Skip to main content

رسائل البرهان والكباشي.. ما انعكاساتها على الاتفاق الإطاري السوداني؟

الأحد 5 فبراير 2023

أطلق قادة عسكريون في مجلس السيادة السوداني تصريحات مثيرة للجدل مؤخرًا، وأدخلت الشك بشأن مصير الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. 

فقد صرّح شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة خلال خطاب جماهيري، أن الاتفاق الإطاري وقّعته بعض القوى السياسية ولا يمثّل ذلك الحدّ الأدنى المعقول والمقبول لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني.

وأضاف الكباشي أن الجيش لن يحمي دستوريًا غير متوافقٍ عليه، داعيًا في الوقت نفسه الموقعين على الاتفاق إلى "توسيع صدورهم" وقبول دخول أطرافٍ أخرى للتوقيع حتى يحدث توافق نسبي.

تناغم تصريحات العسكر

هذا وتتناسق تصريحات الكباشي في مضمونها، مع تصريحاتٍ أخرى لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أكّد فيها عدم وجود نيّةٍ لدى الجيش للانقلاب على الاتفاق الإطاري، حيث جزم البرهان في السابق أن القوات المسلحة لا تريد المضي في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة.

كما سبق وشددّ البرهان في الوقت نفسه على أن القوات المسلحة لن تتراجع عن الاتفاق وسيتم المضي فيه شريطة ألا يقصي أحدًا.

هذا ما أكّد عليه بدوره نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، الذي شددّ على الالتزام الكامل بالاتفاق لأنه يمثّل وفق قوله، نافذة أملٍ للشعب في هذا الوقت الحرج.

رسائل العسكر

ويقول سياسيون سودانيون أن تصريحات البرهان والكباشي بشأن ضرورة توسيع الاتفاق الإطاري، تتضمن قراءتين اثنتين، تحمل الأولى بين سطورها رسالة تهديدٍ لجناح المجلس المركزي في قوى الحرية والتغيير، الشريك في الاتفاق الإطاري والمتهم من قبل العسكر بإقصاء بقية الأحزاب والتيارات السياسية وإبعادها عن الاتفاق.

أما القراءة الثانية، فيستنبط منها البعض دلالات واضحة على تفسخٍ إطاري في ظلّ تضارب توجهات القائمين عليه، ومن بينهم العسكري أنفسهم، وأكبر مثال على ذلك تأكيد دقلو على عدم لقائه بالوفد الإسرائيلي الذي التقى مؤخرًا بالبرهان في الخرطوم.

حتى أن دقلو ذهب لأبعد من ذلك، عندما قال: إن لا علم له أصلًا بزيارة الوفد للبلاد.

هل يضع العسكر شروطًا تعجيزية؟

متابعةً لهذا الملف، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي فتح الرحمن محي الدين أن عددًا كبيرًا من القوى في الساحة السياسية السودانية حاليًا يجب أن تتوافق إذا ما أريد للفترة الانتقالية الاستقرار، وأن تمضي بدون تقاطعات تضر بكل العملية السياسية.

ويتابع محي الدين من الخرطوم: "للأسف منذ 5 ديسمبر، الذين وقعوا على الاتفاق الإطاري وعلى رأسهم مركزية الحرية والتغيير، يصرون على أنهم الأساس والثورة وغيرهم توابع، ولا مجال لهؤلاء في أن يكونوا مؤثرين، على الرغم من أنهم (مركزية الحرية والتغيير) القلة ولا يمثلون جزءًا مقدرًا من القوى الثورية في الشارع".

في المقابل، يلفت الخبير العسكري إلى أن المكون العسكري قال منذ البداية إن الاتفاق الإطاري يعتبر نموذجًا يمكن أن يحتذى به للمضي إلى الأمام في الفترة الانتقالية، لكن لا بد من تحصينه بمشاركة واسعة من معظم القوى الثورية.

ويردف محي الدين لـ"العربي": "صحيح لا يمكن أن يكون هنالك إجماع لكن يوجد أيضًا قوى فاعلة ترغب في أن تكون جزءًا من المشهد السياسي ولها تأثيرها الفاعل، منهم الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية.. ولكن مركزية الحرية والتغيير كانت تصر على عدم إضافة الكتلة، بل فقط حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، لكن هذه الحركات رفضت ذلك لأنه تم تصميم الاتفاق دون مشاورتهم".

هل يحاول العسكر "شراء الوقت"؟

من جهته، يفهم الكاتب بصحيفة "السوداني" ضياء الدين بلال من تصريحات الكباشي في هذه المرحلة، أنها تعبير عن رغبة المكون العسكري في الاستمرار في الحكم بحيث يراهن على هذه التناقضات القائمة بين المكونات المدنية المختلفة.

فلا يعتقد بلال أن هناك نوايا حقيقية للعسكر للعودة إلى الثكنات والخروج من الحياة السياسية، "وأكبر دليل على عدم رغبة المكون العسكري في أن يكون مكونًا انتقاليًا لحظيًا هو سعيه إلى التطبيع مع إسرائيل".

ويقول الكاتب الصحفي من لوسيل: "المؤشر الأساسي الذي يدلّ عليه الاتجاه نحو التطبيع مع إسرائيل، هو التأكيد أن هذا المكون العسكري وعلى رأسه البرهان لا نية له في الخروج من الملعب السياسي، كون هذا الملف غير انتقالي بل مركزي وإستراتيجي يجب أن ينظر إليه من خلال برلمان منتخب على الأقل".

بالتالي، فإن المتغيرات التي تظهر الآن في تصريحات القادة العسكريين في السودان هي ذات صلة بالتحول الكبير الذي يحدث في ملف التطبيع، فيما يبدو أن الموقف الأميركي الآن أقرب للتعامل مع المكون العسكري، وهذا ما يختلف عن الموقف الذي كان معلنًا من قبل، بحسب ضياء الدين بلال.

هل التوافق ضرورة أم مراوغة؟

أما معاذ خليل محمد علي المتحدث باسم لجان المقاومة بالخرطوم فينقل لـ"العربي"، أن موقفهم واضح منذ البداية بأنهم ضد الاتفاق الإطاري ورفض أي عملية تسوية سياسية.

فيقول علي من الخرطوم: "المجموعة الانقلابية الموجودة في الحكم الآن سمتها الخيانة وعدم الوفاء للمواثيق والالتزام بها، وواضح جدًا أنهم يحاولون اليوم الانقلاب على الاتفاق الإطاري".

كما يجدّد المتحدث باسم لجان المقاومة بالخرطوم، رفض الدخول في تفاوض مع المكون العسكري، لأن "لديه مطامع سلطوية واضحة تجلّت في انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وفي تصريحات المجلس العسكري الأخيرة".

ويضيف علي: "خطنا هو إسقاط الانقلاب ونعتقد أنه المدخل الأساسي للتحول الديمقراطي والسلطة المدنية الكاملة، وبعد ذلك يمكن أن ندخل في تفاصيل المرحلة الانتقالية".

المصادر:
العربي
شارك القصة