الإثنين 13 مايو / مايو 2024

آخرهم راشد الغنوشي.. ما دلالات حملة اعتقال قادة المعارضة في تونس؟

آخرهم راشد الغنوشي.. ما دلالات حملة اعتقال قادة المعارضة في تونس؟

Changed

حلقة من برنامج "للخبر بقية" تلقي الضوء على دلالات اعتقال السلطات التونسية لرئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي (الصورة: غيتي)
داهمت فرقة أمنية تونسية منزل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قبل اعتقاله، في خطوة تمثل تصعيدًا لحملة استهدفت العديد من المعارضين البارزين للرئيس قيس سعيّد.

تُصعد السلطات التونسية حملتها ضد المعارضين والناشطين السياسيين من جديد، فبعد ساعات من اعتقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و3 من قياديي الحزب، مُنعت اجتماعات في مقرات "النهضة" بالموازاة مع إغلاق قوات الشرطة مقر اجتماعات جبهة الخلاص الوطني.

ووضع الرئيس التونسي قيس سعيّد هذا التصعيد في سياق ما أسماها "حرب تحرير وطني وفرض السيادة الكاملة على بلاده"، على حد تعبيره.

وكانت فرقة أمنية تونسية داهمت مساء الإثنين منزل رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، حيث تم اقتياده إلى جهة غير معلومة بحسب بيان حركة النهضة.

ورغم توقيف الغنوشي قبل ذلك، إلا أن النهضة اعتبرت اعتقاله الأخير تطورًا خطيرًا، مطالبة السلطات التونسية بالكف عما وصفتها "استباحة نشاط السياسيين المعارضين".

في المقابل، بررت وزارة الداخلية إيقاف الغنوشي بأنه جاء بأمر من النيابة العامة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، لكن تبريرها ظهر متناقضًا حينما قالت إن دافع الاعتقال يكمن بما وصفتها بـ"تصريحات تحريضية للغنوشي" البالغ من العمر 81 عامًا.

وتبدو إجراءات الملاحقة الجديدة بحق المعارضين بمختلف مرجعياتهم الأيديولوجية والسياسية تتخذ بعدًا تصعيديًا أكبر، فاستخدام قيس سعيّد مصطلحات من قبيل الحرب والسيادة، يؤشر على أنه ماضٍ في تنفيذ سياساته المثيرة للجدل.

وكان هذا جليًا في وعيده للمعارضين، حينما دعا إلى "التصدي لمن يعطل مسار الشعب، أو يحوّل البلاد إلى مجموعة من المقاطعات"، على حد تعبيره.

رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي
رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي - غيتي

ولم تختلف اتهامات سعيّد عن سابقاتها لتسويغ ملاحقة المعارضين والتضييق عليهم، لأنها تظهر كعناوين عامة متشابهة ضمن نظرية مؤامرة يتبناها الرجل من دون دليل أو تأكيد من جهات محايدة على الأقل.

ولم تسعف الرئيس التونسي محاولات زجه للقضاء بهدف شرعنة إجراءاته المتدحرجة ككرة الثلج، ومع ذلك واصل في أحدث خطاب له عملية إقحام القضاء بطريقة بدا فيها وكأنه يعطي تعليمات للسلطة القضائية، عبر دعوته لها إلى لعب دور في هذه المرحلة.

إذًا هو أسلوب أظهر سعيّد رئيسًا قد أزال الفاصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، لدرجة أن الأخيرة بدت تحت إمرة الرئيس التونسي.

رابط بين تصريحات الغنوشي وإيقافه؟

وفي هذا الإطار، يرى الكاتب المختص في التاريخ السياسي بلحسن اليحياوي أن "كل ما يصدر عن الغنوشي وعن سواه، من المفروض أن يدخل تحت خانة حرية التعبير"، مستبعدًا أن "يكون هناك رابط وثيق بين عملية إيقاف رئيس حركة النهضة وبين ما صرح به".

ويضيف في حديث لـ"العربي" من العاصمة تونس، أنه "لا يمكن، وتحت أي ظرف أو ضغط أو منطق، أن يوقف الأشخاص بسبب تعبيرهم عن رأيهم وإن كان متطرفًا".

