الأربعاء 8 مايو / مايو 2024

حراك الشارع السوداني.. هل يدفع العسكر إلى تغيير مسارهم؟

حراك الشارع السوداني.. هل يدفع العسكر إلى تغيير مسارهم؟

Changed

جانب من احتجاجات الشارع السوداني (غيتي)
جانب من احتجاجات الشارع السوداني (غيتي)
يأتي حراك الشارع السوداني في ظل إدانات دولية للانقلاب ومطالبات بعودة الحكومة المدنية، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام إمكانية أن يحمل الحراك العسكر على تغيير مسارهم.

شهدت العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى تظاهرات حاشدة رفضًا للانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وأطاح فيه بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وأعلنت وزارة الصحة السودانية، اليوم السبت، عن مقتل خمسة أشخاص، فيما نفت قوات الأمن استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين.

ويأتي الحراك الذي دعا إليه تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة في ظل إدانات دولية للانقلاب ومطالبات بعودة الحكومة المدنية، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام إمكانية أن يحمل الحراك العسكر على تغيير مسارهم.

وشهد السودان منذ عام 2019 متغيرات عدة، حيث دخل في نفق التطبيع مع إسرائيل، إضافة إلى أن قوى الثورة لم تعد كسابق عهدها في ظل خلافات وانقسامات أملتها تجربة الحكم التي خاضتها، وسط تساؤلات بشأن إمكانية تكرار تجربة إسقاط حكم البشير على البرهان.

ويبدو للبعض أن العامل الدولي يدفع في هذا الاتجاه، في ظل القلق والإدانة والمطالبات بعودة الحكومة المدنية ودعوة للالتزام بمبدأ الشراكة مع المدنيين، وهي أبرز مواقف المجتمع الدولي الذي يهدد أيضًا بوقف المساعدات والإعفاءات من الديون عن الخرطوم.

إلا أن هذه المواقف والإجراءات لا تبدو كافية بنظر آخرين لإجبار العسكر على تغيير مسارهم، حيث يناور العسكر بمغازلتهم لأطراف دولية عبر تعيين أبو القاسم أحمد المعروف بـ"برطم" الذي يعد أحد أبرز مناصري التطبيع عضوًا في مجلس السيادة الجديد، ويدعّي بعضهم أيضًا أنهم يحظون بدعم قوى إقليمية.

معادلات العسكر "متحركة وليست ثابتة"

وفي هذا الإطار، يرى رئيس حزب المؤتمر السوداني سليمان الغوث، أن "العسكر لا يستطيعون السير في هذا الطريق إلى ما لا نهاية"، في ظل حشود ملايين السودانيين في شوارع البلاد رفضًا للانقلاب العسكري.

ويشير الغوث في حديث إلى "العربي" من الخرطوم إلى تعويل القوى المدنية على "جماهير الشعب السوداني أكثر من العوامل الأخرى التي يمكن أن تزيد الضغط على العسكر للتراجع".

ويعتبر أن معادلات وموازين القوى لدى العسكر "متحركة وهي ليست ثابتة". ويلفت إلى أن المنظومة العسكرية التي تشكل المؤسسة العسكرية في السودان "هي أيضًا تشهد علاقات متحركة بفعل الضغط الشعبي الكبير".

ويذكّر بأن القوى الثورية خاضت "نضالًا قويًا" ضد نظام البشير، وهو الأعنف من الانقلاب الأخير الذي قاده الجيش. ويشير إلى أن الشباب الذين كسبوا الحرية بعد الإطاحة بنظام البشير "لن يتراجعوا الآن".

ويؤكد أنه "ليس أمام العسكر سوى التراجع عن الانقلاب"، ويقول: "أيًا كانت سيناريوهات هذا التراجع أمام الضغط الدولي والمعادلات الداخلية سيجد الانقلاب نفسه في آخر المطاف مضطرًا للتراجع أو أن يذهب إلى إبادة الشعب السوداني".

