السبت 12 أكتوبر / October 2024

تضارب أوكراني بشأن خسارتها.. هل من أهمية إستراتيجية لمدينة باخموت؟

تضارب أوكراني بشأن خسارتها.. هل من أهمية إستراتيجية لمدينة باخموت؟

شارك القصة

الخبير العسكري فيليب إنغرام يؤكد عدم وجود أهمية إستراتيجية لمدينة باخموت الأوكرانية (الصورة: غيتي)
أعلنت مجموعة فاغنر الروسية إحكام سيطرتها على مدينة باخموت مركز القتال في أوكرانيا منذ أشهر، بينما قدم بوتين التهنئة لقوات بلاده.

مساء أمس السبت، أعلنت موسكو إحكام سيطرتها على مدينة باخموت، مركز القتال في شرق أوكرانيا، في حين أكّدت كييف أنّ المعارك لا تزال مستمرة رغم إقرارها بأنّ الوضع "حرج".

لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وأثناء مشاركته في قمة مجموعة السبع باليابان قد أقرّ على ما يبدو بخسارة المدينة الإستراتيجية.

ورد زيلينسكي على سؤال حول ما إذا كانت مدينة باخموت لا تزال تحت سيطرة كييف: "أعتقد لا"، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".

وبالتزامن مع ذلك عاد سيرغي نيكيفوروف المتحدث باسم الرئيس الأوكراني للتوضيح بأن زيلينسكي لم يؤكد سيطرة القوات الروسية على مدينة باخموت.

وكتب نيكيفوروف على فيسبوك: "سؤال المراسل كان: الروس قالوا إنهم سيطروا على باخموت... وكان رد الرئيس: لا أعتقد ذلك"، مضيفًا باللغة الأوكرانية: "بهذه الطريقة نفى الرئيس الاستيلاء على باخموت".

"اكتمال تحرير باخموت"

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في بيان، أنه "على أثر الأعمال الهجومية لوحدات فاغنر، بدعم من مدفعيّة وحدة الجنوب وطيرانها، اكتمل تحرير مدينة أرتيموفسك"، مُستخدمةً الاسم السوفياتي لباخموت. وقبل ذلك بساعات قليلة، كان يفغيني بريغوجين، رئيس فاغنر، قد أعلن السيطرة على مدينة باخموت.

وفي بيان للكرملين نقلته وكالات أنباء روسية، قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء السبت التهنئة لمجموعة فاغنر وجيش بلاده بعد إعلانهما السيطرة على مدينة باخموت.

ونقلت وكالة "تاس" بيانًا للكرملين جاء فيه أنّ "بوتين هنّأ وحدات فاغنر الهجوميّة وكذلك جميع جنود وحدات القوّات المسلّحة الروسيّة الذين قدّموا لها الدعم اللازم لإتمام عمليّة تحرير أرتيموفسك".

وإذا كان هذا الانتصار صحيحًا، فسيكون الأول الذي تحققه موسكو منذ أشهر، في دائرة أطول معركة وأكثرها دموية منذ بدء الصراع.

وصدر إعلان بريغوجين في وقت يشارك فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة مجموعة السبع في هيروشيما في اليابان، حيث يعقد لقاءات مع كثير من قادة العالم سعيًا إلى تشديد الضغط الدولي على موسكو.

وقال بريغوجين في شريط فيديو بثه جهازه الإعلامي على تلغرام ويظهر فيه واقفًا إلى جانب رجال مسلحين أمام مبان مدمرة: "في 20 مايو/ أيار 2023 ظهر اليوم (السبت) تمت السيطرة على باخموت بالكامل".

وأضاف بريغوجين: "استغرقت العملية للسيطرة على باخموت 224 يومًا... فاغنر وحدها كانت هنا"، مؤكدًا عدم وجود أي قوات من الجيش الروسي.

في المقابل، أكدت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار على "تلغرام" أن القوات الأوكرانية لا تزال "تسيطر على بعض المنشآت الصناعية والبنى التحتية"، والمباني السكنية في المنطقة، مقرّةً في الوقت نفسه بأنّ "الوضع حرج".

من جهته، أكد مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك عبر التلفزيون أنه "سيتم تحرير باخموت كما سائر الأراضي الأوكرانية".

وقال بريغوجين إن مجموعة فاغنر ستسحب مقاتليها من المدينة اعتبارًا من 25 مايو/ أيار وستسلمّ الدفاع عن المدينة إلى الجيش الروسي، واضعًا مقاتليه في تصرف موسكو لعمليات مقبلة.

