الخميس 2 مايو / مايو 2024

انقلاب ميانمار.. عودة إلى الأيام "المظلمة" للحكم العسكري

انقلاب ميانمار.. عودة إلى الأيام "المظلمة" للحكم العسكري

Changed

الانقلاب العسكري في بورما
أثار الانقلاب في بورما الذي قاده الجيش سلسلة تنديدات من كل أنحاء العالم (غيتي)
قوبل الانقلاب على سو تشي بإدانات صاخبة، في ظلّ "عدم يقين" تجاه مستقبل البلاد، فيما يُنظر إلى اعتقالها على أنه عودة إلى "الأيام المظلمة" للحكم العسكري القمعي.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، أفرج الجيش البورمي عن المعارضة أونغ سان سو تشي من منزلها، حيث كانت رهن الإقامة الجبرية. يومها، ركض أنصارها مسافة مئات الأمتار نحو البوابة الأمامية للمنزل للاحتفاء بها، وانسحب الترحيب بالإفراج عنها على المشهد العالمي، باعتباره "فجرَ حقبةٍ ديمقراطية جديدة في بلد يُعاني من القمع العسكري".

تحوّلت ابنة "مؤسّس الأمة"، الجنرال أونغ سان الذي أسّس الجيش البورمي المعروف باسم "تاتماداو" الذي ساهم في استقلال البلاد، إلى رمز للمقاومة الديمقراطية السلمية.

وطوال فترة احتجازها، أُغرقت سو تشي بالجوائز العالمية، حيث مثّلت "النعمة والكرامة في مواجهة القمع الوحشي"، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان". وبعد عام من إطلاق سراحها، تحوّلت من أيقونة ديمقراطية إلى سياسية ناشطة، فـ"سقطت من عليائها"، وتهاوت نظرة الغرب الإيجابية لها بسرعة.

في انتخابات العام 2015، فاز حزبها "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، لكن زواجها من أجنبي (الأكاديمي الراحل مايكل آريس)، حرمها من فرصة أن تكون رئيسة للبلاد، فصارت بدلًا من ذلك مستشارة للدولة، ووزيرةً للخارجية، "أي الزعيم الفعلي للبلاد".

لكنّها كانت مضطرة للتعامل مع الجيش الذي كان لا يزال، بحكم الدستور، يُسيطر على 25% من المقاعد البرلمانية والوزارات الحكومية الرئيسية، وهو ما أظهر ضعفها في التأثير على السياسة في البلاد، ولم تستطع الإيفاء بوعد التحرّر الاقتصادي، كما لم يرقَ التطوّر إلى المستوى الذي يتوق إليه هذا البلد الفقير.

وتزايدت المخاوف من أن رضوخها يمنح الجيش الشرعية للاستمرار بالسيطرة على البلاد، وبرز ذلك بقوّة، حين لم ترغب أو تقدر على إدانة فظائع الجيش الذي شنّ إبادة جماعية ضدّ أقلية الروهينغيا في ولاية راخين.

دعا العالم أونغ سان سو تشي للدفاع عن الأكثر تهميشًا واضطهادًا في الدولة التي تقودها، لكنها راوغت في ردّة فعلها، وقالت لمحكمة العدل الدولية في لاهاي: "الوضع في ولاية راخين مُعقّد، وليس من السهل فهمه"، مشيرة إلى أنّ مزاعم الإبادة الجماعية كانت "صورة واقعية غير كاملة ومُضلّلة للوضع".

لطالما كانت أونغ سان سو تشي قومية بورمية، ومفهومها للأمة متأصّل بالهوية العرقية، ولكنّها لم تستطع التعامل مع محنة الأقليات العرقية المتنوّعة في بورما (وليس فقط الروهينغيا)، وعلى الرغم من الانتقادات الموجّهة إليها من المجتمع الدولي، تبقى محبوبة في بورما.

محليًا، سيُنظر إلى اعتقالها من قبل الجيش على أنه عودة إلى "الأيام المظلمة" للحكم العسكري القمعي، ويقول ديفيد ماتيسون، المُحلّل البورمي المستقل لـ"الغارديان": إن تصرّفات الجيش يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بسهولة، ويشرح أن الجيش "لا يُمكنه الاعتماد على تقاعس بعض البورمين في التحرّك ضدّ إجراءاته؛ هناك جيل نشأ مع سو تشي وهي في الإقامة الجبرية، وجيل أصغر نشأ مع كونها حرة، ويدعمها بالفعل، وهناك الكثير من الأقليات التي لا تتحمّلها أو تتحمّل حزبها، لكنهم يكرهون الجيش".

دوليًا، قوبل الانقلاب على سو تشي بإدانات صاخبة؛ إذ إنّ هناك حالة من "عدم يقين" تجاه مستقبل البلاد. وكتب المؤلف والمؤرخ ثانت مينت يو: "لقد فُتحت الأبواب للتوّ على مستقبل مختلف تمامًا. لدي شعور عارم بأن لا أحد سيكون قادرًا حقًا على التحكّم فيما سيأتي بعد ذلك. بورما بلد غارق في الأسلحة، مع انقسامات عرقية ودينية عميقة، بينما بالكاد يستطيع الملايين إطعام أنفسهم".

المصادر:
الغارديان

شارك القصة

تابع القراءة
Close