السبت 11 مايو / مايو 2024

عقوبات أميركية غير مسبوقة.. هل تكون بيلاروسيا جبهة التحرّك نحو كييف؟

عقوبات أميركية غير مسبوقة.. هل تكون بيلاروسيا جبهة التحرّك نحو كييف؟

Changed

رصد مراسل "العربي" آراء الأوكرانيين في العاصمة كييف حول خطر الحرب مع روسيا (الصورة: غيتي)
يحبس الأوكرانيون أنفاسهم تحسّبًا لخطر روسي وشيك على وقع التحذيرات المتصاعدة من إمكان شنّ روسيا حربًا على بلادهم بعد حشد قواتها على الحدود.

بينما تواصل روسيا حشد قواتها على الحدود الأوكرانية، تقترب الإدارة الأميركية من إنهاء حزمة العقوبات التي ستفرضها على موسكو في حال شنّ هجوم على أوكرانيا، والتي يُرجّح أن تكون جبهة بيلاروسيا إحدى السيناريوهات المحتملة للوصول إلى كييف سريعًا.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مسؤولين في إدارة بايدن، قولهم إن هذه "الإجراءات التي يتمّ بحثها لم يسبق لها مثيل في العقود الأخيرة ضد روسيا"، مضيفة أن الأهداف المُحتملة تشمل العديد من كبرى البنوك الروسية، وإجراءات تستهدف الديون السيادية الروسية، وتطبيق ضوابط أكبر على الواردات الروسية من قطع "الإلكترونيات الدقيقة المتطورة".

من جهتها، رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنه يُمكن استغلال الحشود العسكرية الروسية على الحدود بين بيلاروسيا وأوكرانيا والوصول إلى العاصمة كييف سريعًا، في ظل ضعف الدفاعات الأوكرانية على تلك الجبهة.

ووسط ذلك، يحبس الأوكرانيون أنفاسهم، تحسّبًا لخطر روسي وشيك، كما يقولون، على وقع التحذيرات المتصاعدة من شنّ روسيا حربًا على بلادهم بعد حشد قواتها على الحدود.

ورصد مراسل "العربي" صابر أيوب من قلب العاصمة الأوكرانية آراء المواطنين، التي تقاطعت عند الخشية من الحرب، مع تحميل روسيا مسؤولية أيّ "تدهور" للأوضاع.

الجهات المُستهدفة

وأشار مسؤولون أميركيون لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن العقوبات على "صادرات النفط والغاز، أو عزل النظام المالي لروسيا" غير مطروحة على الطاولة في الوقت الحالي، ولكن الأمور قد تتغير اعتمادًا على سلوك روسيا.

ولم تستبعد الصحيفة أن يتسبّب فرض عقوبات واسعة على روسيا في إرباك الأسواق العالمية.

وقال أحد المسؤولين إن العقوبات قد تشمل المصارف الكبيرة الأخرى المملوكة للحكومة أو التي تسيطر عليها الحكومة، وهي: "في تي بي" (VTB Bank)، و"غازبروم بنك" (Gazprombank) و"سبيربنك" (Sberbank).

ورجّحوا أن لا يتعرّض "سبيربنك"، الذي يمثل 30% من صافي الأصول في النظام المالي الروسي، للعقوبات في الجولة الأولى، من أجل الحفاظ على "خيار احتياطي قوي".

كما تحظر القائمة السوداء المحتملة تقنيًا المصارف الأميركية والكيانات الأميركية الأخرى من التعامل مع المصارف المستهدفة.

وقد تمنح الإدارة الأميركية استثناءات، لكن خطر معاقبة المخالفين من قبل الولايات المتحدة عادة ما يشجّع المصارف الأجنبية على الامتثال.

وقال بريان أوتول، المسؤول السابق عن عقوبات وزارة الخزانة في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما: "المصارف في باريس ولندن لن تفعل ما لا تفعله البنوك الأميركية".

وقال المسؤولون الأميركيون إن الشركات المملوكة للحكومة تتعرّض أيضًا لعقوبات مماثلة. وعلى الرغم من أن المسؤولين لم يحددوا الشركات، إلا أن إدراج الشركات في القائمة السوداء مثل عملاق التأمين الروسي "سوغاز"، الذي يؤمن الشركات المرتبطة بالكرملين، و"سوفكوم فلوت"، وهي شركة كبيرة لشحن الطاقة، سيضرّ بالكرملين وعلى المدى الطويل بالاقتصاد الروسي.

تشكيك في نجاح العقوبات

ورغم ذلك، يشكّك بعض المسؤولين والمنتقدين السابقين لإدارة بايدن في أن مقاربتها ستنجح أو تثبت أنها مختلفة عن الجهود السابقة. وقالوا إنه بصرف النظر عن الاقتصاد الروسي الأكثر قوة، يعتمد بوتين على ألمانيا وقادة الاتحاد الأوروبي الآخرين لعرقلة الإجراءات التي سيكون لها تداعيات مالية على أوروبا.

