كابر دونالد ترمب قبل مغادرة البيت الأبيض؛ فلم يحضر حفل تنصيب خلَفه، رغم تأكيده أنه يريد انتقالًا سلسًا للسلطة إلى إدارة جو بايدن.
ومع أنه دعا الأميركيين إلى "المصالحة وتضميد الجراح"، بعد الأحداث التي شهدها مبنى الكونغرس عندما اقتحمه مناصروه، إلا أنه لم "يتخفّف" من ادعاءاته بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020.
"جريمة القرن"
قبل أيام ألغى ترمب مؤتمرًا صحافيًا كان من المزمع عقده بمناسبة ذكرى اقتحام مبنى الكابيتول.
وفي ما وصفه بـ"جريمة القرن"، جدّد تأكيده من دون أن يقدّم أي دليل، أنّ الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام بايدن شابتها عمليات "تزوير".
وكانت الأشهر الماضية التي أعقبت نتائج الانتخابات، قد شهدت حقبة "ما بعد رئاسية" استثنائية في التاريخ الأميركي.
فالرئيس الذي أثار الجدل خلال تولّيه السلطة في البيت الأبيض، أبى أن يستسلم لواقع خسارته، أو أن يحتجب على غرار نظرائه السابقين.
وبين التبعات السياسية والقانونية لما عُد "محاولة انقلابية على الحكم الديمقراطي" عندما زحف أنصاره إلى مبنى الكونغرس بغرض عرقلة المصادقة على فوز بايدن، وتحيّنه الفرصة لانتقاد سياسات الأخير، إضافة إلى معركته مع عمالقة التواصل الاجتماعي، حافظ ترمب على حضور دائم ومتجدد تحت الأضواء.
نجاته من العزل
وصوّت مجلس النواب الأميركي لصالح عزل ترمب في 13 يناير، على أثر أحداث الكابيتول، بعد تحريض أنصاره بخطاب ناري، زعم فيه أن الانتخابات مزوّرة ودعاهم إلى الزحف إلى الكابيتول و"القتال بشراسة".
غير أن ترمب نجا بفضل الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الذي أعلن عدم إدانة الرئيس السابق بتهمة التحريض على العصيان.
وفي ختام المحاكمة التي استمرت 5 أيام، قال محامي ترمب: "لم يعد هناك صراع، لقد فزنا، غير مذنب".
وشهدت الجلسة تصويت 57 عضوًا من أصل مئة ضد ترمب، في حين كان قرار الإدانة يحتاج إلى أغلبية الثلثين أي ما يساوي 67 صوتًا.
مجلس الشيوخ يفشل للمرة الثانية في إدانة #ترمب، وبيلوسي تصف بعض النواب بـ "الجبناء" pic.twitter.com/Gq7uTGW94y
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 14, 2021
وأنقذ الجمهوريون ترمب بعدما صوّت 43 منهم لصالح تبرئته. وبرر ذلك زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بأن "المحاكمة غير دستورية لأن ترمب لم يعد رئيسًا".
وقال: "لا يوجد أي شك في أن الرئيس ترمب مسؤول عمليًا وأخلاقيًا عن إشعال أحداث ذلك اليوم".
وكان قرار الإدانة سيحرم ترمب من الترشح للانتخابات مرة أخرى، بعدما أصبح أول رئيس في تاريخ أميركا يخضع للمحاكمة أمام الكونغرس مرتين.
إلى ذلك، تحقّق لجنة برلمانية في الدور الذي لعبه ترمب والأشخاص المحيطين به في الهجوم، بعدما مُنحت صلاحية استدعاء الشهود وطلب الحصول على وثائق.
واللجنة هذه صادق مجلس النواب على تشكيلها بعد عرقلة الجمهوريين تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة كان ليرأسها عشرة خبراء يتم اختيارهم على حدة وبالتساوي بين الحزبين، على غرار تلك التي شكّلت بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
خطط لم تحسم
في فبراير الماضي، أُفيد بأن ترمب يتطلع إلى استعادة كرسيه الرئاسي. وقد أكد أحد مستشاريه أنه "سيعود لينتقم"، في وصفه لخطة عودته إلى البيت الأبيض خلال انتخابات 2024.
لكن ترمب الذي لا يتغيب عن فعاليات خاصة بالحزب الجمهوري، ومن بينها وليمة أقامها لعدد من الأعضاء، أبلغهم فيها بأنه سيساعدهم بالفوز في انتخابات الكونغرس المقبلة، أكد ثقته باستعادة مجلس النواب واسترداد مجلس الشيوخ، وبوصول جمهوري إلى البيت الأبيض عام 2024.
غير أنه صرّح بأن أي حديث عن خططه الخاصة ستنتظر حتى بعد انتخابات نوفمبر 2022.
حتى ذلك الحين، يواكب ترمب قرارات الإدارة الأميركية الحالية ويعقب على بعضها، إلى حد ذهابه لاتهام بايدن بـ"تدمير الأمة الأميركية" أمام تجمع لأنصاره في أوهايو في يونيو/ حزيران الماضي.
واعتبر ترمب خطة بايدن التاريخية للبنى التحتية التي أقرها مجلس الشيوخ، وبلغت قيمتها 1,2 تريليون دولار، "عارًا"، متوعدًا بالانتقام سياسيًا من الجمهوريين الذي صوّتوا لصالحها.
كما انتقد بشدّة إدارة بايدن للأزمة في أفغانستان، واصفًا انسحاب جيش بلاده منها بـ"الفشل الذريع".
"تروث سوشل"
عقب أحداث الكابيتول، حُظرت حسابات ترمب على مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب بتهمة تحريضه أنصاره على اقتحام المبنى، الأمر الذي لم يستسغه إطلاقًا وحمله على مهاجمة هذه المواقع باستمرار.
تطبيق "منصة الحقيقة" التابع لـ #ترمب يحصد تمويلا استثماريا بقيمة مليار دولار pic.twitter.com/US6bpV67Q7
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 6, 2021
وأخيرًا دفعه هذا "العزل" الافتراضي إلى الإعلان عن عمله على إطلاق منصته الخاصة باسم "تروث سوشل"، وذلك للوقوف في وجه ما وصفه بـ"استبداد عمالقة التكنولوجيا".
وبينما أعرب عن حماسته للبدء بنشر أفكاره على المنصة، قال: "نحن نعيش في عالم تتمتع فيه حركة طالبان بحضور هائل على تويتر، ومع ذلك تم إسكات رئيسكم الأميركي المفضل".