أثارت قذائف الياسين، التي صنعت في فلسطين وبرزت في معركة "طوفان الأقصى" قلق إسرائيل، ولا سيما بعد نشر مقطع فيديو يُظهِر استهدافها للدبابة المتطورة ميركافا.
قد تبدو المواجهة بين قذيفة محمولة على الكتف ودبابة ذكية ضخمة غير عادلة، فالدبابة تصل تكلفتها إلى ستة ملايين دولار وصنعتها كبرى الشركات العالمية، في حين أنّ القذيفة صنعت محليًا في فلسطين.
مع ذلك، فإنّ النهاية في هذه المواجهة غير متوقعة، ولا سيما أنّ كتائب القسام تقول إن قذيفتها التي صنعتها دمرت واحدة من أكثر الدبابات تطورًا في العالم، وهو ما يثير تساؤلات عن قوة هذه القذائف وعن مدى إمكانية تدميرها للميركافا.
ماذا نعرف عن قذائف الياسين؟
قذائف الياسين هي سلاح كشفت عنه كتائب القسام خلال معركة طوفان الأقصى في الرابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وهي قذائف محلية الصنع مضادة للدروع من عيار مئة وخمسة مليمترات، تطلق من خلال قاذف آر بي جي - سبعة الروسي المضاد للدبابات. كما أنّها تطوير لقذائف الأر بي جي العادية والشائعة الاستخدام في أنحاء العالم.
وفي وقتٍ لم تكشف كتائب القسام عن تفاصيل القذيفة الجديدة، يقول مدير مجموعة البيئات الأمنية المعقدة في بريطانيا بول غيبسون لـ"العربي": إنّ قذائف الياسين هي من عائلة أر بي جي، حيث صُنِعت في قطاع غزة، ولكنّ مداها الأكثر فعالية هو 100 متر.
أما الخبير العسكري الفلسطيني اللواء واصف عريقات فيقول: إنّ قذيفة الياسين هي عبارة عن صورة أو استنباط لقاذف الأر بي جي 7 - بي 7، مشيرًا إلى أنّ مسافة هذه القذيفة 300 متر، والمسافة الفعالة 150 مترًا، كما أنّها تخترق لغاية 21 سنتيمترًا.
ويؤكد عريقات لـ"العربي" أنّ قذيفة الياسين هي صناعة محلية، "وهذا يعني أنها تطور بشكل دائم وتُحسن بمواصفاتها القياسية".
قذيفتان متزامنتان ذات قدرة تدميرية عالية
وفي غياب أيّ معلومات رسمية عن قذائف الياسين، ذكرت كتائب القسام أنّها ترادفية الصنع، أي أنها تحوي قذيفتين متزامنتين ذات قدرة تدميرية عالية.
فما الذي يعنيه ذلك؟
بحسب الخبير في الشؤون الدفاعية والدبلوماسية جوناثان ماركوس، فإنّ فيديو كتائب القسام يُظهِر أنّ قذيفة الياسين قد تكون ذخيرة صاروخية تمّ تحسينها بشكل كبير مقارنة بالإصدارات السابقة، موضحًا أنّه من المحتمل أن يكون هناك رأس حربي ترادفي في القذيفة.
بعبارة أخرى، يشرح ماركوس أنّه يحوي على رأس حربي في البداية لتفعيل الدرع التفاعلي للدبابة، ومن ثم الاصطدام بالدبابة ومن خلال تأثير كيميائي يخترق الدرع. لكنه يلفت إلى أنّ المشغل الفعلي للقذيفة قديم جدًا، إذ إن هذه التكنولوجيا التقليدية تعود إلى الحقبة السوفيتية.
من جهته، يفسّر الخبير العسكري اللبناني العميد ناجي ملاعب مفهوم "القذيفة الترادفية" بأنّه يكون لديها حشوتان، بحيث تخترق الأولى ما هو حاجز ما بين الدرع وجسم الآلية-المركبة، في حين أنّ الحشوة الثانية هي الحشوة الخارقة التي تدخل وتخرق الآلية وتنفجر في الداخل.
ويضيف ملاعب في حديثه لـ"العربي": "هذا هو المبدأ الترادفي، ولكن نحن لا نشعر بالفارق الزمني بين القذيفتين صوتيًا، لأنّ الفارق الزمني هو أجزاء من الألف من الثانية".
ماذا عن دبابة ميركافا؟
بالعودة إلى مقطع الفيديو الذي نشرته كتائب القسام، فقد أظهر توجيه القذائف نحو الدبابة ميركافا والتي قال إنه دمرها، علمًا أنّ هذه الدبابة تمتلك إسرائيل أربع نسخ منها، وقد بدأت تطويرها منذ عام 1970.
ودخلت النسخة الأولى من الدبابة ميركافا الخدمة عام 1978، إلى أن طورت النسخة الأخيرة منها ميركافا أربعة ميل روتش أو ما يعني "سترة الرياح" عام 2011، وهي نسخة مطورة من ميركافا 4.
وبحسب مدير مجموعة البيئات الأمنية المعقدة في بريطانيا بول غيبسون، فإنّ دبابة ميركافا 4 تعتبر "من أفضل الدبابات في العالم"، كما أنّ الإسرائيليين يتمتعون بخبرة كبيرة في نشرها في ساحة المعركة.
ويضيف: "لديها درع تفاعلي متفجر مثبت عليها، ولديها درع إضافي للحماية من الطائرات بدون طيار".
مستوى عالٍ من الحماية من الصواريخ الموجّهة
أكثر من ذلك، تتميز النسخة الأخيرة من الدبابة بمستوى عال من الحماية من الصواريخ الموجهة المتقدمة، وذلك من خلال تزويدها برؤوس حربية ترادفية عبر نظام الحماية النشط تروفي (Trophy) الذي يقوم باكتشاف واعتراض الصواريخ المضادة للدبابات عن طريق إطلاق قذيفة متشظية على بعد أمتار قليلة من الدبابة تعترض الصواريخ والقذائف وتدمرها قبل أن تصل إلى جسم الدبابة.
كما يضم نظام الحماية في الدبابة ميركافا أنظمة متقدمة لتحديد التهديدات والإنذار بها، وهو ما يؤكده الخبير في الشؤون الدفاعية والدبلوماسية جوناثان ماركوس الذي يقول إنّ الإسرائيليين "ربما يكونون أحد القادة في العالم فيما يسمى بالدروع التفاعلية، وهي أنظمة دفاع نشطة".
قذائف الياسين في مواجهة دبابة ميركافا
ورغم تأكيد كتائب القسام قدرة قذائفها الياسين على تدمير دبابة الميركافا ذات الصيت العالمي عبر نشر مقطع فيديو لذلك، لم تؤكد إسرائيل ولا وسائل إعلامها ذلك حتى الآن.
ولكن المؤكد أن هناك مواجهة في ساحة الحرب بين هذه القذائف والدبابة الإسرائيلية، مواجهة لا يخفيها غيبسون، الذي يقول ختامًا: "نعم، سيكون الإسرائيليون قلقين للغاية بشأن نظام الأسلحة هذا لأنه بلا شكّ يمكنه شلّ حركة الدبابات الإسرائيلية ويمكنه بالفعل قتلها بنجاح".