Skip to main content

بين التخاذل الدولي وتسارع الكوارث المناخية.. ما هي تحديات قمة شرم الشيخ؟

الأربعاء 26 أكتوبر 2022

قبل أيام من انعقاد مؤتمر المناخ في شرم الشيخ المصرية، حذّر تقرير أممي جديد من أنّ الالتزامات الدولية بشأن المناخ بعيدة جدًا عن تلبية هدف اتفاقية باريس للحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض بواقع درجة ونصف الدرجة مئوية.

ويتزامن ذلك مع تحذير وكالة البيئة الأوروبية من أنّ انبعاثات الغازات الدفيئة قد عادت إلى الارتفاع، ما يعني أنّ هدف خفض الانبعاثات الصافية بنسبة 55% بحلول عام 2030 بعيد جدًا، وفق مسؤولين أوروبيين.

وبلغة أقرب ما يكون إلى "التحذير الأخير"، قال معدو التقرير الأممي الصادر اليوم الأربعاء، إنّ العالم كله مطالب بالتحرك وإلا فإنّ الأجيال القادمة ستواجه تسارعًا في تغيّر المناخ يهدد وجودها.

في المقابل، حكومات تصم آذانها وتجتهد أكثر في وأد التحركات الأممية وكأنها تعيش في كوكب آخر، بل تخصّص مليارات الدولارات في دعم الوقود الأحفوري المتسبب الرئيس في تفاقم الأزمة، بل أن الإستراتيجيات الحالية لهذه الدول تقود الجميع إلى مستقبل أكثر حرًا غير صالح للعيش البشري.

ورغم ذلك، تتواصل الجهود العلمية الحديثة لوضع "كوابح" لوقف التسارع المرعب لتداعيات التغيّر المناخي، إنما لا يخفي القائمون على القمة المناخية الأممية كثيرًا من القلق نظرًا إلى أنّ التوترات الجيوسياسية المنبعثة من حرب أوكرانيا في تزايد، والأخطار التي تهدد الطاقة وأسعار الغذاء، وانعكاساتها على تكلفة المعيشة في جميع أنحاء العالم.

هذا إضافة إلى الجمود في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، فكلها عوامل ستلقي بظلالها الثقيلة على المناقشات في شرم الشيخ، وهو ما يجعل من إحراز تقدم في خفض الانبعاثات أمرًا ضئيلًا.

"دليل تحسن"

وبنظرة أكثر إيجابية، يقول الصحافي المتخصص في شؤون الأمم المتحدة أحمد فتحي، إن تقرير المناخ العام الماضي توقع أن ترتفع درجة حرارة الكوكب إلى 5 درجات مئوية بحلول عام 2030، إلا أن أحدث تقرير يدلل على أن الحرارة متوقع أن ترتفع إلى درجتين ونصف، وهذا أمر يمكن اعتباره "دليل تحسن" مقارنة بالعام الماضي.

رغم ذلك يؤكد فتحي في حديث إلى "العربي"، من نيويورك، على أن الأمر ليس كافيًا، مكررًا تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن تخفيض حرارة الكوكب درجة ونصف مئوية هو ليس اختيارًا، إذ "لا يوجد لدينا بديل وليس لدينا سوى هذا الكوكب".

فنوه في هذا السياق إلى أن "80% من الانبعاثات الحرارية في العالم مسؤول عنها مجموعة العشرين"، وهنا يجب أن تكون نقطة الانطلاق لحل الأزمة.

فيضانات مدمرة تجتاح بلغاريا - غيتي

"مساهمات مكان الالتزامات"

أما حبيب معلوف الصحافي المتخصص في شؤون البيئة، فيخالف الرأي المتفائل من إبرام اتفاقية باريس عام 2015، إذ إن هذه الاتفاقية التي وصفها بـ"الفاشلة" حيث لم تكن ملزمة وكانت لأول مرة عالمية "لأنها كانت فارغة من أي مضمون وتم التوقيع عليها بشكل سريع جدًا من كافة الدول لأنها تطرقت إلى المساهمات وليس الالتزامات المطلوبة".

