الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

الاستعمار الاستيطاني في أيرلندا وفلسطين.. أوجه شبه واختلافات

الاستعمار الاستيطاني في أيرلندا وفلسطين.. أوجه شبه واختلافات

Changed

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تسلط الضوء على أوجه الشبه بين التجارب الاستعمارية من أيرلندا إلى جنوب إفريقيا إلى فلسطين، وتتحدث عن تطبيق بريطانيا خبرتها الأيرلندية في فلسطين
حصلت أيرلندا بعد قرون من النضال ضد الاحتلال البريطاني الاستيطاني على استقلالها الرسمي عام 1922 فيما لا يزال الفلسطينيون على الدرب الطويل سائرين.

خضعت شعوب كثيرة حول العالم للاستعمار وتحررت منه كما تعرضت شعوب أخرى للاستعمار الاستيطاني.

وفي بعض الحالات تمكن هذا الاستعمار الاستيطاني من بعض الشعوب فأنهى وجودها كما حصل للشعوب الأصلية في أميركا الشمالية وكندا وأستراليا، وفي حالات أخرى تمكنت شعوب من التحرر من هذا الاستعمار على غرار الأيرلنديين، فيما لا يزال البعض يناضل من أجل التحرر مثلما يحصل مع الشعب الفلسطيني.

وتتشابه حالتا الاستعمار الاستيطاني في أيرلندا وفلسطين في مشتركات عدة وتختلفان في أمور أخرى.

فقد وصف المؤرخ الإنكليزي توماس ماكولي احتلال بلاده لأيرلندا بالقول: "لقد عملنا من أجل إبادة شعب بأسره في بلاد نبت فيها وشب وترعرع".

وبدأ الزحف الإنكليزي إلى أيرلندا منذ أيام هنري الثاني بين عامي 1154 و1189 حيث تم الاستيلاء على الأراضي بحجج دينية وتم الاعتماد عليها مصدرًا للأموال، وثار الأيرلنديون أكثر من مرة إلا أن الإنكليز قمعوهم بوحشية.

وكان من سياسات الإنكليز مع كل ثورة مصادرة المزيد من الأراضي فيما كان الفلاحون الأيرلنديون في القرن التاسع عشر يرسلون إلى بريطانيا ملايين الجنيهات. وإذا عجز أيرلندي عن الدفع فيجرده البريطانيون من أرضه ومسكنه.

هذا الأمر دفع أصحاب الأرض إلى الهرب من بلادهم، فهاجر في نصف قرن 4 ملايين إيرلندي أغلبهم إلى أميركا.

وحاولت إنكلتر فرض المذهب البروتستانتي على الأيرلنديين الكاثوليك وأجبرتهم على إنشاء كنيسة بروتستانتية وطرد القساوسة الكاثوليك.

إلا أن الكاثوليك قاوموا هذا كله وأدخلو إلى البرلمان عام 1829 ونجحوا من خلاله بإجبار الحكومة على إلغاء الكنيسة الإنكليزية في بلادهم وواصلوا نضالهم في قضية الأراضي حتى صدرت قوانين بين عامي 1881 و1903 تخفف عنهم أجور الأراضي وتقرض بعضهم لشرائها بالتقسيط.

تذرع بريطاني بأحداث عنف طائفية

طالب الأيرلنديون بالحكم الذاتي أكثر من مرة وأصدر البرلمان البريطاني قانونًا بذلك عام 1914 فحرك الإنكليز الأيرلنديين البروتستانت وأبلغوهم أن تطبيق القانون سيجعل السيادة للكاثوليك ما أدى إلى أحداث عنف طائفية تذرعت بها بريطانيا للامتناع عن تنفيذ القانون.

وجاءت الحرب العالمية لتصرف النظر عن القضية الأيرلندية مؤقتًا، لكن بعد الهدنة عاد الأيرلنديون إلى نضالاتهم التي واجهتها بريطانيا بجرائم وحشية.

وفي عام 1921 وقع الطرفان معاهدة شبه إجبارية كانت فيها أيرلندا -في عذاباتها- فلسطين أوروبا أو العكس.

وبعد قرون من النضال ضد الاحتلال البريطاني الاستيطاني حصلت أيرلندا على استقلالها الرسمي عام 1922 فيما لا يزال الفلسطينيون على الدرب الطويل سائرين.

الفارق بين الاستعمار التقليدي والاستيطاني

وفي هذا الإطار، شرح المؤرخ الفلسطيني وأستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة كولومبيا الدكتور رشيد الخالدي أن في الاستعمار التقليدي يأتي الاستعمار بجنوده وبإدارييه ويحكم المجتمع على غرار ما فعلته بريطانيا في الهند، لافتًا إلى أن الإنكليز في هذه الحالة لم يستقدموا عمالًا ومزارعين بريطانييين إلى هذه البلاد.

أما في الاستعمار الاستيطاني، فيأتي المستعمر بسكان بلده في ظل ترحيل الشعب الأصلي للبلد الخاضع لهذا الاستعمار بحسب الخالدي.

وأوضح في حديث إلى "العربي" من الدوحة أن في أميركا الشمالية وأستراليا أتى البريطانيون بمستوطنين إنكليز واستبدلوا الشعب الأصلي بعد إبادة جزء كبير منه أو ترحيله.

مقارنة بين الاستعمار الاستيطاني في دول عالمية وفي فلسطين

ورأى أن أيرلندا هي المختبر الأساسي للاستعمار الاستيطاني البريطاني حيث بدأ الإنكليز في القرن الثاني عشر بهذه العملية عبر استقدام مزارعين وعمال إنكليز بدل الشعب الأصلي الأيرلندي.

وشرح أن الاستعمار الاستيطاني يختلف بين ما حصل في دول في العالم وفي فلسطين حيث لم يقم الإنكليز بزرع مواطنين من بلدهم بل أناس أتوا من أنحاء العالم وهم من اليهود الذين يملكون مشروعهم القومي بظنهم أن فلسطين بلدهم ونيتهم إقامة دولة يهودية.

وقال: إن "الإنكليز استخدموا الصهاينة لأغراضهم وهؤلاء بدورهم استعملوا إنكلترا لتنفيذ أهدافهم".

وأضاف أن هؤلاء أتوا إلى فلسطين من خلال جزء لا يتجزأ من التفكير الأوروبي آنذاك عبر فكرة أن الاستعمار شيء جيد وأن الاستيطان مقبول، لافتًا إلى أنهم تعلموا أساليب من الإنكليز.

وأشار إلى أن هناك الكثير مما يمكن للشعب الفلسطيني تعمله من دروس الشعوب الأخرى التي عانت من الاستعمار الاستيطاني بما في ذلك الشعوب التي خسرت معاركها مع الاستعمار مثل الشعب الأميركي الأصلي، وكذلك من الشعوب التي انتصرت على غرار ما حصل في كينيا وإفريقيا الجنوبية والجزائر وأيرلندا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close