لا تعد مقبرة هايغيت شمالي العاصمة البريطانية لندن عادية، فلعالم الموتى فيها حكاية فريدة ورهيبة، حوّلت المكان إلى ما يشبه الأسطورة.
دُفنت في المقبرة شخصيات تاريخية شهيرة من عالم السياسة والفن والأدب، ولعل أبرز الراقدين فيها المفكر والفيلسوف الألماني كارل ماركس والروائية ماري آن كروس.
وقد تجاوزت الروايات والسرديات حول مقبرة هايغيت مشاهير الواقع، ودخلت إلى عالم الخيال والأشباح ومصاصي الدماء.
ومما يُروى عنها ظهور رجل قربها يتجاوز طوله المترين، يلبس معطفًا أسود وله أنياب، خرج من البوابة ليلًا وكاد أن يهاجم فتاة كانت تمر بالمكان لولا أن سيارة بضوء ساطع جاءت في الاتجاه المعاكس، فخاف من الضوء وركض عائدًا إلى المقبرة.
إلى ذلك، يحظى كل قبر في المكان بتصميم خاص ورمزية تختصر حياة صاحبه. وجعلها كل ذلك مقصدًا للزوار والسياح لمشاهدة قبور المشاهير وإشباع الفضول لمحبي الأماكن الغربية والمخيفة.
عمارة قوطية وقبور أثرياء
تقول الباحثة ميرا نداف: إن مقبرة هايغيت هي من أهم المعالم التاريخية في بريطانيا، بُنيت في العصر الفيكتوري عام 1839 بعمارة جاءت بمعظمها على الطراز القوطي.
وفيما تلفت إلى أن المقبرة تمتد على مساحة تصل إلى حوالي 37 فدانًا، تفيد بأنها تحتضن رفات 170 ألف شخص، كاشفة أن أول من دُفن فيها كان امرأة تدعى إليزابيث جاكسون.
وتتوقف عند تأثر الحضارة الفيكتورية بالثقافة المصرية، متحدثة عن وجود الهيكل المصري، الذي تعرّج عليه، فتشير إلى قوس كبير يدلف إلى ممر جانبي يوجد فيه 16 قبرًا دفنت فيها أغنى عائلات بريطانيا.
وتمرّ نداف على القصص الغريبة المتداولة في لندن عن المقبرة، ومنها أن أرواحًا تحضر إليها بشكل منتظم؛ يطلق عليها جيران هايغيت أسماءً بعد اعتيادهم على وجودها.
كما تلفت إلى حكايا عن شياطين تسكن المقبرة عيونها حمراء، وتنظر من خلف السور إلى المارة خارج المكان.
بدوره، يشير لوي بيرمس، الذي يعمل في جوار المقبرة، إلى أنها شُيدت في أوائل القرن التاسع عشر بسبب ازدياد كثافة الجثث في لندن.
ويعتبر أن الأساطير التي تدور حول المقبرة هي ما يجعلها مكانًا مميزًا، لافتًا إلى أنه لم يسمع قصصًا بنفسه، لكن البعض أخبره أنهم سمعوا قصصًا عنها، منها ما يتعلق بمصاص دماء هايغيت، الذي شوهد يتمشى على طريق سوينز لين.
ويروي أن اثنين من المفتشين حاولوا في السبعينيات البحث عنه في المقبرة.
إلى ذلك، يقول إنه ليس متأكدًا من وجود أمور خارقة في المكان، لكنه يفترض وجود الأشباح فهنالك الكثير من الأموات، وفق تعبيره.
تواريخ وانبهار والتقاط صور
من ناحيته، يزور بيني بيرن الطالب الجامعي مقبرة هايغيت بجانبها الشرقي مدفوعًا بـ"انبهاره" بكارل ماركس.
يوضح أنه قرأ الكثير عن المفكر الألماني عندما كان في الهند، ويقول إنه محظوظ جدًا لرؤيته قبره وتمكنه من التقاط الصور للمكان.
إلى ذلك، تلفت ستيفاتي جو إلى أنها جاءت خصيصًا لزيارة مقبرة هايغيت نظرًا لاهتمامها بتاريخ العائلات، حيث تعمد إلى قراءة التاريخ المكتوب على شواهد القبور.
وفيما تقول إنها توقعت أن يكون المكان جميلًا، تتدارك بالإشارة إلى انبهارها بمباني هايغيت وقبورها، وكذلك بالترف الذي كان وراء بنائها، حيث أُنفقت عليها مبالغ ضخمة.
من جانبها، تفيد أماندا بأنه "كان من المثير للاهتمام رؤية التوابيت القديمة ومقارنتها بالتوابيت الحديثة، وكذلك رؤية التوابيت التي "أكل عليها الدهر وشرب" ومعرفة المبالغ التي كان الفيكتوريون ينفقونها عليها.
وتقول: "أدهشني عدد العاملين على صنع تلك التوابيت وعدد الأشخاص الذين يحضرون مراسم الدفن، وكيف كانت العائلة تتلقى خبر الوفاة".
أما ديفيد روبرس، فيمتلك قبرًا لعائلته داخل المقبرة، يعود لجده الذي توفي عام 1940.
ويشرح أن أمه أحضرته إلى المقبرة في عامه الأول لزيارة قبر جدّه، ويلفت إلى أنه اليوم في الخامسة والسبعين من عمره، ما يعني أن عقودًا مضت على تردده إلى المكان.
ويضيف: "ثمة أمور كثيرة غيبية في هذا العالم، وقد يكون هناك شبح في هذه المقبرة".
ما الذي يرويه عن شبح القطة، الذي يقول إنه شاهده بأم العين؟ الإجابة وتفاصيل إضافية عن مقبرة هايغيت والروايات المحيطة بها في الحلقة المرفقة من برنامج "الجار الغريب".