الثلاثاء 7 مايو / مايو 2024

عودة آمنة وترحيل قسري.. ما أسباب الحملة ضد اللاجئين السوريين في تركيا؟

عودة آمنة وترحيل قسري.. ما أسباب الحملة ضد اللاجئين السوريين في تركيا؟

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تناقش واقع الحملة التركية ضد اللاجئين السوريين وأسبابها (الصورة: غيتي)
لم تقتصر الحملة ضد اللاجئين السوريين على المدن والولايات التركية الكبرى بل طالت عموم البلاد في ظل مزاج عام تركي رافض للأعداد الكبيرة من اللاجئين.

مع ارتفاع وتيرة ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى ما تسمى بـ"المناطق الآمنة" شمال سوريا تغيب الإحصاءات الدقيقة عن أعداد من شملهم الإبْعاد.

وعلى الرغم من الوضع القانوني لمعظم المقيمين في المدن والولايات التركية وامتلاكهم وثائق الإقامة والحماية المؤقتة التي تقدمها إدارة الهجرة التركية للسوريين إلا أن حملات الترحيل القسري طالت البعض منهم، بحسب روايات المرحلين.

تقول الحكومة التركية إنّ عمليات الترحيل لا تستهدف السوريين وحدهم بل تطال كل المهاجرين الأجانب غير القانونيين الذين يقدر عددهم بنحو 5 ملايين لاجئ، لكن السوريين يظهرون في صدارة المشهد نظرًا لعددهم الكبير.

تمركز اللاجئين السوريين

وتقدر إدارة الهجرة التركية العدد الإجمالي للسوريين بأكثر من 3.3 ملايين لاجئ من الخاضعين للحماية المؤقتة. كما تؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين هذه الأرقام حتى منتصف يوليو/ تموز الجاري.

كما تستضيف تركيا حوالي 1.6 مليون لاجئ من جنسيات مختلفة تحت بند الحماية الدولية أو تصاريح الإقامة الرسمية، لتكون تركيا بهذه الأرقام من أكبر الدول المستضيفة للاجئين حول العالم.

يتركز معظم السوريين المقيمين في تركيا بمدينة اسطنبول بحوالي نصف مليون، وهم من أكثر اللاجئين الذين تعرضوا للملاحقة وعمليات الترحيل القسرية التي تسارعت وتيرتها بعد تسلم وزير الداخلية علي يرلي قايا منصبه إثر الانتخابات الأخيرة.

وعلى الرغم من العدد الكبير للسوريين في اسطنبول إلا أن الكثافة السورية الأكبر تتركز في الولايات التركية الجنوبية بالقرب من الحدود السورية في غازي عنتاب وهاتاي وأورفا وأضنة، إذ تقدر أعدادهم بحوالي مليون ونصف المليون لاجئ تقريبًا.

ونظرًا لعدم امتلاك العديد من السوريين مصدرًا ثابتًا للدخل فقد دخلوا سوق العمل في عدة مهن تتراوح بين التجارة والورش الصناعية والحرف الصغيرة بأجور أقل من الحد الأدنى الذي يتقاضاه المواطن التركي الذي يتجاوز 11 ألف ليرة تركية.

هذا الوضع بدوره أثر على معدلات توظيف الأتراك وخسارة العديد منهم لأعمالهم على خلفية تفضيل أرباب العمل توظيف السوريين ذوي التعويضات المالية الأقل، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الأتراك في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.

أكثر من 3.3 مليون لاجئ سوري من الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا - غيتي
أكثر من 3.3 مليون لاجئ سوري من الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا - غيتي

ملاحقة واستهداف

لم تكد تنتهي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية حتى بدأت الحكومة التركية الجديدة بتنفيذ خطة العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم في المناطق التي تسمى آمنة في الشمال السوري.

افترض السوريون الموجودون في تركيا أن فوز "تحالف الجمهور" بقيادة حزب العدالة والتنمية سيجنبهم السيناريو الأسوأ في حال فوز "تحالف الأمة" بقيادة كمال كيلتشدار أوغلو والأحزاب التي رفعت سقف الوعود بشأن اللاجئين.

لكن تحت عنوان مكافحة المهاجرين الأجانب غير القانونيين، أعلن وزير الداخلية الجديد علي يرلي قايا مع بداية تعيينه في منصبه بأن السلطات الأمنية وأجهزة الشرطة التركية لديها تعليمات بملاحقة المهاجرين، واعدًا بخفض أعدادهم بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة القادمة.

