اعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أن روسيا اختارت "الهروب إلى الأمام" في أوكرانيا بسبب "المأزق" الذي وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه فيه.
وخلال جلسة في الجمعية الوطنية لمناقشة الحرب في أوكرانيا أمس الإثنين، قالت كولونا أمام النواب: إن "موسكو اختارت الهروب إلى الأمام على الصعيد السياسي"، وكذلك أيضًا "على الصعيد العسكري بإعلانها تعبئة جزئية لسكانها"، و"على صعيد الخطاب" أيضًا، مع التهديدات باحتمال استخدام السلاح النووي التي لا ينفك مسؤولون روس يلوحون بها.
وفي إشارة واضحة إلى هذا التهديد باحتمال استخدام روسيا السلاح النووي قالت الوزيرة الفرنسية: "لن نستسلم كما أننا لن نسقط في الفخ. سنواصل، من جانبنا، إظهار المسؤولية التي تقع على عاتق قوة تمتلك" السلاح الذرّي.
"مأزق ثلاثي": دبلوماسي وعسكري وداخلي
وفي نظر كولونا فإن الرئيس الروسي وضع نفسه في "مأزق ثلاثي": دبلوماسي وعسكري وداخلي.
وأوضحت أنه "على الأرض أولاً: هذا الأمر تؤكده تراجعاته الأخيرة. هناك أيضًا مأزق أمام المجتمع الدولي: روسيا تجد نفسها وحيدة أكثر فأكثر. وهناك مأزق أمام شعبه، مع قرار التعبئة".
وعقدت هذه الجلسة في الجمعية الوطنية لمناقشة الحرب في أوكرانيا بعدما ضمّت روسيا أربع مناطق أوكرانية إليها، في قرار رفضته كييف وحلفاؤها الغربيون.
وشددت الوزيرة الفرنسية على أن موعد انتهاء الحرب في أوكرانيا تحدده كييف ولا أحد سواها.
وقالت" "لا يعود إلينا تحديد متى ستنتهي هذه الحرب. الأمر يعود لأوكرانيا، ولأوكرانيا وحدها، أن تقرر متى وفي ظل أية شروط ووفقًا لأية قواعد يمكنها البحث في حوار يرمي لبدء مفاوضات" مع روسيا.
أبرز المساعدات العسكرية التي قدمها الغرب لـ #أوكرانيا في حربها مع #روسيا pic.twitter.com/mEspFlTUYY
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 2, 2022
بريطانيا تتعهد بتمكين أوكرانيا من "الانتصار"
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي في خطاب يلقيه الثلاثاء ونُشر نصه مساء الإثنين أنّ بلاده تتمتع بـ"قدرة إستراتيجية" لتمكين أوكرانيا من "الانتصار" على روسيا.
وسيقول الوزير أمام المؤتمر السنوي لحزب المحافظين: إن "أوكرانيا تحظى بدعم بريطانيا الثابت لجهودها الرامية لدفع قوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتراجع".
ويأتي هذا الموقف بالتزامن مع تشديد لندن عقوباتها المفروضة على موسكو، مع استهداف قطاعات حساسة في الاقتصاد الروسي ردّاً على ضمّ روسيا "غير المشروع" أربعة مناطق أوكرانية.
وسيكرر كليفرلي الثلاثاء موقف رئيسة الحكومة ليز تراس التي أعلنت أن بريطانيا لن تقبل أبدًا بضم بوتين مناطق دونيتسك أو لوغانسك أو خيرسون أو زابوريجيا أو حتى شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في 2014.
وسيقول كليفرلي خلال المؤتمر الذي يعقده حزب المحافظين في برمنغهام في وسط إنكلترا "لسنا معلقين. نحن لاعبون على أرض الملعب. نُحدث فارقًا. نروج لقيمنا. نقارع على الساحة الدولية من أجل ما نعتبره صائبًا".
وسيقول أيضًا: "نحن نؤمن بالحرية. نؤمن بسيادة القانون. نؤمن بأن المعتدي لا يمكنه أن يغزو جارته وأن يفلت من العقاب".
