الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

أزمات ليبيا تتكاثر.. إغلاق حقول نفطية يؤدي إلى انخفاض حاد في الإنتاج

أزمات ليبيا تتكاثر.. إغلاق حقول نفطية يؤدي إلى انخفاض حاد في الإنتاج

Changed

ليست الأزمة الأولى في القطاع النفطي في ليبيا، لكنّها هذه المرّة أدّت إلى انخفاض حاد في الإنتاج، الذي تراجع من مليون و300 ألف برميل إلى 950 ألفًا.

تتكاثر أزمات ليبيا، فإلى جانب أزمة الانتخابات المتواصلة، على وقع "التسليم" بتأجيلها شبه المحسوم، ظهرت أزمة جديدة هذه المرّة في القطاع النفطي.

فقد أعلن حرس المنشآت التابع لوزارة الدفاع عن إغلاق خمسة حقول للنفط، بينها حقل الشرارة الواقع في الصحراء جنوب غربي البلاد، وأيضًا حقل الوفاء على الحدود الغربية مع الجزائر.

أما خلفية القرار فهي عدم تلبية مطالب حرس المنشآت النفطية المتمثلة بحل مشاكل فرعها جنوب غربي البلاد، وقد أدّى الإغلاق إلى انخفاض حاد في إنتاج النفط في البلاد.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فإلى أيّ مدى يمكن أن تلقي عملية الإغلاق بظلالها على الواقع السياسي المعقد؟ وهل للقرار خلفيّات سياسية أم أنه مجرد تطور إداري وأنّ المطالب هي التي تقف وراء القرار؟

وأبعد من هذا وذاك، كيف ستتعامل السلطة السياسية مع هذا الوضع المستجد خصوصًا في ظلّ تداعيات الإغلاق على سعر الدولار والبضائع ووفرة الوقود في البلاد؟

هل يصمد الاستقرار في ليبيا؟

هي ليست الأزمة الأولى في القطاع النفطي في ليبيا، لكنّها هذه المرّة أدّت إلى انخفاض حاد في الإنتاج، ذلك أنّ البلاد تنتج مليونًا و300 ألف برميل يوميًا، ومع توقف هذه الحقول، ينخفض إلى 950 ألفًا.

وقد دفع تطور الأزمة المؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان حالة القوة القاهرة، إذ شدّدت على تعذر وصول الخام إلى ميناء الزاوية الواقع غرب العاصمة طرابلس، وأيضًا إلى ميناء مليتة للنفط والغاز بالعاصمة، ولهذا تداعيات.

من هذه التداعيات الطوابير على محطات الوقود، في حين ارتفع الدولار بالفعل إلى خمسة دنانير، على وقع ارتفاع أسعار البضائع أيضًا. وعدا عن هذا وذاك هناك ظلال هذه الأزمة على الوضع السياسي المتأزم، فالخلافات بين الأشخاص والمؤسسات آخذة في الظهور مجددًا وتحتدم كما في السابق.

يحصل كلّ ذلك في وقت يتعرقل إجراء الانتخابات في موعدها، فيما الأمن في البلاد هش ويتعرض بين الحين والآخر إلى هزة ما يرسم علامة استفهام بشأن مستقبل الاستقرار في البلاد.

من هو المسؤول عن الإغلاق؟

يشير الباحث في شؤون النفط والغاز الليبي أحمد الغول إلى أنّ "ما يسمى بجهاز حرس المنشآت النفطية هو المسؤول الأول عن هذا الإغلاق"، بحسب ما تمّ الإعلان عنه.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من طرابلس: "قد تختلف المسببات التي دفعت هذه المجموعات إلى اتخاذ مثل هذا القرار خصوصًا في ظلّ الوضع الحسّاس، ونحن نعلم الانتعاش الذي يشهده قطاع النفط عالميًا وما يعكسه ذلك على الوضع الليبي".

إلا أنّه يعتبر أنّ "هذا الأمر يأخذ منحى آخر ويزيد المشهد تعقيدًا أكثر مما هو معقّد وقد تكون له أبعاد سياسية أخرى".

ويلفت إلى أنّ "المفارقة الغريبة أنّ التشكيلات المسلحة بصفة عامة تخضع للقانون العسكري بالدرجة الأولى"، متحدّثًا كذلك عن "تراتبية عسكرية (أمراء تشكيلات وأمراء سرايا وكتائب غيرها منقسمة حسب تقسيمات معينة مدروسة".

لكنّه يضيف أنّ "مثل هكذا خطوات تجعل الفاعل الذي ارتكب مثل هكذا جريمة في اقتصاد بلاده مجهولًا، أمر يطرح تساؤلات كثيرة حقيقة".

"مشاكل شخصية"

في المقابل، يتحدّث أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة طبرق حمزة جبريل عن مشكلة شخصية بين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله ووزير النفط خلف إغلاق الحقول النفطية.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من طبرق: "من ناحية اقتصادية سياسية تمّت شخصنة الموضوع من خلال مجموعة من القرارات التي اتخذها رئيس المؤسسة صنع الله".

ويستغرب تعريض أحد أعمدة الدولة الليبية، أي قطاع النفط، إلى الخطر بسبب أمور شخصية، لا سيما وأنّ ليبيا تُعتبَر من الاقتصادات الريعية، ويشكّل قطاع النفط أحد أهمّ مواردها.

ويعتبر أنّ هذه المشكلة تتطلب حلًا من الحكومة والمجلس الرئاسي والسلطات الأعلى في الدولة الليبية نظرًا لأثر هذه المشاكل الشخصية على الوضع الاقتصادي في ليبيا.

ويشدّد على أنّ الحقول التي تمّ إيقاف النفط فيها تشكل ما بين 20 و25% من ثروة ليبيا النفطية، مشيراً إلى وجود مشاكل كثيرة في ليبيا، بينها مشاكل اقتصادية تتعدى مشكلة النفط وكذلك المشاكل الاجتماعية.

ويقول: "يبدو أنّ الساسة أو المسؤولين في الدولة الليبية يرغبون في حدوث مثل هذه المشاكل لإطالة الأزمة في ليبيا لغرض ما أو هدف ما، لكن الشعب الليبي وصل إلى مرحلة لا رجوع عن الانتخابات".

"لوبي الفساد المتغلغل في المؤسسات"

أما الباحث والأكاديمي مختار الجديد، فيعتبر أنّ إغلاق حقول النفط هذه المرة يأتي مختلفًا عن المرات السابقة حيث كان للأمر في السابق خلفيات سياسية في حين أنه هذه المرة يبدو مرتبطًا بجانب إداري بالدرجة الأولى وبلوبي الفساد المتغلغل داخل مؤسسة النفط وداخل كل ليبيا.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من مصراتة، إلى أنّ ليبيا تتبوأ مراتب متقدمة على مستوى الفساد في العالم وأغلب المؤسسات في ليبيا يشوبها الفساد، متحدّثًا في هذا الإطار عن "صرار مرير" بين اللوبيات الموجودة داخل المؤسسات النفطية.

ويقول: "لا تتصوّر أنه يمكن أن يتصارع مدير مع مدير آخر على منصب رفيع في إحدى المؤسسات من أجل لا شيء"، مضيفًا: "هناك صراع على الغنيمة وفساد مستشرٍ". لكنه يشير إلى أنّ هذا الفساد محصور بالمستوى الإداري، ولا يصل إلى عقود النفط.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close