ويشير اليحياوي إلى أنه "حتى اللحظة لا يوجد أي دليل على أن سعيّد يضع يده على القضاء"، مشيرًا إلى أن "ثمة الكثير من الأدلة على أن المواجهة بين الجسم القضائي والرئيس التونسي ما زالت مستمرة".

ويعرب اليحياوي عن اعتقاده بأن "المسارعة الآن إلى توصيف ما يحدث بأنه تصفية لخصوم سياسيين، فيه شيء من التجاوز والمكابرة".

ويخلص إلى أن "الرئيس التونسي ماضٍ في طريقه الذي أعلن عنه من 25 يوليو/ تموز 2021، دون أن يحيد قيد أنملة، وكل ما يدعيه خصومه من أنه مأزوم ومعزول عن الخارج، لم يقع إثباته بالدليل"، مشيرًا إلى أن "المعارضة لا تزال تقبع في مكانها ولم تتقدم أي خطوة".

"سياسية الانقلاب"

من جهته، يرى القيادي في حركة "مواطنون ضد الانقلاب" أحمد الغيلوفي، أن "اعتقال الغنوشي يأتي ضمن إطار كامل لسياسة رجل انقلابي دمّر مجلس نواب منتخب وغيّر دستورًا للبلاد وذهب لاعتقال أناس أبرياء دون أي حجة، ثم فوجئ بأن الشعب التونسي ليس معه، وظهر ذلك جليًا في الانتخابات والاستفتاء".

وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة تونس، يشير الغيلوفي إلى أن "الرئيس سعيّد فشل فشلًا ذريعًا ولم يجد غير النهضة والإسلاميين الضحية الأبدية للدولة العربية المعاصرة، ليجلدهم ويشفي غليل كثير من المرضى حتى يصفقوا له وينسون الدواء والغذاء والثغرة الهائلة في ميزانية الدولة التونسية، والفشل السياسي والاقتصادي الذريع في البلاد".

ويؤكد القيادي في حركة "مواطنون ضد الانقلاب" أنه "لا يوجد في تونس دولة مؤسسات أو قانون، فسعيّد منذ الانقلاب استهدف القضاء ودمر المجلس الأعلى للقضاء".

"انتهاك حرية التعبير"

من ناحيته، يوضح الباحث السياسي محمد اليوسفي أن "راشد الغنوشي مواطن كباقي التونسيين يخضع للمساءلة وللقانون وللدستور، فبالتالي لا يمكن الحديث عن انعطافة خطيرة".

ويضيف في حديث لـ"العربي" من تونس، أن "ما كان ينتظره التونسيون من خلال عملية الإيقاف التي وصفها بالاستعراضية، أن يكون هناك فعلًا قرائن وأدلة وتهم خطيرة بحق الغنوشي، الذي يُعتبر الصندوق الأسود لمصدر الأموال في حركة النهضة".

ويردف اليوسفي أن راشد الغنوشي "له شبكة علاقات واسعة، لكن التهم الموجهة إليه اليوم تتعلق بالرأي السياسي، وبتصريحات أدلى بها وبالتالي هذا ما يضفي الطابع السياسي على العملية الأمنية الاستعراضية".

ويرى أن التهم الموجهة لرئيس حركة النهضة تأتي "ضمن إطار انتهاك حريته كمواطن تونسي في التعبير عن آرائه السياسية"، مؤكدًا أن "الأمر لا علاقة له بفساد سياسي أو مالي أو تخابر".

وفيما يشدد الباحث السياسي محمد اليوسفي على أن" هذا الأمر يثري الطابع الانحرافي لمسار 25 يوليو، وهو تكملة لإيقافات سابقة"، يرى أن "التهم الموجهة للغنوشي ولغيره سياسية تهدف لضرب طرف سياسي قوي في صفوف المعارضة".

ويخلص اليوسفي إلى أن "ما يجري اليوم في تونس هو انحراف بالسلطة وانتكاسة في أفق ديمقراطي حقيقي".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close