في خطوة تشير إلى ذوبان ثلج الخلافات بين رئيسي مجلس النواب والدولة في ليبيا، أقرّ أعضاء البرلمان خارطة الطريق من لجنة 6+6 المختصة في وضع قوانين الانتخابات، أي المشرفة على تقريب وجهات نظر الخصوم الليبيين.
وقد تضمن قرار اللجنة في الجلسة الحاسمة التي وضعت عددًا من الملاحظات على خارطة الطريق والقوانين، أن مجلس النواب هو صاحب الاختصاص في منح الثقة للحكومة واعتبار أن تشكيل أي مجلس وزراء مصغر هو من اختيار رئيسه، مع مراعاة المناطق الجغرافية.
خطوة نحو التغيير
وما حدث في أروقة مجلس النواب في بنغازي، فتح الباب على مصراعيه لتغيير المزاج العام في البلاد، وعبّد الطرق لمنح الإذن بطرح الترشح لرئاسة الحكومة لمدة عشرين يومًا من تاريخ اعتماد الخارطة، شريطة حصول المرشح على تزكية 15 عضوًا من النواب و10 من مجلس الدولة، أي أن حجر العثرة الذي كان يسد الطريق لتشكيل أي كيان حكومي قد زال.
وقد بعثت بوادر التوافق هذه برسائل طمأنة إلى المجتمع الدولي، خاصة في ما يتعلق بضمان استمرارية تدفق النفط وتأثير الدور الإقليمي في دفع الأطراف إلى إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
لكن المواطن الليبي ما زال غير متيقّن من الحل، وهو المعتاد على استقبال الصدمات عقب كل محاولة اتفاق.
فما أن تهدأ جبهة حتى تُفتح أخرى، والحديث هنا عن الأزمة التي اندلعت في الساعات الأخيرة بعد الاعتداء على مقر المجلس الأعلى للقضاء في طرابلس، ومن قبل رئيس المجلس نفسه رفقة وزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية.
وقد أثار هذا الأمر موجة من اللغط في أوساط الليبيين عن حقيقة عمق الخلاف وآلية التسوية ومآلات نتائج اتفاق لا يزال في أيامه الأولى.
الحاجة لضمانات دولية
في هذا السياق، أمل عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة في أن يكون قطار الانتخابات أصبح على السكة.
وقال أوحيدة في حديث إلى "العربي" من بنغازي: "سنصل إلى خواتيم سعيدة إذا ما توقف المعرقلون عن هذا المسار".
ولفت إلى أن الملاحظات التي أبديت على خارطة الطريق هي توفير ضمانات من المجتمع الدولي لتنفيذها.
واعتبر أوحيدة أن عدم توفير هذه الضمانات يجعل من الخطة حبرًا على الورق قد تعرقل المشهد بشكل إضافي.
"اتفاق لا يلغي الصراع السياسي"
من جهته، رأى رئيس تجمع تكنوقراط ليبيا أشرف بلها أن ما حدث بين مجلسي النواب والدولة هو استكمال لما كان يسعى إليه المجلسان منذ مدة طويلة.
واعتبر بلها، في حديث إلى "العربي" من طرابلس، أن الوصول إلى الاتفاق استغرق وقتًا طويلًا في ظل ضياع الكثير من الفرص.
ورغم تأكيده على أهمية الاتفاق، إلا أنه اعتبر أن المشهد السياسي في ليبيا لا يُختزل في المجلسين، فالاتفاق بينهما لا يحل الصراع في البلاد.
ولفت إلى أن التوافق بين مجلسي النواب والدولة جاء نتيجة ضغط من البعثة الأممية التي هددت باعتماد وسائل أخرى.
فوضى في ليبيا
ومن جانبه، استبعد أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية إسماعيل المحيشي أن تُجرى الانتخابات في ظل "الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سنتين أو ثلاثة".
ورأى في حديث إلى "العربي" من مصراتة أن أطرافًا إقليمية تدير الملف الليبي، وأن الأطراف المحلية لا تمتلك قدرة تحريك الوضع القائم.
واعتبر أن أي توافق سيكون مدعومًا من البعثة الأممية في ليبيا ومن الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في البلاد.
