كشفت مصادر لـ"العربي" أن رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري أبلغ المجلس الشرعي الأعلى نيته الاعتذار عن تشكيل الحكومة خلال 48 ساعة، في الوقت الذي حذّر فيه من أنّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي يتدهور يومًا بعد يوم.
وفي مؤتمر صحافي اليوم السبت عقب لقائه مفتي لبنان عبد اللطيف دريان بالعاصمة بيروت، قال الحريري: "وضعت المفتي في أجواء ما حدث خلال الفترة الماضية، وعيني وعين المفتي على البلد وما يهمّنا هو البلد؛ لبنان يتدهور اقتصاديًا واجتماعيًا كل يوم".
ولم يعقب الحريري على أسئلة الصحافيين بشأن قرار اعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية المتعثرة منذ أشهر.
مفتي لبنان "يؤيّد" اعتذار الحريري
وبحسب مراسل "العربي" في بيروت، فإنّ زيارة الحريري اليوم إلى دار الفتوى جاءت تزامنًا مع "سقوط" مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذا صحّ التعبير، مشيرًا إلى أنّ أول مؤشرات هذا السقوط تمثّل في تغريدة لمستشار بري النائب علي حسن خليل الذي حمّل مسؤولية تعثّر المبادرة لرئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل.
وينقل مراسلنا عن أكثر من مصدر داخل المجلس الشرعي الأعلى أنّ الحريري جاء إلى دار الفتوى بحثًا عن غطاء سني لأي خطوات مقبلة سيقوم بها، وأنّه فاتح المجلس بنيّته الاعتذار عن تشكيل الحكومة في غضون 48 ساعة.
ويلفت إلى وجود انقسام داخل المجلس بين مؤيد للحريري بهذه الخطوة ومُعارض لها، وقد يكون مفتي الجمهورية أحد المؤيّدين وفقًا لمراسلنا، باعتبار أنّ الحريري "يجب أن يرمي بكرة النار عند الأطراف الأخرى، في ظلّ التدهور الكبير الذي يشهده لبنان في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، على وقع الأزمات المعيشية المتفاقمة والمتردية.
بري يطالب الحريري بـ"التريّث"
ويشير مراسل "العربي" إلى وجود رأي آخر يمثّله رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الذي يعتبر أنّ الحريري يجب أن يصمد أكثر "في ساحة المعركة"، إن صحّ التعبير، وألّا يقدّم اعتذاره لرئيس الجمهورية.
ووفقًا لمراسلنا، فإنّ الحريري سيجتمع مع رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة اليوم لمناقشة نيته الاعتذار عن الحكومة.
ويلفت مراسل "العربي" إلى معطيات تفيد بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصل بالحريري بعد خروجه من دار الفتوى وطالبه بـ"التريّث".
وفي 18 مايو/ أيار الماضي، قال الرئيس اللبناني ميشال عون، في رسالة وجهها إلى مجلس النواب: إن الحريري بات عاجزًا عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة.
وردًا على رسالة عون، دعا البرلمان اللبناني الحريري إلى الاستمرار في مساعي تشكيل الحكومة بالاتفاق مع الرئيس ميشال عون.
وجراء خلافات سياسية بين ميشال عون والحريري، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار المرفأ في أغسطس/ آب الماضي.
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية، كما يشهد منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019 احتجاجات شعبية تتهم النخبة السياسية الحاكمة بـ"الفساد وانعدام الكفاءة" في إدارة البلاد.