وتابع: "من الآن حتى 25 مايو/ أيار، سنفتّش كامل المدينة، وسنُقيم مواقع دفاعية ونسلّمها إلى العسكريين. من جهتنا، سنعود إلى القواعد".

وتكبد الطرفان خسائر فادحة في باخموت، المدينة التي كان يسكنها حوالي 70 ألف نسمة قبل الهجوم الروسي، وباتت اليوم مدمرة بمعظمها جراء المعارك.

ونجحت القوات الروسية بتحقيق تقدم بطيء في المدينة ومحيطها، فسيطرت على بلدات مجاورة مثل سوليدار إلى الشمال. وكانت تسيطر في الأسابيع الأخيرة على أكثر من 90% من باخموت ولا تواجه داخلها سوى جيب أخير من المقاومة الأوكرانية في الغرب.

لكن أوكرانيا أعلنت هذا الأسبوع استعادة أكثر من عشرين كيلومترًا مربعًا من القوات الروسية إلى شمال المدينة وجنوبها، مشكّلةً خطرًا على قوات فاغنر.

فاغنر تعلن السيطرة على باخموت بشكل كامل - رويترز
فاغنر تعلن السيطرة على باخموت بشكل كامل - رويترز

"العصي في الدواليب"

واتهم بريغوجين جنود الجيش الروسي بالفرار من مواقعهم قرب باخموت، مؤكدًا في الوقت نفسه أن رئاسة الأركان لا تمد رجاله بكميات كافية من الذخائر لإضعافهم. وقال السبت: "لم نقاتل الجيش الأوكراني فحسب في باخموت، بل أيضًا البيروقراطية الروسية التي وضعت لنا العصي في الدواليب".

وكرر انتقاداته الشديدة لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف، مؤكدًا أن عدد القتلى في صفوف قواته في باخموت ازداد بخمسة أضعاف "بسبب نزواتهما"، متوعدًا بأنهما "سيتحملان مسؤولية أفعالهما".

وتكبدت روسيا منذ بدء حرب أوكرانيا نكسات كبيرة على الجبهة، أرغمتها على الانسحاب من محيط كييف ثم من منطقة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا ومن مدينة خيرسون إلى الجنوب. وظل خط الجبهة ثابتًا بشكل أساسي طوال الشتاء وتركزت المعارك في باخموت.

وينتظر الطرفان الآن الهجوم المضاد الذي توعدت به السلطات الأوكرانية معوّلةً على إمدادات الأسلحة الغربية. وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الآونة الأخيرة أن جيشه "بحاجة إلى مزيد من الوقت" للإعداد لهذا الهجوم.

وتزامنت هذه التطورات في ساحة القتال الأوكرانية مع حصول زيلينسكي على تعهدات في زيادة الدعم المقدم لبلاده في قمة مجموعة السبع في هيروشيما اليابانية.

وتحدث الرئيس الأوكراني عن موافقة واشنطن على تدريب عسكريين أوكرانيين على استخدام طائرات أف-16 واستعداد عدة دول أوروبية لتزويد كييف بها، وهي خطوة قابلتها موسكو بالتحذير، إذ اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدعم الغربي حربًا على بلاده متوعدًا بالرد عليها.

ما أهمية باخموت الإستراتيجية؟

الخبير العسكري، فيليب إنغرام، قال إن مدينة باخموت لا تملك في الواقع أهمية إستراتيجية من المنظور الجغرافي، وهي تقع وسط بعض الطرق التي يمكن استخدامها للإمداد بالأسلحة، مشيرًا إلى أن الاستيلاء عليها لن يحدث فرقًا كبيرًا وأهميتها تكمن من الناحية النفسية حيث تمكّن القوات الروسية من تركيز معاركها في مكان واحد بينما يستطيع الجيش الأوكراني تدريب قواته على الأسلحة والمدفعيات الغربية استعدادًا للهجوم المضاد المرتقب.

وأكد إنغرام في حديث إلى "العربي" من لندن أن السيطرة على باخموت لن تكون لها أهمية كبرى في حال استطاعت القوات الأوكرانية النجاح في هجومها المضاد ودفع الجيش الروسي.

وعن إعطاء الضوء الأخضر الغربي لتوريد طائرات إف-16 المقاتلة لأوكرانيا، لفت إلى أن تأثير ذلك سيظهر من خلال تكثيف روسيا لهجماتها على المدن في أوكرانيا عبر المسيرات الانتحارية، مؤكدًا أن استخدام هذه الطائرات لن يحدث فرقًا فوريًا في المعارك إلا بعد تدريب القوات الأوكرانية عليها وهو ما سيستغرق أشهرًا طويلة، مرجًحا رؤيتها في ساحات القتال في الشتاء القادم.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close