وقال مارشال بيلينغسلي، مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب في عهد دونالد ترمب: "توصّل بوتين إلى أن إدارة بايدن، المليئة بالأشخاص أنفسهم الذين قاموا برد ضعيف على غزوه الأول لأوكرانيا عام 2014 ، ستفرض تكاليف مالية صعبة في أحسن الأحوال، وبالتأكيد إجراءات يعتقد أن روسيا يمكن أن تتغلب عليها".

وأوضح بعض السياسيين أن العقوبات السابقة لم تقوّض شعبية بوتين المحلية بما يكفي لتخفيف قبضته على السلطة أو تغيير سياساته الخارجية بشكل أساسي. لذلك اعتبروا أن العقوبات الجديدة قد تعزّز موقف بوتين وتؤثّر على الشركات التي تواجه الغرب وتدفع روسيا أكثر نحو الصين.

من جهته، قال ميخائيل بارابانوف، الزميل في مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، وهو مؤسسة فكرية خاصّة في موسكو، إن العقوبات الجديدة "ستضرب الجزء الأكثر تأييدًا للغرب من نخبة رجال الأعمال والسكان ذوي التوجهات الغربية اقتصاديًا".

وتوقّع بارابانوف أن تُلهم العقوبات إعادة هيكلة السوق المصرفية الروسية، والتي، بعد صدمة أولية، ستستخدم المصارف الوسيطة الصينية للتمويل.

وقال دانيال فرايد، المسؤول البارز في وزارة الخارجية في إدارة أوباما، إن العقوبات "ليست رصاصة سحرية، معتبرًا أنه حتى العقوبات القوية الموصى بها لن تدفع بوتين إلى تغيير مساره بين ليلة وضحاها".

سيناريو الغزو من بيلاروسيا

ونشرت روسيا الدبابات والمدفعية والطائرات المقاتلة والمروحيات وأنظمة الصواريخ المتطوّرة والقوات بالآلاف في جميع أنحاء بيلاروسيا، في تعزيز للقوات المقاتلة التي قد تحاصر أوكرانيا من 3 جهات على طريقة حدوة الحصان.

ورغم أن روسيا قالت إن القوات انتشرت في إطار التدريبات العسكرية المقرّرة الشهر المقبل، لكن التعزيزات في بيلاروسيا يُمكن أن تكون تمهيدًا لهجوم من جبهة جديدة، قريبة للغاية من كييف.

وفي ظل وجود معظم القوة العسكرية الأوكرانية على الجبهة الشرقية، حيث تستعرّ الحرب مع الانفصاليين المؤيدين لروسيا منذ 8 سنوات، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن محلّلين عسكريين وجنرالات في الجيش الأوكراني قولهم إنه "سيكون من الصعب على الدولة أن تجد ما يكفي من القوات للدفاع عن حدودها الشمالية مع بيلاروسيا، خاصّة وأن معبر نوفي ياريلوفيتشي الحدودي يقع على مسافة 140 ميلًا فقط، من الحدود البيلاروسية إلى كييف".

ورأت الصحيفة أن الرحلة ستكون سهلة لأي سائق دبابة روسي، طالما أن القوات الروسية ستنجح في القضاء على القوة الجوية والمدفعية الأوكرانية في البداية، فيما ستظلّ صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات، التي قدّمتها الولايات المتحدة للجيش الأوكراني، منتشرة في شرق أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، وعلى الجانب الأوكراني من الحدود البيلاروسية، فإن الاستعدادات لمواجهة أي توغّل عسكري روسي محتمل غير قائمة من الأساس.

ضرورة حماية كييف

وعلى الصعيد التاريخي، لم تُمثّل بيلاروسيا أزمة كبيرة بالنسبة لأوكرانيا، لكن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو مقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل أكبر من أي رئيس دولة من الجمهوريات السوفيتية السابقة، وهو ما يعزّز فرضية فتح الجبهة من بيلاروسيا.

ويبدو بعض القادة الأوروبيين أكثر حذرًا من إمكانية حدوث غزو روسي من حدود بيلاروسيا، وبينما يقول محللون عسكريون إن هناك فرصة ضئيلة في الوقت الحالي في أن يخاطر لوكاشينكو، ناهيك عن بوتين، بشنّ حرب مفتوحة مع إحدى دول الناتو، فإن التوترات تتصاعد لدى القادة في دول أوروبا الشرقية، لا سيما في بولندا ودول البلطيق.

وانتقد البعض في أوكرانيا الحكومة لعدم قيامها بما يكفي لتعزيز دفاعات البلاد، على حدود بيلاروسيا أو في أي مكان آخر.

وقال أرسيني ياتسينيوك، الذي كان رئيسًا لوزراء أوكرانيا عندما اندلعت الحرب في عام 2014: "يتمثّل الخطر الأكبر في أن القوات الأوكرانية تتركّز بشكل أساسي في شرق أوكرانيا، لكن أقرب طريق إلى كييف هو من بيلاروسيا"، مضيفًا أن "من الملحّ إرسال وحدات عسكرية إضافية لحماية كييف كعاصمة، وإقامة عمل حواجز عسكرية على الطرق. وهذا ما فعلناه عام 2014".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close