Skip to main content

منتشر بين الناجين من كورونا.. كل ما تحتاج معرفته عن داء "الفطر الأسود"

السبت 22 مايو 2021
في كثير من الأحيان ، يتطلّب علاج داء "الفطر الأسود" إجراء جراحة لإزالة الأنسجة الميتة أو المصابة

دخل الهندي بارفيش دوبي (33 عامًا) إلى المستشفى نتيجة إصابته بفيروس كوفيد-19، وبينما كانت عائلته تتحضّر لخروجه من المستشفى بعد نجاته من الفيروس، ساءت حالته فجأة.

تبيّن أن دوبي يُعاني من مرض الفطر الأسود، وهو من أبرز تداعيات كورونا على جسم المريض. اضطر الأطباء لإجراء عملية جراحية على أنفه وخده، ولاحقًا تلِفت إحدى عينيه، بينما كان الأطباء يحاولون إنقاذ الثانية. لكن الشاب الهندي توفي في النهاية.

وفيما تواجه الهند موجة ثانية ضارية من فيروس كورونا، بات يتوجّب عليها أن تتصدّى لـ"وباء الفطر الأسود"، بعد أن اشتدّ انتشاره في تسع ولايات هندية على الأقل، بين المتعافين من كورونا، ودخلوا مرحلة النقاهة.

وتمّ تسجيل أكثر من 3200 إصابة بالداء حتى الآن في ولايات ماهاراشترا وماديا براديش وهاريانا وتيلانغانا وغوجارات الخمس. ولم تنجُ دلهي وبنغالور وبومباي من هذا الداء، وفتحت مراكز متخصصة للمرضى.

ويبدو أن المرض أكثر شيوعًا في الهند، حيث أشارت دراسة أجراها علماء الأحياء الدقيقة، نُشرت  في مجلة "Microorganisms" في مارس/ آذار الماضي، إلى أن داء "الفطر الأسود" أكثر انتشارًا في الهند 70 مرة منه في البيانات العالمية.

ووفقًا لصحيفة "هندوستان تايمز" التي استشهدت بوثائق حكومية، هناك ما لا يقلّ عن 7250 حالة في الهند.

ورغم أن السلطات لم تذكر عدد الأشخاص الذين ماتوا على الصعيد الوطني من الداء، إلا أن الصحيفة قدّرت وفاة أكثر من 219 شخصًا.

ما هو داء "الفطر الأسود"؟

وفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن "الفطر الأسود" هو عدوى فطرية خطيرة ونادرة تحدث بسبب عفن موجود في التربة والمواد العضوية المتحلّلة مثل الأوراق المتعفّنة.

يُصاب الناس بداء الفطريات، الذي توجد منه أنواع عدة، عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية (الأبواغ) التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التي تحتوي على مياه قذرة.

ما مدى خطورته؟

نظرًا لخطورة العدوى وعدوانيتها، يجب اكتشاف العدوى مبكرًا، وإزالة الأنسجة الميتة. وأحيانًا، يضطر الجرّاحون إلى إزالة أنف المرضى أو عيونهم أو حتى فكّهم لمنع الفطر من الوصول إلى الدماغ. 

وقال الطبيب الاستشاري وأخصائي استقلاب القلب في مستشفى براش كاندي في مومباي هيمانت ثاكر لشبكة "سي إن إن"، إنه تم تسمية هذا المرض بـ"الفطر الأسود" لأنه "يغزو الأوعية الدموية، ويضر بالدورة الدموية حتى آخر عضو في الجسم، وبالتالي ينتج ما يسمى بالنخر أو موت الأنسجة والتي تصبح سوداء اللون بعد ذلك"، موضحًا أن "العدوى يُمكن أن تنتقل عبر الأوعية الدموية إلى الدماغ؛ ما قد يؤدي إلى فقدان البصر أو إحداث فجوة في الوجه".

ووفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، يبلغ متوسط معدل الوفيات بالعدوى 54%. وبمجرد الإصابة بها، يكون المريض معرّضًا للموت في غضون أيام. ولكن المرض ليس معديًا، غير أنه يسبب التهابات خطيرة لمن يعانون من ضعف الجهاز المناعي.

ما هي عوارض العدوى؟

عادة ما يؤثر الفطر على الجيوب الأنفية أو الرئتين بعد أن يستنشق الشخص الجراثيم الفطرية في الهواء. وتشمل الأعراض الأولية: الصداع، تورّم الوجه والحمى وقرحة الجلد والآفات السوداء في الفم.

