تتفاقم مآسي النازحين العراقيين يومًا بعد يوم وتتعرض حياتهم في المخيمات إلى مخاطر عدة، بين إهمال يؤدي إلى حرائق مميتة، وتجاهل متطلبات أساسية مع حلول فصل الشتاء.
ويواصل النازحون العيش على "هامش الحياة"، بينما تعجز الحكومات المتعاقبة عن إرجاعهم إلى مناطقهم الأصلية.
مآسي مخيمات العراق
ويعيش النازحون العراقيون ظروفًا مأساوية منذ سنوات طويلة، حيث تلاحقهم رائحة الموت في مخيمات ظنوا أنها ملاذ آمن.
فقد شهد مخيم يقع قرب أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، منذ تأسيسه عام 2014، 10 حرائق آخرها وقع منذ يومين راح ضحيته شاب يبلغ من العمر 17 عامًا.
وتتكرر المآسي في مخيم بحركة الذي يضم 1200 أسرة تعيش ظروفًا قاسية، ومثله يوجد 25 مخيمًا تلتصق فيه المساكن بتجهيزات كهربائية قديمة ومتآكلة فيما عجزت الحكومات العراقية عن إغلاقها حتى الآن ولم تف بوعودها لوضع حدّ لهذه المأساة الإنسانية.
المخيمات العشوائية
وبحسب آخر إحصائيات منظمة الهجرة الدولية، يوجد أكثر من 400 موقعٍ غير رسمي للنازحين في العراق يضم 14 ألف عائلة، يواجهون عوائق عدّة تمنعهم من العودة إلى بيوتهم ومناطقهم الأصلية.
وتفيد الأرقام الرسمية بوجود ما يقارب 1.2 مليون نازح، 25% منهم فقط تأويهم مخيمات رسمية بينما يقطن 75% مخيمات عشوائية تفتقر لأبسط مقومات العيش والحماية.
فالحرائق التي تأكل الأرواح والخيام، تضع النازحين في العراء وجهًا لوجهٍ مع البرد القارس والأمطار والفيضانات في أكثر المناطق بردًا في العراق.
أسباب تكرر الحوادث في المخيمات
ومن بغداد، يكشف أنس العزاوي العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان أن أغلب الحرائق وتكرارها يعود إلى تلف واهتراء الخيام الموزعة على النازحين، فأغلبها يتجاوز عمرها الـ 3 سنوات.
كما تتعرض المخيمات الكرفانية للتلامس الكهربائي أو سوء استخدام المدافئ النفطية، فضلًا عن وقوع صواعق كهربائية وغيرها، وفق العزاوي الذي يؤكد أن هذا الواقع يضع النازحين في مأساة جديدة مع قدوم كل شتاء.
ويضيف في حديث مع "العربي": "يوجد صعوبة فعلية في إمكانية تعويض وزارة الهجرة أو المنظمات الدولية المعنية بملف النازحين، وديمومتها على المدى الطويل، لذلك علت الدعوات لإنهاء هذا الملف مع ضرورة حماية وضمان حرية وكرامة النازحين".
غياب معايير السلامة
كذلك، يلفت العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان أن معظم مخيمات النازحين في العراق هي مخيمات طوارئ، أي يفترض ألا يطول أمدها لأكثر من 6 أشهر أو سنة وفقًا للمعايير الدولية ما يعني أنها غير مجهزة بمعايير السلامة اللازمة.
إلا أن طول فترة النزوح وتقاعس الحكومات عن معالجة ملف النزوح، ساهم في استمرار هذه المأساة وتكرار مثل هذه الحوادث.
ويتابع العزواي في هذا السياق: "الحكومة العراقية اتّخذت قرارًا بإغلاق 51 مخيمًا خارج حدود إقليم كردستان، ولا يزال هناك 26 مخيمًا داخل الإقليم.. لكن فعليًا حتى مع الإغلاقات لم نضمن تهيئة الأرضية المناسبة لعودة صحيحة للنازحين".
وعليه، قد يتمسك البعض بالبقاء في المخيمات على الرغم من قلة الإمكانيات ومصادر الحياة الأساسية مثل الصحة والتعليم، بحسب العزاوي.