Skip to main content

"الشام الجديد".. هل تقود القاهرة وبغداد وعمّان تكتّلًا سياسيًا اقتصاديًا؟

الأحد 27 يونيو 2021

عقدت في العاصمة العراقية بغداد، الأحد، قمّة ثلاثية ضمت بالإضافة إلى المسؤولين العراقيين، الرئيس المصري والملك الأردني، وركّزت مناقشاتها على ملفات إقليمية وعلى التعاون الاقتصادي والأمني والتجاري بين الدول الثلاث.

صُنّفت القمّة، وهي الرابعة لقادة العراق والأردن ومصر، على أنّها اقتصادية، لكنّ بيانها الختاميّ كشف عن سماتها السياسية، بعدما تميّزت هذه المرّة بزيارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هي الأولى لرئيس مصريّ منذ عقود إلى بغداد.

وفي وقتٍ برز حديث عن تكتّل جديد باسم "الشام الجديد"، تُطرَح تساؤلات عن مدى قدرة الدول الثلاث على تشكيل تكتل بثقل سياسي واقتصادي بمعزل عن دول الخليج العربي.

قمّة بغداد تحاكي مجلس التعاون العربي

بثقلها العربي وامتدادها الجغرافي، بدت قمّة بغداد وكأنّها تحاكي مجلس التعاون العربي قبل نحو ثلاثة عقود بنيت على أنقاض حرب الخليج الأولى وانتهت بكابوس حرب الخليج الثانية.

وبين فكّي الحربين ما يزال العرب يبحثون عن ملجأ قوة ومربط بأس وفق العارفين. وفي هذا السياق، تبحث بغداد وعمّان والقاهرة عن مسافة آمنة بين إيران المتغلغلة في العراق والمتباهية بمضيق هرمز والمتربعة على حواف الإقليم وغيرها من جيران العرب الضاغطين على زناد الاقتصاد.

لكنّ طريق الدول الثلاث لا يبدو آمنًا، لا سيّما وأنّ في المشروع الثلاثي إن تمّ، ستهلك مصالح دول بنت قوتها على مدّ يد النفع المبطن في خرائط جيرانها.

مصر "منفتحة" على مشروع "الشام الجديد"

يؤكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسين هريدي أنّ مصر أبدت ارتياحها الكبير لكون هذه القمة الرابعة في آلية التعاون الثلاثي المصري الأردني العراقي عقدت في بغداد تكريسًا للانتماء والدور العربي للعراق ومساندة للحكومة العراقية ولشعب العراق في مواجهة مجمل التحديات.

وإذ يذكّر هريدي، في حديث إلى "العربي"، من القاهرة، بأنّ هذه القمّة بدأت في القاهرة في مارس/آذار 2019، يلفت إلى أنّها، إن دلّت على شيء، فعلى إرادة سياسية مشتركة بين الحكومات المصرية والأردنية والعراقية على تعزيز التعاون في شتى المجالات.

ويشير إلى أنّ التركيز هو على القضايا والمشاريع الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وما يتعلق بالطاقة والربط الكهربائي، لكنّه يتحدّث في الوقت نفسه عن دلالات استراتيجية أبعد من تلك المجالات في هذا التعاون وهذه الإرادة السياسية المشتركة لتعزيزه.

ويذكّر بأنّ رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي كان قد طرح في أغسطس/آب 2020 في واشنطن مشروع "الشام الجديد"، مؤكّدًا "انفتاح" القاهرة على هذا المشروع، لا سيّما أنّه اقتصادي في طبيعته يستلهم التجربة الأوروبية.

قمة بغداد تعمل على ثلاث مستويات

من جهته، يؤكد عميد كلية العلوم السياسية في جامعة المستنصرية خالد عبد الإله أنّ العلاقات العراقية العربية علاقات استراتيجية ومهمة لا سيما بعدما تأسست الجامعة العربية وكان العراق من أعمدة تأسيسها إضافة إلى مصر.

ويشير عبد الإله، في حديث إلى "العربي"، من بغداد، إلى أنّه كانت هناك علاقات متينة وأساسية تربط بين بغداد والقاهرة وقد تعززت بعد 2003 مع ما يتعلق بمحاربة بغداد لتنظيم الدولة والحديث عن تبادل معلوماتي وعن تعاون وتدريب للقوات العسكرية العراقية.

ويلفت إلى أنّ التعاون في مكافحة التطرف والعنف يسري على الجانب الأردني أيضًا، "لا سيما وأنّ العراق قاتل نيابة عن العالم وأثبت جدارة كبيرة".

ويشدّد على أنّ قمّة بغداد تعمل على ثلاث مستويات، هي مستوى مكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني والاستخباراتي، وكذلك احترام الدول الثلاث لسيادة بعضها بعضًا، إضافة إلى الشراكة الاقتصادية.

"تباين كبير" بين الأردن ومصر والعراق

في المقابل، لا يعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي بدر الماضي أنّ هذا اللقاء قد يؤسّس لحالة تكتلية اقتصادية سياسية قادمة في المنطقة.

ويوضح الماضي، في حديث إلى "العربي"، من بغداد، أنّ هناك تباينًا كبيرًا جدًا "بين ما تقتنع به الدولة الأردنية والمصرية والأخوة في العراق".

ويشرح أنّ العراق لا يزال يعاني من عدم تحديد هويته، في ظلّ قوى نافذة داخل العراق ترفض إقامة علاقات مريحة مع الدول العربية، وتريده أن يكون في اتجاه إقليمي واحد، أي إيران.

ويشدّد على أنّ الأردن يحتفظ بعلاقات جيدة مع الخليج العربي وكذلك مصر بشكل أو بآخر ولذلك لا يمكن أن يتشكّل محور بمعزَل عن دول الخليج.

إلا أنّه يتحدث عن رؤية فلسفية أميركية أوروبية قد تكون دفعت نحو عقد هذا اللقاء، وهي تتقاطع في جانب منها مع فهم بعض الدول العربية لمستقبل العراق وهو أنّ على الدول العربية أن تملأ الفراغ الموجود في العراق والذي يساهم في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق الآن.

ويقول: "ترى الولايات المتحدة أنّه يجب أن تقوم دول مثل مصر والأردن بالمساعدة في محاولة ملء المساحة التي يشغلها الإيرانيون فقط الآن في العراق"، معتبرًا أنّ دول الخليج، ولا سيما السعودية، قد تشترك مع الأردن ومصر بهذه الرؤية.

المصادر:
العربي
شارك القصة