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن وزارة الصحة الهندية قولها: إن الفطر الأسود "يبدأ في الظهور على الجلد في جيوب الهواء خلف الجبهة والأنف وعظام الخد وبين العينين والأسنان، قبل أن ينتشر إلى العينين والرئتين ويُمكن أن يصل حتى الدماغ، ويؤدي ذلك إلى سواد أو تغيّر اللون على الأنف، وعدم وضوح الرؤية أو ضعفها، وألم في الصدر، وصعوبات في التنفس وسعال الدم".

لماذا يتعرض مرضى فيروس كورونا لخطر "الفطر الأسود"؟

لدى الإصابة بفيروس كورونا وأمراض أخرى غيره، يمكن أن تحدث ظاهرة خطيرة تسمى "عاصفة السيتوكين" تحدث بسبب إفراط جهاز الجسم المناعي في ردة فعله لمحاربة الفيروس عبر إفراز كمية كبيرة من السيتوكين؛ الأمر الذي يتسبّب في تلف الأعضاء.

لذلك كان الأطباء يصفون المنشطات "ستيرويد" لتقليل الاستجابة المناعية. لكن كلاهما يضعف دفاعات الجسم ويزيد من مستويات السكر، ما يؤدي إلى نمو الفطريات التي تتغذى عليه.

وكشفت وزارة الصحة الهندية أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى هم: الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، بما في ذلك مرضى فيروس كورونا، ومرضى السكري، والأشخاص الذين يتناولون المنشطات، والذين يعانون من أمراض مصاحبة أخرى مثل السرطان أو زرع الأعضاء"، مضيفة أن مرضى كوفيد-19 "معرضون للإصابة بالمرض بشكل خاص، وذلك لأن الفيروس لا يؤثر فقط على جهاز المناعة لديهم، وإنما يمكن للأدوية العلاجية أيضًا أن تثبط استجابتهم المناعية".

كيف تُعالَج العدوى من مرض "الفطر الأسود"؟

وفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، يتمّ علاج داء "الفطر الأسود" بالأدوية المضادة للفطريات، وغالبًا ما يتم إعطاؤها عن طريق الوريد.

والأدوية الأكثر شيوعًا في العلاج هو دواء "أمفوتريسين ب" ( Amphotericin B)، رغم أن هناك نقصًا حادًا في الدواء في الهند التي تُعتبر "صيدلية العالم". وقد يحتاج المرضى ما يصل إلى ستة أسابيع من الأدوية المضادة للفطريات للتعافي. ويعتمد تعافيهم على وقت تشخيص المرض وعلاجه.

وفي كثير من الأحيان ، يتطلّب الأمر إجراء جراحة لإزالة الأنسجة الميتة أو المصابة.

عوامل أخرى تسبب انتشار "الفطر الأسود"

وعزا بعض الأطباء الانتشار السريع لعدوى "الفطر الأسود" في الهند حاليًا، إلى الإفراط في استخدام الستيرويدات لعلاج مرضى فيروس كورونا.

وقال البروفيسور ك. سريناث ريدي من مؤسسة الصحة العامة الهندية: "لقد استُخدمت الستيرويدات دون ضوابط، بكميات كبيرة وغير مناسبة"، مضيفًا أن "المياه الملوّثة في قوارير الأكسجين أو في مُرطِّبات الهواء توفر أيضًا فرصة للفطر للدخول إلى الجسم".

"تسوّل" الدواء في الهند لعلاج "الفطر الأسود"

يبحث أهل المريض في معظم الأحيان عن جرعات من دواء "أمفوتيريسين ب" المضاد للفطريات والذي أعلن وزير الصحة الهندي عن زيادة إنتاجه.

لكن يوجه البعض اللوم إلى سلطات الولايات والسلطات الفيدرالية التي يقولون إنه كان عليها تقييم المخاطر واتخاذ الإجراءات المناسبة منذ ظهور الحالات الأولى التي تم الإبلاغ عنها قبل عدة أشهر.

وتقول أموليا نيدي، الناشطة الحقوقية في المجال الصحي في ولاية ماديا براديش: إن السلطات لم تتعظ من أزمة نقص الأدوية المضادة للفيروسات والبلازما لعلاج مرضى كوفيد-19، مضيفة أنه "لا يُفترض أن يتوسل الناس من أجل الحصول على أدوية أساسية تنفذ حياة مرضاهم".

المصادر:
العربي، صحافة أجنبية، وكالات
شارك القصة