Skip to main content

إفراج إيران عن باقر نمازي.. تبريد للأجواء الحامية أم صفقة سياسية؟

الأربعاء 5 أكتوبر 2022

تقول الولايات المتحدة إنّها تتمسك بسياسة العقوبات الاقتصادية ضد إيران في محاولة لجذبها إلى طاولة المفاوضات النووية، لكن ما يحدث هو أنّ طهران تتمسك بملف الموقوفين الأجانب لديها لتحرير أموالها المحتجزة في كوريا الجنوبية وقيمتها نحو 7 مليارات دولار.

وقد خرج باقر نمازي، وهو إيراني أميركي من سجن "إيفين"، ضمن صفقة للإفراج عن أموال إيرانية.

وحررت وساطة عُمانية قطرية نمازي، وينتظر معتقلون أميركيون آخرون لدى إيران دورهم ضمن المفاوضات على بنود الاتفاق ومراحله.

ملفات متقاطعة

لكن الجمهورية الإسلامية تفك الارتباط بين عملية الإفراج عن نمازي وملف المحادثات النووية، بحسب خارجيتها، وتحصره فقط بتحرير أرصدة مالية مجمدة لصالحها.

ورغم النفي الإيراني، تُعد الملفات متقاطعة وتشبه قضية المعتقلين الحجر في بحيرة الاتفاق النووي.

إلى ذلك، تكبر دائرة التحرك منذ الاجتماعات التي عقدها كبير المفاوضين النوويين الإيراني علي باقري كني ومسؤولون آخرون على هامش أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ولقاءات مماثلة أيضًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أواخر الشهر الماضي.

وتتبنى تصريحات لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان مع منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل التفاؤل والتقدم في المسار التفاوضي.

تبريد الرؤوس الحامية

وترى طهران تحرير نمازي من مجهر تبريد الرؤوس الأوروبية والأميركية الحامية ضدها، على خلفية الاحتجاجات الداخلية عقب مقتل الشابة مهسا أميني.

وكثيرًا ما انتهجت إيران هذه السياسة منذ أزمة رهائن السفارة الأميركية عام 1979؛ وهم معتقلو الأوراق السياسية حيث تكون الصيغة النهائية "رابح رابح".

ومن جهة الولايات المتحدة، يحتاج رئيسها جو بايدن إلى مكاسب تزيد نقاطه في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الشهر المقبل، لذا فقد استغل لحظة التظاهرات لمساومة إيران.

"إطلاق نمازي لأسباب إنسانية"

يوضح الزميل في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية مارك فيتزباتريك، في ما يتعلق بقول "إيران حول 7 مليارات دولار سيتم الإفراج عنها من الأصول المجمدة في كوريا الجنوبية"، بأن الخارجية الأميركية نفت ذلك.

ويذكر في حديثه إلى "العربي" من واشنطن، بأنه عندما تكون هناك حكومتان تقولان أشياء متناقضة، فهو يصدق الحكومة في بلد فيه حرية للصحافة والإعلام وتقوم الأخيرة بمحاسبتها.

ويرجح بأن إيران أطلقت سراح باقر نمازي لأسباب إنسانية لأنه يبلغ من العمر 85 عامًا وفي حالة صحية سيئة، وإذا ما لقي حتفه في الحجز الإيراني فتلك وصمة عار لها.

ويعلق على الحديث عن قضايا سياسية في الولايات المتحدة تتعلق بالانتخابات النصفية، بالقول إن هناك قضية أكبر من ذلك تجعل من المحال على إدارة بايدن أن تظهر أي رأفة أو ليونة مع الحكومة الإيرانية.

ويرى أن المظاهرات التي اندلعت في شتى أنحاء إيران بشأن مسألة الحجاب وقتلت فيها السلطات عشرات المتظاهرين هي أكبر سبب يحول دون حسم المفاوضات النووية.

المواطن الإيراني الأميركي باقر نمازي أثناء وصوله إلى العاصمة العمانية مسقط - غيتي

"جزء من الحلول الصغرى"

بدوره، يلفت أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران حسن أحمديان، إلى أن القضية شائكة بين الدولتين؛ فهناك إيرانيون محتجزون في الولايات المتحدة واحتجازات لأميركيين في إيران.

ويشرح في حديثه إلى "العربي" من طهران، أن حلولًا طرحت في مراحل مختلفة، وقبل ما يقارب الشهرين توصل الطرفان إلى شيء من الحل حول الشخصين الذين أُطلق سراحهما، لكن عُقدت المسألة في نهاية المطاف، ثم يبدو أنهما توصلا إلى حل في هذا الشأن.

ويرى أن القضية جزء من الحلول الصغرى، لأن الحل الكبير الذي كان ينتظره الكثيرون في فيينا جرى تعقيده حتى الآن.

ويذكر بأن الإيرانيين يقولون إن الولايات المتحدة تنتظر الانتخابات النصفية لذا فهي تعقد العودة للاتفاق.

ويوضح أن الرسميين في إيران يقولون أيضًا إنه لا ربط بين الإفراج عن أموال إيران والإفراج عن هؤلاء المتهمين فيها، لكن يبدو في النهاية أن هناك شيء من الاتفاق وإلا فما السبب في الإفراج عنهما في هذه المرحلة؟.

ويخلص إلى أن الأمر فيه جزئيات ستتكشف شيئًا فشيئًا في مراحل لاحقة.

"علاقة فيها الكثير من عدم الثقة"

من ناحيته، يشير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري إلى أن سياق العلاقة بين واشنطن وطهران فيه الكثير من عدم الثقة المتبادل والاتهامات المتبادلة في قضايا معروفة.

ويشير في حديثه إلى "العربي" من الدوحة، في ما يتعلق بالعقوبات إلى خوف داخل الولايات المتحدة الأميركية بأن ما يقوله بايدن موسمي، لا سيما فيما يخص قضايا حقوق الإنسان.

ويذكر بأن الملف الإنساني انتقائي ويتم توظيفه من قبل كل دول العالم، لافتًا إلى التناقض في الموقف الأميركي والمعايير المزدوجة في التعامل مع القضية، ففيما تغض واشنطن الطرف عما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من تنكيل بالفلسطينيين تنتقد إيران في التعامل حتى مع المواطنين الإيرانيين.

وينفي في هذا الصدد أن يكون يدافع عن إيران، مؤكدًا أنه لا يتفق مع السياسة الرسمية فيما يتعلق بطريقة مقاربتها للمحتجين. 

ويؤكد أن الأمور ستبقى عالقة وعرضة لاتهامات متبادلة ما دام سياق عدم الثقة مستمر والطرفان غير قادرين على حل المشاكل بينهما؛ وعلى وجه التحديد الملف النووي وعودة إيران إلى هذا الاتفاق. 

المصادر:
العربي
شارك القصة