يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى "المرحلة الثالثة من الحرب على غزة"، والتي تتضمن إنهاء العملية البرية، وتقليص قوات الاحتلال البرية المتوغّلة داخل القطاع خاصة في الجزء الشمالي منه بحسب وسائل إعلام عبرية.
وتتضمن هذه المرحلة تشكيل منطقة عازلة يُعتقد أنّها ستكون ضمن الحدود بين غزة وغلاف غزة، ناهيك عن تنفيذ هجمات مركّزة على بعض المناطق.
وأشارت هيئة البثّ الإسرائيلية إلى أن جيش الاحتلال سيعمل على تقليص قوات الاحتياط العاملة في غزة، كما سيتمّ تسريح الآلاف منها قريبًا.
بدورها، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: إن الجيش أصبح بالفعل في خضم الانتشار للمرحلة الثالثة، على عكس ما يُعلنه صنّاع القرار داخل إسرائيل، متحدثة أيضًا عن استعداد مراكز القيادة المختلفة "لتغيير كبير" في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وأسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على قطاع غزة، حتى الثلاثاء عن 20 ألفًا و915 شهيدًا و54 ألفًا و918 جريحًا، معظمهم أطفال ونساء، وعن دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
ماذا تشمل المرحلة التالية من الحرب على غزة؟
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من القدس عدنان جان، أن هناك خلافات جذرية داخل كابينت الحرب الإسرائيلي حول توقيت الانتقال إلى المرحلة التالية من العدوان على قطاع غزة.
وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، يريدان استمرار العمليات العسكرية في وتيرتها الحالية، وقوتها المكثفة إلى نهاية شهر يناير المقبل، واستنفاد المهلة التي منحتها واشنطن لإسرائيل، أو ربما أخذ وقت إضافي أكثر فيما يتعلق بمواصلة العدوان على قطاع غزة.
لكنه أشار إلى أن هناك رأيًا آخر داخل كابينت الحرب، يطرحه كل من زعيم المعسكر الوطني بيني غانتس، بالإضافة إلى رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت اللذان يريدان الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب.
وشرح مراسل "العربي"، أن المرحلة التالية من الحرب على غزة تشمل تغيير الأساليب القتالية وعدم نشر القوات الإسرائيلية بشكل موسع في داخل القطاع، وتركيزها في نقاط محددة، وإنشاء منطقة عازلة، "لمنع تنفيذ عمليات عسكرية باتجاه البلدات الإسرائيلية الواقعة في غلاف غزة".
وذكر أن تغيير الأساليب القتالية خلال المرحلة المقبلة داخل غزة، أشار إليها رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الذي قال إن هناك تغييرًا في أساليب القتال في داخل القطاع من أجل تحقيق الأهداف التي وضعتها إسرائيل في بداية العدوان، والحفاظ على الأهداف التي تم إنجازها بعد مرور أكثر من 80 يومًا.
مراسلنا أشار إلى أن هناك تلميحات من قبل القيادة العسكرية الإسرائيلية حول إمكانية الانتقال إلى أساليب قتالية جديدة في داخل غزة، يتم خلالها التركيز على عمليات عسكرية دقيقة ومكثفة، وتجنب الانتشار الواسع للقوات الإسرائيلية في داخل القطاع.
تشكيك إسرائيلي بإمكانية تحقيق الأهداف
وبحسب بيني غانتس، وغادي آيزنكوت، فإن الانتشار الواسع يعرض الجيش الإسرائيلي لهجمات من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، وبالتالي يؤكدان ضرورة الانتقال وبشكل عاجل إلى المرحلة التالية من العمليات العسكرية، والاعتماد فقط على القوات النظامية في الجيش الإسرائيلي، وربما تسريح جزء كبير من قوات الاحتياط التي بدأت تشكل عبئًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية من الناحية الاقتصادية والمالية.
ولفت مراسلنا إلى أن هذا الأمر تطرق إليه وزير الأمن الإسرائيلي الذي عاد وأكد أن الحكومة ستقدم الدعم المالي والاقتصادي لقوات الاحتياط الإسرائيلية التي تم استدعاؤها في بداية الحرب، وعددها يتجاوز 360 ألف عنصر يشاركون في الأعمال القتالية على قطاع غزة.
نقاش إسرائيلي أميركي حول الحرب
وأفاد مراسل "العربي" أن هناك تقارير إعلامية تتحدث عن إمكانية تسريح جزء كبير من قوات الاحتياط الإسرائيلي في حال تم الانتقال إلى المرحلة التالية من العمليات القتالية في داخل غزة، لا سيما أن قادة في الجيش الإسرائيلي عبروا عن اعتقادهم بأن الأساليب القتالية البرية المتبعة حاليًا في داخل القطاع لن تمكنهم من القضاء على حكم حركة حماس.
ولفت مراسلنا إلى أن هناك تخوفات من أن البقاء على هذه الوتيرة الحالية من العمليات العسكرية سوف يعرض الجيش الإسرائيلي لمزيد من الهجمات، وسقوط مزيد من القتلى والجرحى.
وأشار إلى أن هذا كله ينعكس على الرأي العام الداخلي في إسرائيل التي بدأت ترتفع فيه الأصوات، وتشكك بمدى إمكانية الجيش من تحقيق الأهداف التي وضعها في بداية عدوانه على غزة.
وأمس الثلاثاء، ناقش مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في واشنطن مسألة انتقال إسرائيل إلى "مرحلة مختلفة" في الحرب على غزة.
وأشار مسؤول في البيت الأبيض إلى أن أنّ المباحثات تطرّقت أيضًا إلى "الخطوات العملية لتحسين الوضع الإنساني وتقليل الأضرار على المدنيين"، فضلاً عن "الجهود" الرامية إلى تعزيز فرص إطلاق المحتجزين الإسرائيليين في القطاع.