فقد تم استبدال كلمة "التزامات" بـ"المساهمات"، أي أن على كل دولة أن تساهم بما تسطيع للتخفيف من الانبعاثات، وعليه لا يستغرب معلوف عدم جدية الدول والتزامها بمضمون الاتفاقية.

ويردف من بيروت، أن الأصوات التي تزعم أن الهدف من هذه الاتفاقيات هو تأخير النمو الصناعي في هذه الدول "هي التي خربت الكوكب"، فكل المشاكل في عالمنا اليوم هو تبني هذا المفهوم في حين أن هذه الفكرة عولجت منذ عام 1992 عند إبرام أول اتفاقية لتغير المناخ.

محطة لاستخراج الفحم في بولندا - غيتي

ويشرح لـ"العربي" أنه "تمت إضافة الاستدامة على فكرة التنمية وأصبحنا نتحدث عن التنمية المستدامة بهدف معالجة هذه المشكلة في تسوية تاريخية، إلا أنها لم تنجح إذ لم يتمكن أي طرف من لجم الدول التي تبنت المفهوم الخاطئ وعلى رأسها الدول الرأسمالية والاشتراكية واستمروا في التنافس في الأسواق بدل التعاون وهذا أمر من شأنه أن يدمر الكوكب".  

فلب المشكلة هو لجوء الدول الصناعية المتنافسة إلى الوقود الرخيص الذي هو الفحم الحجري، لذلك لم تتراجع الدول الكبرى عن هذا الاستخدام كي تحافظ على مكانتها في الأسواق العالمية، على حد قول الصحافي المتخصص في شؤون البيئة.

هل رفعت بروكسل الراية البيضاء؟

ومن باريس، تعتقد شادن دياب الخبيرة في مجال التغير المناخي أن هدف الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر ملوث للكوكب بعد الصين والولايات المتحدة، وهو تخفيض الانبعاثات الغازية إلى 55% بحلول 2030 مستمر، رغم تأكيد الأمم المتحدة أن هذا الهدف "الطموح" لن يتحقق.

فدول الاتحاد الأوروبي إلى جانب كل دول العالم تعمل على السير قدمًا ولم ترفع الراية البيضاء بعد بهذا الخصوص بحسب دياب، إلا أن المهمة أصبحت صعبة جدًا لأن الوقت ينفذ فلم يعد أمامنا سوى 10 سنوات قبل أن ينطلق العد التنازلي.

وتتابع: "شهدت أوروبا هذا الصيف كارثة الجفاف والفيضانات.. ما يدل على أن قمة شرم الشيخ مهمة جدًا لأنه يجب تطبيق ما توصلت إليه اتفاقية باريس وليس فقط من خلال خفض الانبعاثات، بل أيضًا العمل على تطوير الحلول الموجودة مثل نقل التكنولوجيا وإيجاد استثمارات للطاقة المتجددة".

وتقر الخبيرة في مجال التغير المناخي في الوقت عينه، أن هذا الهدف يحتاج إلى تظافر الجهود بين الدول خصوصًا لجهة تطبيق وعود الاستثمارات التي تعهدت بها الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية، لأن الكوكب يحتاج إلى حلول قصيرة المدى.

جفاف تاريخي يضرب الحقول الفرنسية - غيتي

وعن التزامات الحكومات الأوروبية بوعودها، تلفت إلى أن هناك إستراتيجية أوروبية لمكافحة تغير المناخ إلا أنها تصدم بمصالح الاستثمار في الطاقة الأحفورية.

فتقول دياب: "أزمة الطاقة عصفت بالقارة العجوز بشكل مفاجئ عقب الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.. لو كنا جاهزين لطاقة نظيفة لما ذهبنا نحو مشكلة الغاز والطاقة اليوم في أوروبا".

المصادر:
العربي
شارك القصة