تصدّر لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في مدينة شرم الشيخ الاهتمام السياسي في الساعات الماضية.
وانبثقت أهمية اللقاء من كونه الاجتماع الرسمي الأول من نوعه بين رئيس مصري ورئيس وزراء إسرائيلي، على الأقلّ بصورة علنية، منذ أكثر من عشر سنوات.
وبحث السيسي وبينيت جهود إحياء عملية السلام والأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية بحسب بيان للرئاسة المصرية.
من جهتها، ذكرت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أنّ اللقاء شهد مباحثات بشأن سبل التوصل إلى تسوية في قطاع غزة، وقضية الجنديين المفقودين والمواطنين الإسرائيليّين المحتجَزين في قطاع غزة.
رحلات مباشرة بين القاهرة وتل أبيب
وتزامنًا مع الزيارة، ذكرت صحف إسرائيلية أنّ شركة مصر للطيران ستبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل تسيير أربع رحلات مباشرة بين القاهرة وتل أبيب أسبوعيًا.
ولم يصدر تعليق رسمي من الشركة بخصوص ذلك.
وتأتي زيارة بينيت لمصر في وقت تتزايد فيه موجة التطورات السياسية في المنطقة، وفي ظلّ تنامي العلاقات الأمنية والاقتصادية بين البلدين.
وكانت آخر زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو لمصر في يناير/كانون الثاني 2011.
دور حيويّ للقاهرة في فلسطين
وأدت القاهرة دورًا حيويًا في مايو/ أيار الماضي، عندما نجحت في التوسط لوقف إطلاق النار أدّى لإنهاء العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة الذي استمرّ 11 يومًا.
وترتبط مصر منذ العام 1979 باتفاق سلام مع إسرائيل وغالبًا ما تقوم بوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعلى الرغم من دعم القاهرة للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، إلا أنها تعمل دائمًا على التقريب بين الفصائل الفلسطينية باستضافتها جولات حوار بين حركتي حماس وفتح.
وقبل عشرة أيام، استقبل السيسي نظيره الفلسطيني والعاهل الأردني للبحث في تطور الأوضاع في القدس.
تعاون اقتصادي وأمني مصري إسرائيلي
إلى ذلك، تتعاون مصر مع إسرائيل في المجال الأمني وفي مجال الطاقة أيضًا.
ففي 2019، قال السيسي خلال مقابلة في برنامج "60 دقيقة" الأميركي: إن الجيش المصري يعمل بالتنسيق مع إسرائيل ضد "الإرهابيين" في سيناء في شمال شرق البلاد، واصفًا هذا التعاون بأنه "الأقرب" على الإطلاق بين البلدين.
ووصل حد التطور في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى قيام مصر العام الماضي باستيراد الغاز الطبيعي، للمرة الأولى من إسرائيل لإعادة تسييله وتصديره إلى أوروبا، بموجب اتفاق لمدة 15 عامًا بقيمة 15 مليار دولار.
وسبق أن اشترت إسرائيل الغاز من مصر لكن خطوط الأنابيب البرية استُهدفت مرارًا بهجمات نفذتها جماعات متطرفة في سيناء في 2011 و2012.
خطط القاهرة لإحياء محادثات "السلام"
ويرى عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب المصري طارق الخولي أنّ الزيارة تأتي في إطار خطط القاهرة لإحياء المحادثات السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ويشير الخولي، في اتصال مع "العربي"، إلى أنّ هذه الزيارة تأتي بعد زيارة إلى القاهرة قام بها الرئيس الفلسطيني والعاهل الأردني قبل عشرة أيام تقريبًا.
ويلفت إلى أنّ هذا النشاط يأتي في إطار تحركات القاهرة من أجل إحراز المزيد من التقدم في القدرة على جمع كل الأطراف على مائدة تفاوض واحدة والقدرة على الحفاظ على التهدئة ما بين إسرائيل وفلسطين.
وفيما يشير إلى المناوشات المتكرّرة بين قطاع غزة والجانب الإسرائيلي، يتحدّث عن قلق من انعكاسات ذلك على الوضع في أي وقت، ولذلك فإنّ تحركات القاهرة تأتي من أجل ترسيخ التهدئة والهدنة بين كل الأطراف.
ويشدّد على أنّ مصر تؤكد دائمًا أنّ القضية الفلسطينية هي القضية الأم بالنسبة لسياستها الخارجية وفي المنطقة، معتبرًا أنّ حلّ هذه القضية سيغيّر وجه المنطقة بالكامل وسيخفف حدة التوتر التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
"حالة من الحميمية"
في المقابل، يضع الخبير في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي اللقاء ما بين السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي في سياق العلاقة بين مصر بعد صعود الرئيس السيسي وإسرائيل.
ويلفت إلى أنّه مع صعود السيسي إلى الرئاسة في مصر، "حدث تطور كبير على نمط العلاقة والشراكة الاستراتيجية ما بين الكيان الصهيوني ومصر، وتجسّد هذا في كثير من مظاهر التعاون الأمني والشراكات الاستراتيجية".
وينقل عن وسائل إعلام إسرائيلية أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو كشف، من باب المزايدة على بينيت، أنه سبق أن التقى بالسيسي في سيناء منذ العام 2011 ستة مرات سرًا.
ويشير إلى أنّ هذا الأمر يعني أنّ السيسي حتى عندما كان رئيسًا للمخابرات العسكرية كان يلتقي بنتنياهو، متحدّثًا عن "حالة من الحميمية ما بين نظام السيسي والكيان الصهيوني"، على حدّ تعبيره.
ويلفت في السياق نفسه إلى ما قيل إسرائيليًا عن ظروف هذا اللقاء، حيث كان التركيز على أنّ السيسي هو الذي بادر لدعوة بينيت وهذا ما كان مفاجئًا للأوساط الإسرائيلية.