الحكم غيابيًا بسجن المنصف المرزوقي 8 سنوات.. ما تفاصيل القرار؟
قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية التونسية غيابيًا بالسجن 8 سنوات على الرئيس الأسبق منصف المرزوقي، بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة"، و"تحريض التونسيين"، وفق قرارها.
وكانت المحكمة الابتدائية في تونس قد فتحت تحقيقات بحق المرزوقي، بعد تصريحات له اعتبرتها دعوة إلى "تغيير هيئة الدولة وتحريضًا للسكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح وارتكاب أعمال القتل والسلب"، وفق قولها.
الحكم غيابيًا بسجن المرزوقي 8 سنوات
من جهته، قال الناطق باسم المحكمة الابتدائية محمد زيتونة، في تصريح لإذاعة موازييك (خاصة): "قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس غيابيًا بالسجن لـ8 سنوات مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق للجمهورية المنصف المرزوقي".
وأضاف: "إثر تصريحات أدلى بها المتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بفتح بحث تحقيقي ضده من أجل تهم تتعلق بتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بواسطة السلاح، والدعوة إلى ارتكاب أعمال القتل والسلب".
ولم يذكر زيتونة، متى صدرت تلك التصريحات المنسوبة للمرزوقي، كما لم يسم وسيلة التواصل الاجتماعي التي أدلى فيها المرزوقي بتصريحاته تلك.
وفي هذا الإطار، أوضح مراسل "العربي"، وسام دعاسي، أن الملاحقات القضائية المتواترة منذ أكثر من سنتين طالت هذه المرة الرئيس السابق المنصف المرزوقي، الرجل الذي يحظى بسجل حافل في الدفاع عن حقوق الإنسان.
وأضاف أن المرزوقي حكم عليه بالسجن 8 سنوات، والتهمة هي ذاتها التي يواجهها العديد من الشخصيات السياسية المعارضة في تونس، وهي تهديد الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، ودفع المواطنين لمهاجمة بعضهم.
لكنه أشار إلى أن اللافت هذه المرة هو أن غالبية الشخصيات السياسية المعارضة في تونس صارت تواجه 3 عقوبات، إما هم ملاحقون من خارج السجن بمختلف القضايا، كما أن هناك من يواجه أحكامًا من داخل السجن بينها التآمر على أمن الدولة، وهناك أيضًا من منع حتى من السفر.
وتابع مراسل "العربي"، أن كل هذه العقوبات جعلت الساحة السياسية تعيش ما يشبه بـ"الموت السريري البطيء" للنشاط السياسي والحراك الحزبي في تونس.
وأوضح أنه لأجل ذلك تعتبر المعارضة أن هذه الملاحقات القضائية هي محاكمة للثورة التونسية بقدر ما هي محاكمة لهذه الشخصيات المعارضة، باعتبار أن السلطة تقول إن مختلف الأزمات التي تعيشها تونس اليوم هي مردها تلك العشرية التي تصفها بالسوداء، وتقول إن الهدف منها هو النيل من المعارضة والنيل من الشخصيات السياسية المناهضة للسلطة.
ولفت مراسلنا إلى أن هناك حديثًا في وسائل الإعلام التونسية تفيد بأن المرزوقي أدلى بتصريحات في إحدى المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للرئيس التونسي في العاصمة الفرنسية باريس، بالتالي وجهت إلى المرزوقي مثل هذه التهم التي تأتي في وقت تشهد فيه الساحة التونسية تصعيدًا في الصراع بين المعارضة والسلطة.
وفي 22 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أصدرت محكمة محلية حكمًا أوليًا بسجن المرزوقي غيابيًا 4 سنوات؛ بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي"، فيما نفى الرئيس الأسبق صحة تلك الاتهامات.
وتعليقًا على الحكم، قال المرزوقي آنذاك، عبر صفحته على فيسبوك: إنه "صادر عن قاض بائس، بأوامر من رئيس غير شرعي (يقصد قيس سعيّد)".
ومطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، أصدر القضاء مذكرة اعتقال دولية بحق المرزوقي، على خلفية تصريح قال فيه إنه سعى إلى إفشال عقد القمة الفرنكوفونية في بلاده، التي كانت مقررة أواخر ذات العام.
وخلال 2023، ألقت الشرطة القبض على أكثر من 20 شخصية سياسية بارزة، من بينهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، ويواجه بعضهم تهمة "التآمر على أمن الدولة"، وهو ما تنفيه المعارضة.
وشدد الرئيس سعيّد، مرارًا على استقلالية القضاء، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأها في 2021، وأحدثت أزمة سياسية حادة في البلاد.