ومما سيقوله أيضًا خلال خطابه: "لذا نحن نقف متكاتفين مع الأوكرانيين الشجعان الذين يدافعون عن وطنهم. وبريطانيا لديها القدرة الإستراتيجية لتمكينهم من تحقيق الانتصار".
وسيشدد كليفرلي في خطابه على أن الأوكرانيين يدافعون عن وطنهم "بشراسة" وعلى أن شجاعتهم "تعززت" بما قدمته لهم المملكة المتحدة من أسلحة وتدريب.
وسيؤكد على أن بريطانيا "ستدعمهم حتى الانتصار في هذه الحرب. سندعمهم حتى استعادتهم سيادتهم. لن نعترف أبدًا بضمّ لوغانسك أو دونيتسك أو خيرسون أو زابوريحيا أو القرم".
وسيشدّد على أنّ هذه المناطق هي أراض أوكرانية "وعندما ستنتصر أوكرانيا في هذه الحرب عندها سندعمهم (الأوكرانيين) في إعادة بناء منازلهم واقتصادهم ومجتمعهم".
ويأتي ضم روسيا المناطق الأوكرانية الأربع في حين تواجه القوات الروسية هجومًا مضادًا للجيش الأوكراني استعاد خلاله مساحات من الجيش الروسي.
واستدعت الخطوة الروسية إدانات دولية كما ندد بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ومؤخرًا هدد بوتين باستخدام "كل الوسائل" المتاحة لحماية بلاده، في موقف اعتُبر مؤشرًا على أنّه قد يستخدم السلاح النووي ردًا على هجمات قد تستهدف المناطق الأوكرانية التي ضمّتها روسيا.
والشهر الماضي أعلن الرئيس الروسي استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط للقتال في أوكرانيا.
متجاهلا تحذيرات الغرب.. #بوتين يعلن ضم 4 أقاليم أوكرانية ويتعهد بحمايتها بكل الوسائل#للخبر_بقية pic.twitter.com/lxDPrOMaDv
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 30, 2022
كيف استطاعت أوكرانيا اختراق الدفاعات الروسية؟
وكانت القوات الأوكرانية حققت تقدمًا شديدًا على الأرض في محيط خيرسون وفي منطقة لوغانسك بعد ساعات من موافقة مجلس الدوما الروسي على ضم 4 مناطق أخرى، بينما قالت وزارة الدفاع الروسية إنها تحافظ على خطوط دفاعها وتكبد الطرف الآخر خسائر كبيرة.
وفي هذا الإطار، يوضح مدير مركز الطريق الثالث للاستشارات الإستراتيجية عمر الرداد، أن التقدم الأوكراني على الأرض، هو نتيجة لحالة الضعف والارتباك التي يعيشها الجيش الروسي في مختلف جبهات القتال.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة الأردنية عمان، يعرب الرداد عن اعتقاده بأن التقدم الأوكراني وإن كان محدودًا، فإنه جاء في إطار شعور القوات الأوكرانية بنشوة النصر الذي تحقق في خاركيف والانتصارات الأخرى التي تتحقق يومًا بعد يوم في الشمال.
ولا يستبعد الرداد أن تظهر العديد من الاختراقات الأوكرانية خلال الأيام القليلة المقبلة في ظل حالة انكشاف كاملة للجيش والقوات الروسية على صعيد الدعم اللوجستي والتسليح.
ويشير إلى أن أوكرانيا تعمل على إستراتيجية جديدة تقوم على تحول القوات الروسية إلى حالة دفاعية، فيما يهاجم الجانب الأوكراني من مناطق مختلفة.
ويرى الرداد أن اختراق الجانب الأوكراني لخيرسون هو اختراق "إعلامي" يحقق للأوكرانيين في ظل حرب الإشاعات ضرب معنويات الجيش الروسي.
ويردف بأن الغرب يأخذ التهديد الروسي باستخدام السلاح النووي التكتيكي على نطاق محدود على محمل الجد، مشيرًا إلى أن هذا القرار ليس سهلًا.