إلا أن من مفاعيل هذه التعليمات أن جعلت مئات الآلاف من السوريين الموجودين في تركيا عرضة للملاحقة والاستهداف من تلك الحملة، حيث وجدوا أنفسهم ملاحقين في بيوتهم وأماكن عملهم حتى مع امتلاك أوراق الإقامة الرسمية.

مشاعر شعبية "مناهضة" للاجئين

ولم تقتصر الحملة على المدن والولايات التركية الكبرى بل طالت عموم البلاد في ظل مزاج عام تركي رافض للأعداد الكبيرة من اللاجئين، حيث كشفت دراسة أعدتها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن نحو 82% من الأتراك يرون ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.

وتعود هذه الدراسة إلى عام 2021، أيّ أن المشاعر الشعبية المناهضة للوجود السوري في تركيا هي سابقة على الانتخابات التركية وهو ما التقطته الأحزاب التركية لتبني برامجها على حل هذا الملف.

ويعود الجزء الأساسي من هذه المشاعر إلى الأعداد الكبيرة للسوريين في تركيا، إذ يمثل السوريون النسبة الأكبر من الأجانب المتواجدين على الأراضي التركية بواقع أكثر من 3 ملايين لاجئ بحسب الأرقام الرسمية التركية.

وحتى إن لم يكن الرقم دقيقًا فهو يسري في الأوساط الإعلامية والسياسية في تركيا على أنه رقم حقيقي يشكل رأيًا عامًا ضاغطًا على الحكومة التركية لحل معضلة اللاجئين واتخاذ إجراءات لترحيلهم.

كما تعد الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا وارتفاع الأسعار وتدهور سعر صرف الليرة من بين الأسباب التي أدت إلى توجيه اللوم على اللاجئين في تركيا. ولأن السوريين في مقدمة الجنسيات الأكثر عددًا فقد تلقوا الجزء الأكبر من اللوم.

ودفعت هذه الحال بالسوريين إلى الاختباء والتواري عن أنظار رجال الشرطة كحل مؤقت ريثما يبحثون عن بدائل جديدة تنحصر في الهرب إلى دول اللجوء، وذلك تجنبًا لعمليات الترحيل القسري إلى الشمال السوري.

ولا تزال المناطق المسماة "آمنة" عرضة للهجمات العسكرية من قبل النظام السوري والقصف الروسي، حيث تتخوف المنظمات الدولية من تحول هذا الملف إلى أزمة لجوء جديدة، في الوقت الذي يتجنب فيه اللاجئون العودة القسرية إلى بلادهم غير الآمنة.

تزايدت مخاوف السوريين في أعقاب الانتخابات العامة الأخيرة - غيتي
تزايدت مخاوف السوريين في أعقاب الانتخابات العامة الأخيرة - غيتي

أسباب الحملة ضد اللاجئين

وفي هذا الإطار، لا يرى برهان كور أوغلو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة مرمرة التركية، أيّ "علاقة مباشرة وعضوية" مع الانتخابات الأخيرة في تركيا وعمليات ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

ويوضح في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، أن هذا الأمر يعود إلى تراكم أعداد اللاجئين في تركيا والمشكلات التي نشأت بعد ذلك في بعض المدن التركية حيث عملت السلطات على اتخاذ بعض الإجراءات لتوزيع اللاجئين.

ويشير إلى أنه منذ بداية الأزمة السورية صارت هناك "هجرة غير منظمة" من قبل السوريين مما أحدث "عدم توازن" في الوجود السوري داخل تركيا، لافتًا إلى استغلال الكثير من أحزاب المعارضة هذا الملف في توجيه انتقادات للحكومة التركية بعد اتباع "سياسة الباب المفتوح" التي تسببت في ازدياد أعداد اللاجئين بطريقة كبيرة.

ويرى كور أوغلو أن من بين الأسباب وراء تصاعد الحملة وجود بعض "المشكلات الأمنية والاجتماعية"، وحديث بعض الأتراك عن فقدان أعمالهم نتيجة لتزايد أعداد اللاجئين.

ويشدد على أن المسألة لا تهم السوريين فقط بل تشمل اللاجئين الأفغان والعراقيين ومن بعض البلدان الإفريقية.

ويخلص إلى أن هناك حالة من "التضليل الإعلامي" تواكب مسألة ترحيل السوريين إلى بلدهم والحملة ضدهم، مؤكدًا أنّ الحملة تستهدف "الأشخاص غير الشرعيين" والذين لا يمتلكون أوراق إقامة رسمية كاملة.


المزيد من النقاش حول الحملة التركية ضد اللاجئين السوريين وتداعياتها وأسبابها في الحلقة المرفقة من برنامج "قضايا".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close