّ، الثلاثاء الماضي، هذه المدن ومحافظات الضفة الغربية، تنديداً بالعدوان على غزة وغيرها، رسالةً دالّة ليس فقط إلى قادة إسرائيل، بل إلى كل القوى الإقليمية والدولية التي تريد تعويم القضية في تسوياتٍ مشبوهة.