السبت 18 مايو / مايو 2024

قصص من يوميات المقاومة السرية ضد المجلس العسكري في ميانمار

قصص من يوميات المقاومة السرية ضد المجلس العسكري في ميانمار

Changed

كانت فصائل متمرّدة كثيرة عادت في شمال البلاد وشرقها إلى حمل السلاح ضد المجلس العسكري
يغيّر المعارضون في ميانمار باستمرار مخابئهم وخطوط هواتفهم النقالة (غيتي)
تخلّى معارضون في ميانمار عن عائلاتهم وحياتهم العادية، ومع أن كثرًا منهم لم يتخيّلوا يومًا أن تصبح حياتهم على هذا النحو، لكنّهم يؤكدون أنهم "غير نادمين".

بعدما تخلّوا عن كل شيء وباتوا ينشطون في الخفاء ضد المجلس العسكري، يعيش آلاف المعارضين الهاربين من القمع في ميانمار منذ انقلاب الأول من فبراير/ شباط الماضي متوارين عن أنظار السلطات، وبعضهم فرّ إلى غابات في مناطق تسيطر عليها فصائل إثنية متمردة.

وعدا عن تخلّيهم عن عائلاتهم وحياتهم العادية، فهم يغيّرون باستمرار مخابئهم وخطوط هواتفهم النقالة. ومع أن كثرًا منهم لم يتخيّلوا يومًا أن تصبح حياتهم على هذا النحو، لكنّهم يؤكدون أنهم "غير نادمين".

هروب من باب خلفي

كشف موسيقي لوكالة "فرانس برس"، طالبًا الإشارة إليه بالاسم المستعار كو ثاين، أنه هرب من الباب الخلفي، ولم يتمكّن حتى من توديع كلبه، الذي نفق في الرابع من مايو/ أيار.

ويقول الموسيقي، الذي استغرقه الأمر مدة طويلة لتقبّل تخليه عن كل شيء: "كنت عنيدًا، لم أكن أريد ترك منزلي في رانغون الذي بُني بحب عامًا بعد عام".

ففي أبريل/ نيسان انقلبت حياته رأسًا على عقب عندما أُذيع اسمه على التلفزيون الرسمي بين الأشخاص الملاحقين.

فما كان منه إلا أن وضّب حقيبته خلال دقائق قليلة، وودّع شقيقته وغادر مدينته إلى منطقة يسيطر عليها فصيل إثني معارض.

وكانت فصائل متمرّدة كثيرة عادت في شمال البلاد وشرقها إلى حمل السلاح ضد المجلس العسكري، بعدما آلمتها حملة القمع الدموي التي شنّتها قوات الأمن، وأوقعت منذ الانقلاب أكثر من 860 قتيلًا في صفوف المدنيين.

وتتواصل بعض هذه الفصائل مع معارضين فروا من المدن الكبرى وتدرّبهم على القتال.

بعد أسابيع قليلة، ترك كو ثاين منطقة الغابات. ومذّاك يختبئ في مكان سرّي يؤمّن انطلاقًا منه التواصل بين نشطاء وحكومة الظل المدنية التي شكّلتها المعارضة سرًا، سعيًا للإطاحة بالمجلس العسكري.

ويقول كو ثاين: "إنه كابوس (لكني) لست نادمًا. من واجبنا كمواطنين" أن نناضل ضد الدكتاتورية.

"ماذا سيحلّ بعائلتي؟"

لم يتخيّل كو كو -الذي طلب بدوره التعريف عنه باسم مستعار- أن يتحوّل إلى هارب من السلطات.

هو طبيب كان يعمل في مستشفى حكومي في قسم مخصص لعلاج المصابين بكوفيد-19 حين وقع الانقلاب. وعلى غرار كثير من الكوادر الطبية انضم سريعًا إلى حركة العصيان المدني.

لكن التوقيفات الكثيرة في صفوف العاملين في القطاع الصحي أثارت قلقه، فتساءل بحسب ما يقول لـ"فرانس برس": "إذا كشفوا أمري ماذا سيحل بعائلتي؟".

وبعد يومين على "عيد القوات المسلّحة" الذي كان اليوم الأكثر دموية منذ الانقلاب وقُتل فيه أكثر من مئة مدني، توجّه كو كو إلى منطقة يسيطر عليها متمردون قرب الحدود التايلاندية تاركًا وراءه زوجته وأهله.

ومذّاك يعيش في تأهب دائم، ويغيّر باستمرار خط هاتفه المحمول، وأوجد له على فيسبوك حسابًا باسم مستعار، بعيدًا عن النشاط المعارض.

ويساهم كو كو البالغ 30 عامًا في تقديم خدمات طبية عبر الإنترنت؛ إذ يقدّم المشورة لمعارضين مصابين يخشون تلقي العلاج في المستشفيات.

ويقول: "أفتقد كل شيء: عملي، الأعياد، الأصدقاء، العائلة.. من أجل مستقبل الجيل المقبل، لا يمكننا الاستسلام".

وإذ يؤكد أنه مستعد للنضال "أشهرًا بل سنوات"، إلا أنه يخشى فقط أن تعتاد البلاد مجددًا على الدكتاتورية بعدما عاشت لعقود تحت نير العسكريين.

"التواري مرهق" 

ثينزار شونلي يي (29 عامًا) هي ابنة عسكري وناشطة منذ زمن، وهي تناضل منذ وصول الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي إلى السلطة عام 2016 دفاعًا عن حقوق الشباب والأقليات.

وقالت: "لم أتوقّع يومًا" أن أضطر للنضال في الخفاء بسبب تاريخي النضالي.

وكانت ثينزار شونلي يي من السبّاقين في الدعوة إلى العصيان المدني. وسُرعان ما أُدرج اسمها على قائمة المطلوبين لدى المجلس العسكري، ما دفعها إلى الانتقال للنشاط السري.

وعلى الرغم من أنها ناشطة متمرّسة، تقرّ ثينزار شونلي يي التي تعيش في خوف دائم من التعقّب أو التخلي عنها، بأن التواري مرهق، إذ تعتبر أن "كل الأماكن يمكن أن تتحول إلى فخاخ".

لكنها تضيف: "علينا أن نواصل المضي قدمًا، مهما حصل (..) لقد ضحّى كثر بحياتهم. لم أكن أتوقّع هذه الانتفاضة" الشعبية ضد المجلس العسكري.

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close