ويشير إلى حالة العنف المفرط التي اتبعتها الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين في "مليونية 13 نوفمبر".

ويرى رئيس حزب المؤتمر السوداني أنه في حال "ذهاب العسكر إلى تعيين حكومة فلن يعترف بها الشعب السوداني أو العالم الخارجي".

"العنف مرفوض"

من جانبه، يعتبر أستاذ العلوم السياسية الرشيد محمد إبراهيم، أن "العنف والقتل مرفوض ولا يمكن تبريره أيًا كان مصدره".

ويرى إبراهيم في حديث إلى "العربي" من الخرطوم أن هناك ضرورة "للعودة قليلًا" إلى الشراكة التي كانت بين العسكر والقوى المدنية التي كانت تشكل المشهد السوداني، لكنه يستدرك أن ذلك كان يبدو عبارة عن "شراكة إكراه" بين الطرفين.

ويلفت إلى أن العسكر وقوى الحرية والتغيير كانوا "شركاء في الفترة الماضية بإنجازاتها وإخفاقاتها".

ويقول: إنّ هناك تساؤلات في الشارع السوداني بشأن حقيقة وجود مدنية وديمقراطية حتى يتم استعادتها. ويضيف: أن الشعارات التي رفعها الثوار بشأن مدنية الدولة لا يمكن تطبيقها من دون إنشاء مؤسسات.

ويعتبر أن قوى الحرية والتغيير "فشلت في بناء هذه المؤسسات"، حيث كان هناك "جمع للسلطات خلال العامين الماضيين".

ويؤكد أنه "لا يمكن تبرير الانقلاب، لكن يمكن فهم السياق الذي حدث فيه"، ويقول: إنه "لا يمكن القبول بالأداء الضعيف الذي قتل طموحات الشعب السوداني من قبل قوى الحرية والتغيير"، حسب تعبيره.

"غياب بيئة شعبية حاضنة للانقلاب"

من جانبه، يرى الباحث السياسي مصطفى طوسة أن هناك عنصرين أساسيين يمكن من خلالهما فهم التجربة التي يقوم بها حاليًا عبد الفتاح البرهان مع انقلابه على المكون المدني وشرحها.

ويعتبر طوسة في حديث إلى "العربي" من باريس، أن العنصر الأول يتعلق بغياب البيئة الشعبية الحاضنة لخطوة الانقلاب، أما العنصر الثاني فهو موقف المجموعة الدولية التي نددت بالانقلاب وطلبت من البرهان التراجع عنه.

ويقول: إنّ المجموعة الدولية تنظر إلى التجربة السودانية على أنها "تجسد الفشل لتجربة كانت تراهن عليها لإعطائها كنموذج للمنطقة".

ويذكّر بأن "المجموعة الدولية راهنت كثيرًا وألغت ديونًا ووعدت بمساعدات من أجل إنجاح التجربة السودانية".

ويرى أن "انخراط مؤسسات مدنية وعسكرية في مسلسل بناء المؤسسات والديمقراطية والدولة المدنية يمكن أن يحظى بدعم كبير مالي وسياسي من المجموعة الدولية".

ويلفت إلى أن خطوة الانقلاب "تعيد الوضع إلى المربع الأول" في السودان. ويرى أن "المجموعة الدولية ستعمل للضغط من أجل عزل عبد الفتاح البرهان لأنه يتناقض تمامًا مع ما تطلبه" من إصلاحات.

ويؤكد أن الحديث عن التطبيع مع إسرائيل والعلاقات معها "لا يشفع للانقلابيين". ويلفت إلى امتلاك المجموعة الدولية لأدوات تتعلق بالعزلة السياسية الدولية لإنهاء العملية الانقلابية في السودان.

ويشير إلى أن هناك مخاوف من أن يتحول السودان إلى "حلبة تتصارع الدول الإقليمية" عليه وتكرار السيناريو الليبي.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close