لم تستطع الكثير من الصحف حول العالم الصمود ورقيًا، وأجبرتها التحديات الجديدة التي فرضتها التكنولوجيا ومواقع التواصل في السنوات الأخيرة، إلى التحول والانتقال إلى الفضاء الإلكتروني، لكن هذه التجربة الرقمية لم تنجح لدى بعضها وهو ما دفعها إلى الإغلاق.
وقام فريق من الباحثين في مدرسة ميسوري للصحافة، في البحث عن أسباب عدم إقبال القراء على دفع أموال لمتابعة منصات الإعلام الرقمي الخاصة بالصحف الورقية، مشددين على أنّ الصحف المطبوعة انتقلت إلى المنصات الرقمية دون فهم الخصائص التي تختلف فيها الوسائط الرقمية عن الوسيط الورقي، وهو ما أثر سلبًا على إقبال القراء على دفع مقابل مادي لمتابعة المحتوى الذي يقدمه الإعلام الرقمي.
وخلص الباحثون إلى وجود عناصر متأصلة في الإعلام الورقي تساعد القراء على فهم الأخبار، وأن بعض هذه القدرات مفقودة في المجال الرقمي، مثل القدرة على الاحتفاظ بالصحف المطبوعة كشيء مادي، والتنقل بين الأقسام المحددة في الصحيفة وإنشاء أرشيف مادي لطباعات متعددة، وغيرها من العوامل.
الإحجام عن القراءة الإلكترونية
وفي هذا الإطار، رأى الصحافي المتخصص في الميديا، نذير رضا، أنّ "أهم مميزات الصحافة المكتوبة هو صنعها لعلاقة خاصة بين القارئ وبين الصحيفة بحد ذاتها".
وأشار رضا في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إلى أن المعضلة الأساسية في تحول الصحافة المطبوعة إلى رقمية، هو محاولتها نقل ما يكتب في الجريدة إلى المواقع دون أي تعديل، إضافة إلى إقحامها الإعلانات والروابط الترويجية، مما يقوّض النص والعلاقة البصرية بين القارئ والنصوص، لذلك يحجم جمهور القراء الورقية عن القراءة الإلكترونية.
وأكد أن تجارب الدفع مقابل الوصول إلى المحتوى في العالم العربي غير ناجحة، لكنها استطاعت أن تحقق نجاحًا في أميركا وبريطانيا وكندا على سبيل المثال، بعد العمل بجد على المحتوى المقدّم.
وقال رضا إن المواقع الإلكترونية الأكثر جذبًا هي تلك التي تقدم الفيديو والمحتوى البصري، وهو ما لا يتوفر بشكل كبير في العالم العربي، مشددًا على أن الأهم هو تقديم محتوى جذاب قادر على تحقيق عدد قراء مرتفع في الوقت نفسه.