Skip to main content

"إسرائيل دمرت كل شيء جميل".. الفلسطينيون يرثون أماكن غزة التاريخية

الإثنين 5 فبراير 2024
قصف الاحتلال الجامع العمري والكنائس في مدينة غزة - الأناضول

خلال 122 يومًا من الحرب على غزة، أحالت إسرائيل أكثر من 200 مبنى تاريخي وتراثي وثقافي في غزة إلى أنقاض، بما في ذلك المساجد والمقابر والمتاحف. وتحوّلت الثقافة والتاريخ بالنسبة للفلسطينيين القلائل الذين بقوا في القطاع، وللنازحين الذين يأملون في العودة إلى منازلهم، إلى مجرد ذكريات.

من بين تلك المباني الجامع العمري في مدينة غزة، الذي انهارت جدرانه ومئذنته. ويعود تاريخ المسجد إلى القرن السابع، وهو الأكثر شهرة في غزة. وكانت المناطق المحيطة به نقطة محورية في تاريخ وثقافة القطاع الفلسطيني؛ لكن الضرر الذي لحق بتراثه على مدى أكثر من 100 يوم من القصف الإسرائيلي امتد عبر أنحاء المدينة.

وقال بدر الزهارنة الذي يعيش في مدينة غزة مع كثافة العملية البرية الإسرائيلية فيها، لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إنّ "المدينة أصبحت مدينة أشباح، يتجوّل فيها الناس بوجوه شاحبة وأرواح متعبة بعد أن مرّوا بهذه الحرب"، مضيفًا أنّه "إذا مشيت إلى مدينة غزة القديمة، فلن ترى سوى الذكريات وستشعر بالاشمئزاز والحزن بسبب حجم الدمار الذي لحق بالمواقع الثقافية والدينية".

وأضاف: "من يمشي في غزة يظنّ أنّه في فيلم، في قصة خيالية، المشهد مروع".

تدمير 207 مبانٍ تاريخية

وأفادت وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن حماية الثقافة (اليونسكو)، بأنّها تحقّقت من الأضرار التي لحقت بما لا يقلّ عن 22 موقعًا، بما في ذلك المساجد والكنائس والمنازل التاريخية والجامعات والأرشيفات والموقع الأثري لميناء أنثيدون، أول ميناء بحري معروف في غزة.

وأضافت الوكالة أنّها تلقت تقارير عن أضرار لحقت بمواقع أخرى، لكنّها لم تتمكّن من التحقّق منها بسبب الحرب.

وحذّرت "اليونسكو" من أنّ المزيد من المواقع معرّضة للخطر، بما في ذلك دير سانت هيلاريون وهو أحد أقدم الأديرة المسيحية في المنطقة، والذي يقع في منطقة تشهد قتالًا عنيفًا، مبدية قلقها العميق بسبب الأضرار التي لحقت بالمواقع الثقافية والتاريخية في غزة، "وإذ تعتبر حالات الطوارئ الإنسانية أولوية مشروعة، فإن حماية التراث الثقافي بجميع أشكاله يجب أيضًا ضمانها، وفقًا للقانون الدولي الذي ينصّ على أنّ الممتلكات الثقافية هي بنية تحتية مدنية".

بدورها، ذكرت وزارة الثقافة الفلسطينية في أحدث تقرير حول الأضرار الإسرائيلية التي لحقت بالتراث الفلسطيني، أنّ القصف الإسرائيلي على غزة دمّر 207 مبانٍ ذات أهمية ثقافية أو تاريخية، بما في ذلك 144 في المدينة القديمة و25 موقعًا دينيًا.

وشملت الأضرار مقبرة رومانية قديمة ومقبرة حرب الكومنولث التي دُفن فيها أكثر من 3 آلاف جندي من بريطانيا ودول الكومنولث خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.

"حزن مدى الحياة"

وقال المصوّر وسام نصار إنّ الأضرار التي لحقت بالمسجد العمري ومحيطه أصابته شخصيًا بالحزن، مضيفًا أنّ هذا المسجد يحظى بمكانة خاصة لدى كل فلسطيني في غزة، حيث كان نقطة تجمع خلال شهر رمضان ومكانًا للعبادة وقراءة القرآن الكريم.

وأضاف نصّار الذي غطّى عدة حروب في غزة ووثّق ثقافتها: "أتذكّر المدينة القديمة، بما في ذلك الحمامات التركية المدمّرة الآن. كما أنّ الأضرار التي لحقت بالمواقع المسيحية، مثل مجمع كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية بالقرب من المسجد العمري، أضرّت بالتنوع الديني في غزة".

وأوضح أنّه كمُصوّر، سيحمل الحزن طوال حياته، لأنّ هذه المباني التاريخية يصعب ترميمها، وخسارتها لا تعوض، "لكنّ الحزن الأكبر سأشعر به عندما أنظر إلى الصور التي التقطتها داخل هذه المواقع الأثرية".

وقال: "للأسف، إسرائيل دمّرت كل شيء جميل في غزة. لم تهدف إلى تدمير البشر فحسب، بل أيضًا الحجارة والبنية التحتية والمباني التاريخية. تريد القضاء على الحياة البشرية والتراث الثقافي".

من جهته، قال إسبر صابرين، رئيس منظمة التراث من أجل السلام غير الحكومية، إنّ الضرر الذي لحق بتراث غزة سيكون دائمًا، ويصل إلى ما هو أبعد من المباني المادية، مضيفًا أنّ ما حدث للمواقع الدينية سيؤثر على الحياة الاجتماعية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، وسيستغرق إعادة تأهيلها وقتًا طويلًا.

وأضاف أنّ تدمير التراث في غزة هو أيضًا تدمير للتقاليد وللعادات والثقافة، "إنّه تدمير هائل للتراث أنّ يتم فصل سكان غزة عن أرضهم عمدًا".

وقال: "من المهم الحفاظ عليها واستعادتها. عندما تتوقف الحرب ستكون هناك حاجة لتقييم ما تم تدميره".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة