Skip to main content

بين كوفيد وجدري القرود.. ما مدى احتمال تكرار سيناريو الجائحة؟

الثلاثاء 24 مايو 2022

تتزايد الإصابات بجدري القرود حول العالم ما يطرح تساؤلات حول مدى خطورة هذا المرض وتشابهه مع كورونا الذي غيّر مسار الحياة في العالم لأكثر من عامين، لكن رغم الطبيعة الفيروسية يبدو أن هناك اختلافات أساسية بينهما.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن جدري القرود هو مرض فيروسي حيواني المنشأ أي ينتقل إلى الإنسان من الحيوانات. وتشبه أعراض الإصابه به تلك التي شوهدت في الماضي لدى مرضى الجدري، "على الرغم من أنها أقل خطورة من الناحية السريرية"، بحسب المنظمة. 

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه تم التعرف على جدري القرود لأول مرة في البشر في عام 1970. 

وكان المستشار في الأمراض المعدية الطبيب ضرار البلعاوي قد أوضح في حديث إلى "العربي" ضمن برنامج "صباح جديد" أن القرد ليس المسبب الوحيد لهذا الفيروس، مشيرًا إلى أنّ الحواضن البيولوجية لهذا الفيروس هي القوارض.

ولفت إلى أن تسمية المرض جاءت نتيجة اكتشاف الفيروس في أحد مختبرات الدنمارك خلال تجربة على القرود. 

وللمقارنة، لم يتم الحسم بشأن منشأ فيروس كوفيد-19 بعد رغم مزاعم تقول بأنه انتقل من خفاش إلى إنسان ومزاعم أخرى بأنه تسرب من مختبر في ووهان الصينية.

نسبة الوفاة

تاريخيًا، تراوحت نسبة الوفيات بفيروس جدري القرود "من 0% إلى 11% في عموم السكان وكانت أعلى بين الأطفال الصغار". لكن موجة التفشي الجديدة التي بدأت في مايو/ أيار الحالي ورصدت في بريطانيا "لم تشهد أي حالة وفاة حد الآن".

وقالت منظمة الصحة العالمية في وثيقة حديثة عن جدري القردة: "في الآونة الأخيرة، كانت نسبة الوفيات بين الحالات حوالي 3-6%".

ووفقًا لبيانات من جامعة جونز هوبكنز، فإن نسبة الإماتة لفيروس كوفيد-19، وهي عدد الوفيات لكل 100 حالة مؤكدة، هي 1.2% في الولايات المتحدة، لكن هذا الرقم يختلف باختلاف البلدان وبين المتحورات المختلفة للفيروس.

وقد أعلنت مسؤولة تنفيذية بارزة في منظمة الصحة العالمية أمس الإثنين أن المنظمة ليس لديها دليل على أن فيروس جدري القرود قد تحور، مشيرة إلى أن المرض المتوطن في وسط إفريقيا وغربها لم يتغير.

اختلاف بطريقة انتقال الفيروس 

من جهتها، أوضحت روزاموند لويس، مديرة إدارة الجدري في منظمة الصحة العالمية أن "جدري القردة وفيروس كوفيد ليسا المرض نفسه". وقالت: "إن جدري القرود ناجم عن فيروس مختلف وينتشر بطريقة مختلفة".

وتنتقل عدوى كوفيد-19 من شخص إلى آخر عبر استنشاق رزاذ أطلقه أحد حاملي الفيروس، أو عند لمس الأنف أو الفم أو الأعين بعد لمس أسطح ملوثة بالفيروس. 

وبحسب لويس، فإن الطريقة التي ينتشر بها جدري القرود هي من خلال الاتصال الجسدي الوثيق. وتقول: "يصاب الأشخاص المصابون بجدري القرود بطفح جلدي، وهذا الطفح الجلدي، إذا لمسته، يمكن أن يكون معديًا. لذلك ينتشر عبر الاتصال الوثيق من شخص لآخر عندما [يكون] داخل العائلات أو داخل الشبكات الاجتماعية حيث يحدث اتصال وثيق".

وكان المستشار في الأمراض المعدية الطبيب ضرار البلعاوي قد اعتبر أن لا ضرورة للقلق من فيروس جدري القردة، لأنه من عائلة فيروسات الجدري التي تصيب الإنسان. واستبعد أن يتفشى هذا الفيروس ويصبح جائحة كما حصل مع كورونا.

وأضاف في حديث إلى "العربي" من العاصمة الأردنية عمّان، أن ما يطمئن الناس أكثر أن جدري القرود ليس فيروسًا تنفسيًا، ولا يمكنه أن ينتقل إلى أكثر من شخص في ذات الوقت مثل كوفيد-19 أو الإنفلونزا.

وبيّن أن طريقة العدوى تكمن في الانتشار المباشر اللصيق، بين الحيوان المصاب والإنسان، مضيفًا أن هناك انتقالًا ثانويًا وضعيفًا من فرد لآخر، ويتطلب اتصالًا لصيقًا بين الشخص المصاب والسليم.

بروتوكولات الوقاية

ولمكافحة كوفيد-19، اعتبر التباعد الاجتماعي والحجر الصحي ووسائل الحماية الشخصية إضافة إلى التلقيح وسائل للوقاية من عدوى الوباء. وفي بروتوكول شبيه، يجب تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القرود، وارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى، إضافة إلى غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بمرضى جدري القرود أو زيارتهم وطهي كل المنتجات الحيوانية بشكل جيّد قبل أكلها.

وفيما استدعى فيروس كوفيد-19 حالة طوارئ بين شركات الأدوية التي نجحت في تطوير عدد من اللقاحات المضادة للفيروس بعد عام من بدء الجائحة، لم يتم تطوير لقاح خاص مضاد لفيروس جدري القرود. لكن ثبت أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القرود، وقد يقلل هذا اللقاح الذي يعرف باسم "إمفانكس"، وتمت الموافقة عليه عام 2013 في المملكة المتحدة، من وطأة المرض عند الإصابة به.

انتشار جدري القرود

وأثارت سرعة انتشار كوفيد حول العالم مخاوف من تكرار السيناريو نفسه مع فيروس جدري القرود.

ونشرت منظمة الصحة العالمية في 21 مايو/ أيار، وثيقة تفيد بأنه تم الإبلاغ عن حالات جدري القرود في "12 دولة عضو ليست متوطنة لفيروس جدري القرود" عبر ثلاث مناطق تابعة لمنظمة الصحة العالمية. وحتى الآن، "لم يتم الإبلاغ عن أي وفيات مرتبطة بذلك".

وفقًا للوثيقة، تم الإبلاغ عن حالات الإصابة بمرض جدري القرود في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وبلجيكا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد.

وعند تسجيل حالات الإصابة الأولى بجدري القرود في الولايات المتحدة علّق الرئيس جو بايدن بالقول "إن هذا أمر "يدعو إلى القلق". لكنّه قال أمس الإثنين: "لا أعتقد أنه يرتفع إلى مستوى القلق الذي كان موجودًا مع كوفيد-19".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة