داعيًا سعيد للاستقالة.. كيف يقرأ المرزوقي خطوات المعارضة التونسية؟
أكّد الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، أن زخم المظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية ضد الرئيس قيس سعيد، اليوم السبت، تعدّ محصّلة لغضب الشعب الذي يريد إسقاط النظام.
وخلال مداخلة له مع "العربي"، صرّح المرزوقي أن نظام قيس سعيّد هو نظام حكم فردي غير ديمقراطي وجب التصدي له، قائلًا في هذا السياق: "عادت الأفعى فعدنا لها بالنعال"، في إشارة منه لـ"عودة الشعب إلى الشارع مع عودة الدكتاتورية إلى الواجهة".
وجاءت هذه التصريحات، تعليقًا على إحياء تونس الذكرى الـ12 لثورتها التي أطاحت بنظام بن علي حيث تظاهر الآلاف وسط العاصمة، في مسيرة مناهضة للرئيس قيس سعيد دعت إليها جبهة الخلاص الوطني ورفعت خلالها شعارات تطالبه بالرحيل والعودة إلى المسار الديمقراطي.
وشهدت هذه التحركات الشعبية، التي جرت في ظل انتشارٍ أمني مكثّف تقاربًا في الشعارات المرفوعة من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية المعارضة لإجراءات سعيد.
ومن باريس، أكّد الرئيس التونسي الأسبق أن الشعب التونسي يحتفل اليوم بانتصاره في إسقاط النظام منذ 12 سنة، في وقت تبدّل الفرد لكن بقي الحكم الفردي، ليخرج الشعب من جديد ويقول له "إرحل".
وتابع المرزوقي: "ما شهدناه اليوم هو رسالة لا أعتقد أنها موجهة إلى هذا الشخص، لأنه لا يفهم هذه الرسائل، فقد سبق ووجهّت له رسائل متعددة".
خشية على المعارضة
وعن واقع المعارضة التونسية وغياب الرؤية الواضحة والموحّدة لمعالجة الأزمة السياسية في البلاد، رأى الرئيس التونسي الأسبق أن تونس فقدت الثورة الأولى منذ 12 عامًا لأن المعارضة لم تكن حينها جاهزةً، وتركت للنظام القديم إدارة المرحلة الانتقالية ودفعت جراء ذلك ثمنًا باهظًا، على حدّ قوله.
وأضاف المرزوقي: "ما أخشاه اليوم هو أن تكون المعارضة الديمقراطية غير جاهزة لمرحلة ما بعد سعيد الذي يعد ترحيله مسألة وقت، وقد نجد أنفسنا مرة أخرى بنوع من الانقلاب الطبي ثم نجد شخصًا يكون هو المكلّف بالقيام بالمهمة القذرة التي لم ينجح فيها هذا الرجل".
في الوقت نفسه، جدد الرئيس السابق مطالبته لسعيد بالاستقالة، مناشدًا كل القوى التي تدعمه التخلي عنه لأنه أصبح من الواضح أن هذا الأخير "غير جدير لمواصلة هذه المهمّة، واصفًا نظامه بـ"الميت في العقول وقضيته محسومة".
"توافق في الحد الأدنى"
وبينما توحدت الشعارات اليوم في الساحات لإسقاط نظام سعيد، كانت التحركات متباعدة من الناحية الجغرافية، بحيث تظاهر كل قسم من المعارضة في مكان مختلف عن الآخر. في هذا الشأن، طالب المرزوقي الشعب التونسي بالاتحاد لتجاوز كل الخلافات الإيديولوجية.
"فإن لم تتوحد أطياف المعارضة الواسعة التي تضم الجبهة الخماسية وجبهة الخلاص ومواطنون ضد الانقلاب والعديد غيرها، فسيعطي ذلك فرصة للطرف الآخر للتمديد بعمر هذا النظام أو الإعداد للبديل الذي سيضرب الجميع"، وفق المرزوقي.
وعليه، اعتبر الرئيس التونسي الأسبق أنه "على المعارضة الاتفاق على الحد الأدنى بما يشمل إرجاع الشرعية عبر دستور 2014، وإقامة انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة تشرف عليها لجنة مستقلة عن نظام سعيد، بما يضمن بالتالي تنافسًا في البرامج السياسية إنما تحت راية واحدة هي نهاية الانقلاب والعودة إلى الجمهورية".
وقال لـ"العربي": "ليس من المفروض أن تتوحد كل المعارضات خلف شخصٍ وحزب واحد. هذا لم ولن يحصل. ولكن يمكن الاتفاق بين الجميع حول نهاية الانقلاب وعودة الدستور وهي نقاط مشتركة بين كل القوى".
"لا جدوى من الحوار مع سعيد"
وعن ملامح المبادرة الواقعية التي يمكن الاعتماد عليها للخروج من الأزمة، حذّر محمد المنصف المرزوقي أنه عام 2013 كان هناك رئيس مستعد للحوار وقبول المبادرات في حين يرفض الرئيس الحالي محاورة أي أحد ولن يقبل بالتفاهم مع أي طرف، وكل المبادرات التي ستقدّم له ستذهب هباءً، على حدّ تعبيره.
ولحظ المرزوقي أنه لا جدوى من محاورة سعيد، فمواصلة الرئيس الحالي في الحكم يعني عدم الاستقرار السياسي، وهذا بدوره سيفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.