اعتبر مستشار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، صالح محمد العراقي، المعروف بـ"وزير الصدر"، اليوم الخميس، أن اجتماع القوى السياسية الذي عقد أمس الأربعاء بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، "لا يهم التيار الصدري بشيء وليس فيه ما يخص الشعب".
وقال وزير الصدر في بيان نشره على "تويتر": "جلسة الحوار تبنّاها رئيس الوزراء مشكورًا، لكنها لم تسفر إلا عن بعض النقاط التي لا تسمن ولا تغني من جوع وليس فيها ما يخصّ الشعب. ولا ما يخصّ خدمته ولا كرامته ولا تطلعاته".
وأضاف: "نعم، إن أغلب الحضور لا يهمّه سوى بقائه على الكرسي ولذا حاولوا تصغير الثـورة والابتعاد عن مطالبها. نعم، الثورة لا تريد من أمثالكم شيئًا سوى التنحي عن كرسي فرضتم تواجدكم عليه بغير وجه حقّ، بل كان جلّ همّه تشكيل حكومة وفق مآرب البعض لكي يزيدوا من بسطتهم وتجذّر دولتهم العميقة فيتحكّموا بمصير شعب رافض لتواجدهم فيزوروا الإنتخابات ويجعلوها على مقاسهم".
وأشار العراقي إلى أنه "من اللافت للنظر أن أحدهم توجه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات. ولو كنا نحن الفاعلين لقالوا: إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج وإشعار من التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك".
واستدرك قائلًا: "عمومًا، جلستكم السرية هذه لا تهمنا بشيء، إلا إنني أردت القول: لا تزيدوا من حنق الشعب ضدكم ولا تفعلوا فعلًا يزيد من تخوّف الشعب من العملية الديمقراطية التي تخيطونها على مقاسكم".
وتابع: "أنصح إن كنتم تريدون ملء الكرسي الخالي فيجب أن تكون جلستكم علنية وببث مباشر أمام الشعب ليطلع على ما يدور خلف الكواليس من مؤامرات ودسائس وتسريبات لم يستنكرها أحد إلى الآن، مع شديد الأسف، وإلا ماذا سيستفيد الشعب من جلسات مغلقة وسرية لا تراعون فيها رغباته المشروعة في تحقيق الأمن والأمان الذي سلبتموه منه حينما بعتم ثلث العراق وفي توفير لقمة عيش رغيد قد هربتموها إلى الخارج لتدخلوا الســلاح والمخــدرات ليتعاطاها الشعب فتعيشون بسلام على ريش النعام وتحت هواء تبريد حُرِم منه شعب بأكمله".
وأضاف العراقي: "كلا إنه شعب لا يركع إلا لله، ولا خير في حواركم إلا مَنْ وصلتنا عنه أخبار من داخل الاجتماع أنه كان إيجابيًا مع شعبه بعض الشيء، لكنه قد يكون من المغلوب على أمرهم. فإلى متى يبقى البعير على برجه العاجي وتصرفاته البرجوازية المقيتة التي تتغافل عن معاناة الشعب وتتصرف بأمواله وحقوقه بلا رادع قضائي أو دولي؟".
فبعد 10 أشهر على الانتخابات التشريعية العراقية، تكللت الفترة الأخيرة في ارتفاع مستوى التصعيد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، إثر عجز القوى السياسية على اتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وجاءت مبادرة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لاجتماع مع قادة ممثلي القوى السياسية الرئيسة في البلاد أفضى إلى الانخراط في الحوار الوطني للخروج من الأزمة الحالية وسط تأكيدات أن الذهاب نحو الانتخابات المبكرة تحكمه المسارات الدستورية.
فالاجتماع الذي عقد بمقاطعة التيار الصدري سبقه قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق إرجاء البت بالدعوة المتعلقة بحل البرلمان إلى نهاية الشهر الحالي، في خطوة اعتبرت محاولة لمنح الحلول السياسية مزيدًا من الوقت.
هل ينجح الكاظمي في إنهاء الانسداد السياسي؟
وفي هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري، أن الكاظمي نجح في جمع خصوم مقتدى الصدر وأقنعهم بأن الحوار قد يكون مخرجًا للحل، ما يمثل خطوة إيجابية باتجاه إنهاء حالة الانسداد السياسي في البلاد.
وأضاف في حديث لـ"العربي" من العاصمة العراقية بغداد أنه لا يوجد اتفاق من مخرجات الاجتماع الذي دعا إليه الكاظمي للذهاب إلى انتخابات مبكرة، بل اكتفى الحاضرون بقبولهم بفكرة الانتخابات المبكرة كإحدى الآليات الديمقراطية، لكنهم لم يعلنوا القبول باشتراطات الصدر.
وأوضح الشمري أن هدف الاجتماع هو الاتفاق على ورقة ومن ثم ذهاب موفد من المجتمعين إلى مقتدى الصدر بغية التباحث معه حول ما يمكن أن يخرج عليه الحوار، مشيرًا إلى أن الاجتماع لم يستطع تحقيق الإجماع الكبير، وبالتالي كانت هناك رؤية لممارسة مزيد من الحوارات بغرض التقارب ومن ثم الاتفاق على ورقة.
وأعرب عن اعتقاده بأن القبول الانتخابات كقرار وإجراء قد يمثل أولى الخطوات لوجود تقارب ما بين الإطار التنسيقي وزعيم التيار الصدري، مشيرًا إلى أن الطريق طويل خصوصًا وأن اليمين المتطرف داخل الإطار التنسيقي لن يمضي مع رغبة الصدر حتى لو كانت الأثمان باهظة سياسيًا أو حتى على مستوى الشارع العراقي.
ورأى أن العراق سيشهد عودة إلى التظاهرات المليونية التي أجلها الصدر في حال عدم تحقيق مطالبه، بالإضافة إلى اعتصامات أمام مجلس القضاء وأمام المباني الحكومية وحتى إعلان العصيان المدني، مشيرًا إلى السيناريو الأسوأ وهو الذهاب نحو الاحتكاك بين الأطراف العراقية.
وخلص الشمري إلى أن الانتخابات الجديدة هي طوق نجاة للأحزاب التقليدية المرفوضة من قبل الشعب العراقي، لافتًا إلى أن إعادة هيكلة النظام ووجود عقد سياسي جديد هو من سينقذ العراق وشعبه، بعيدًا من الأحزاب التي تحاول الوصول إلى صفقة من خلال الانتخابات المبكرة.