الجمعة 26 يوليو / يوليو 2024

السينما والذكاء الاصطناعي.. تساؤلات بشأن مستقبل الفن السابع

السينما والذكاء الاصطناعي.. تساؤلات بشأن مستقبل الفن السابع

شارك القصة

سينما الذكاء الاصطناعي
قطعت السينما وأفلام الرسوم المتحركة شوطًا طويلًا في الأعوام الخمسين الماضية- إكس
تسمح رانواي بإنشاء لقطة مدتها بضع ثوانٍ، أو تحويل سلسلة من الصور الثابتة إلى فيديو قصير يعكس خيال مبتكره.

يضع مهرجان نيويورك لأفلام الذكاء الاصطناعي العديد من الإمكانات المتاحة عبر هذه التكنولوجيا التي أصبحت في متناول الجميع، من خلال أفلام قصيرة تعكس خيال مبتكريها مع مشاهد ذات طابع جمالي خارق.

وقد تم تقديم ما يقرب من 3000 فيلم قصير إلى هذا المهرجان الذي نظمته شركة "رانواي إيه آي" Runway AI الناشئة، وهي من أكثر الشركات تقدمًا في مجال إنتاج الفيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي، اختير منها عشرة أعمال في التصفية النهائية، في مؤشر على الطفرة الإبداعية التي توفرها هذه التكنولوجيا.

ويقول أناستاديس جيرمانيديس، المؤسس المشارك لشركة "رانواي": إنّ "هناك تصورًا مفاده بأن الإخراج باستخدام الذكاء الاصطناعي دائمًا ما يكون له أسلوب محدد للغاية، لكن هذه الأفلام مختلفة تمامًا عن بعضها البعض".

وقد قطعت السينما وأفلام الرسوم المتحركة شوطًا طويلًا في الأعوام الخمسين الماضية، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى الذكاء الاصطناعي، مع أعمال بارزة بينها "إنسبشن" و"مايتريكس"، مرورًا بـ"لافينغ فنسنت".

لكن ثمة فرق رئيسي يتمثل في أن الأفلام القصيرة تكلّف جزءًا يسيرًا للغاية من ميزانية هذه الأفلام الضخمة، وقد أُنتجت بأدوات يمكن لأي شخص التعامل معها.

نسخة سورا 

وتسمح "رانواي"، من خلال طلب مكتوب باللغة اليومية، بإنشاء لقطة مدتها بضع ثوانٍ، أو تحويل سلسلة من الصور الثابتة إلى فيديو قصير، أو إعادة تشكيل تسلسل موجود بهدف تحويل صورة إلى لوحة على سبيل المثال.

وأطلقت "أوبن إيه آي" OpenAI في فبراير/ شباط نسختها، المسماة "سورا" Sora، بينما تعمل غوغل وميتا على نسختيهما اللتين تحملان اسم "لوميير" Lumiere و"ايمو" Emu على التوالي.

ولفيلمه القصير الذي حاز جوائز في المهرجان، عمل الفرنسي ليو كانون بمفرده انطلاقا من سيناريو أعدّه، وأنتج مئات الصور باستخدام تطبيق الذكاء الاصطناعي "ميدجورني" Midjourney، ثم قام بتحريكها باستخدام "رانواي" Runway، وأجرى تعديلات عدة على طول هذا المسار.

لا تزال البرامج الحالية محدودة في بعض المجالات، ولا سيما على صعيد زوايا الكاميرا أو طريقة عرض البشر كما الحال في أفلام الحركة الحية.

الذكاء الاصطناعي
يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة لتغيير نموذج هوليوود التقليدي- رويترز

وقال المخرج الفرنسي: "لم يكن بإمكاني حقًا الحصول على شخصيات أو كلمات، لذا فقد كان هذا الأمر نوعًا ما أساس جمالية الفيلم". بعد توليد اللقطات، كان "لا يزال هناك الكثير من العيوب والاختلالات في كل مشهد، لذلك اضطررت إلى التنقيح كثيرًا" لأن الفيلم "لا يخرج جاهزًا من البرمجيّة".

ويفيد أليخاندرو ماتامالا، وهو أحد مؤسسي "رانواي" قائلا: "إذا كنت تريد قصة تحتوي على شخصيات بشرية شديدة الواقعية، فنحن لم نصل إلى هذه النقطة بعد"، "ولكن هناك طرق مختلفة لرواية قصة ما".

العمل على النموذج العام

ولا شك في أن العقبات التقنية ستسقط تباعًا، لأن النماذج التي يعتمد عليها هذا البرنامج تستمر في التحسن.

تعمل شركة "رانواي" أيضًا على ما يُسمى بالنموذج العام، والذي سيكون قادرًا على فهم الحركات داخل الصورة وكيفية تعديل بيئتها.

ويقول أناستاديس جيرمانيديس، المؤسس المشارك الآخر لشركة "رانواي"، "عندما نبلغ النقطة التي تصل فيها جميع النماذج (المنافسة) إلى مستوى عالٍ من الجودة، سيكون الشيء المهم هو (...) إنشاء أدوات مفيدة".

ولا يشبه مؤسسو الشركة الناشئة الثلاثة مهندسي الكمبيوتر التقليديين، وقد تلقوا جميعًا تدريبًا فنيًا في جامعة نيويورك (NYU).

ويشدد هؤلاء على أهمية إتقان "لغة مشتركة" بين البرمجة والإبداع، مستشهدين بشركتي أبل وبيكسار كأمثلة على هذا التوجه.

ويؤكد كارلو دي تونيي، المشارك في إنجاز فيلم "أويكنينغ تو كرييشن" ("Awakening to Creation")، الذي حصل أيضًا على جائزة في المهرجان، أنه "بالنسبة للمخرجين مثلي، يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة لتغيير نموذج هوليوود التقليدي".

اشتراك بمبالغ زهيدة

ويقول: "سيكون الفنانون قادرين على إحياء قصص جديدة من دون الحاجة بالضرورة إلى امتلاك الموارد لها"، مذكرًا بأن الكثير من منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي تقدّم اشتراكات مقابل بضع عشرات من الدولارات شهريًا فقط.

ويتوقع المخرج الإيطالي أن "الإنتاجات المستقلة ستقترب على الأرجح من بعض أفلام هوليوود وتتنافس معها".

ويثير ذلك بعض القلق في قطاع السينما. ففي الصيف الماضي، في الولايات المتحدة، أضرب عدد كبير من الممثلين وكتّاب السيناريو لأشهر عدّة، مطالبين خصوصًا بالحماية ضد الذكاء الاصطناعي التوليدي.

لكن بالنسبة لكارلو دي توني، فإن افتتانه بهذه التكنولوجيا لن يستمر إلا لفترة من الوقت.

ووفقًا له، فإن "ما سيُحدث الفرق بعد ذلك هو أفكار المرء والطريقة التي يستخدم بها هذه الأدوات لتجسيد نواياه ورؤيته".

وفي الواقع، تتجاوز هذه العمليات الإبداعية الجديدة الكثير من المهام والوظائف التي يقوم بها حاليًا محترفو السينما، ما قد يفتح المجال أمام اعتمادها في القطاع.

ويفصح كريستوبال فالينزويلا، المؤسس المشارك والمدير العام لشركة "رانواي" أنه "ستتم أتمتة واستبدال مراحل معينة من صناعة الأفلام، لكن هذه الوظائف ستتغير"، ولن تختفي، على حد قوله.

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
تغطية خاصة
Close