الثلاثاء 14 مايو / مايو 2024

منذ احتلال فلسطين.. تعرّف على التاريخ السرّي لبرنامج إسرائيل النووي

منذ احتلال فلسطين.. تعرّف على التاريخ السرّي لبرنامج إسرائيل النووي

Changed

نافذة إخبارية أرشيفية عن توسعة مفاعل ديمونا الذي يُعتبر مركز برنامج إسرائيل النووي (الصورة: غيتي)
أكدت الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية عام 2022 أنّ برنامج إسرائيل النووي كلّف تل أبيب 1.2 مليار دولار.

لا تعترف تل أبيب رسميًا بامتلاك السلاح النووي، لكنّ تقارير دولية تؤكد أنّ لدى إسرائيل برنامجًا نوويًا، على الرغم من أن العدد الدقيق للرؤوس الحربية محل خلاف.

وفي تقريرها السنوي لعام 2022، أكدت الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية أنّ إسرائيل أنفقت 1.2 مليار دولار لتطوير برنامجها النووي.

وقدّر اتحاد العلماء الأميركيين "فاس" عام 2023، أنّ تل أبيب تمتلك 90 رأسًا نوويًا يعتمد على البلوتونيوم، وأنتجت ما يكفي من البلوتونيوم لصنع ما بين 100 إلى 200 سلاح. بينما تُشير تقارير أخرى إلى أنّ حجم ترسانتها النووية يُقدّر بـ200 قنبلة نووية.

ورغم معارضة إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي للبرنامج النووي الإسرائيلي، إلا أنّ جزءًا كبيرًا من تمويل هذا البرنامج جاء من أفراد أميركيين بجهد قاده أبراهام فاينبرغ المستشار غير الرسمي لكل من الرئيسين السابقين جون كينيدي وليندون جونسون.

متى بدأ برنامج إسرائيل النووي؟

ذكرت مجلة "ناشيونال إنترست" أنّ اهتمام تل أبيب بالأسلحة النووية يعود إلى بداية احتلال فلسطين عام 1948 في عهد ديفيد بن غوريون الذي كان قلقًا من العداء المتواصل الذي واجهته إسرائيل من جيرانها العرب وجماعات المقاومة العربية ضد الاحتلال.

واعتبر بن غوريون أنّ الأسلحة النووية هي الملاذ الأخير لضمان بقاء "الدولة اليهودية".

وكانت المشكلة التي واجهها بن غوريون وأقرب مستشاريه هي أن إسرائيل في تلك الفترة كانت فتية وغير متطوّرة نسبيًا ولا تمتلك الموارد التكنولوجية والمادية اللازمة لدعم برنامج أسلحة نووي محلي.  

وتمثّل أفضل أمل لإسرائيل في امتلاك أسلحة نووية بالعثور على رعاية أجنبية، وهو ما أمنته فرنسا لها.

رعاية أجنبية من باريس

واستغلّت تل أبيب الفرصة لتحويل هذا الأمر إلى تعاون نووي عام 1956، عندما طلبت باريس من إسرائيل تزويد فرنسا وبريطانيا بذريعة للتدخل عسكريًا في مصر، فيما يُعرف بالعدوان الثلاثي على مصر أو حرب 1956.

ورغم تحفّظات بن غوريون بشأن إشراك إسرائيل في المخطط، تمّ التغلب على هذه المشاكل عندما وافقت فرنسا على تزويد تل أبيب بمفاعل أبحاث صغير مماثل للمفاعل "EL-3" الذي بنته باريس في ساكلاي.

لا يخضع مفاعل ديمونا لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية
مفاعل ديمونا الذي يُعتبر مركز برنامج إسرائيل النووي - غيتي

ومع فشل غزو السويس، حين هدّدت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إسرائيل وفرنسا وبريطانيا بطرق مختلفة لحملهم على الانسحاب، لم تكن فرنسا قادرة على حماية إسرائيل من تهديدات هذه القوى العظمى.

ولكن قبل الموافقة على الانسحاب، طالبت تل أبيب باريس بتعزيز التعاون النووي.

ووافقت فرنسا على تزويد إسرائيل بمفاعل أكبر بكثير لإنتاج البلوتونيوم في مدينة ديمونا، واليورانيوم الطبيعي لتزويد المفاعل بالوقود ومحطة لإعادة المعالجة.

صفقة مفاعل ديمونا

يُشير موقع مركز الحد من الأسلحة وعدم الانتشار (armscontrolcenter.org) إلى أنّ البلوتونيوم لبرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي تمّ إنتاجه بواسطة مفاعل ديمونا الذي بُني بمساعدة فرنسية.

ويُعرف مفاعل ديمونا باسم "IRR-2"، هو مفاعل حراري بقدرة 26 ميغاوات، لكن البعض يعتقد أنّ هذا التقدير أقل من طاقته الحقيقية. ولا يخضع المرفق لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ورغم الاتفاق مع باريس، كان يتعيّن على بن غوريون توفير الأموال اللازمة لدفع ثمن الصفقة النووية لفرنسا. ولا تُعرف تكلفة بناء منشآت ديمونا النووية، لكن من المرجّح أنّ إسرائيل دفعت لفرنسا ما لا يقلّ عن 80 مليون إلى 100 مليون دولار عام 1960. وكان ذلك مبلغًا ضخمًا من المال بالنسبة لإسرائيل في ذلك الوقت.

وعلاوةً على ذلك، كان بن غوريون قلقًا من أنّه إذا حوّل الأموال المخصّصة للجيش إلى المشروع النووي، فإنه يستجلب معارضة المؤسسة العسكرية التي كانت تعمل في ذلك الوقت على تشكيل جيش تقليدي قادر على مواجهة الجيوش العربية في المنطقة.

وذكر الصحافي الإسرائيلي مايكل كاربين في كتابه "القنبلة في القبو" (The Bomb in the Basement) أنّه "بدلًا من ذلك، قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي إنشاء صندوق خاص لتمويل الصفقة مع فرنسا. وطلب من موظفيه الاتصال بآبي"، في إشارة إلى أبراهام فاينبرغ.

وكان فاينبرغ من كبار رجال الأعمال المانحين وزعيمًا يهوديًا أميركيًا يتمتع بعلاقات وثيقة بالحزب الديمقراطي الأميركي. وقبل دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، جمع الأموال لمساعدة يهود أوروبا على الهجرة إلى فلسطين.

يهود أوروبيون يصلون  إلى فلسطين في ديسمبر 1946
يهود أوروبيون يصلون إلى فلسطين في ديسمبر 1946- غيتي

وبعد انتهاء الحرب، ذهب مثل بن غوريون إلى أوروبا لمشاهدة ما يُزعم أنها "معسكرات الاعتقال في الهولوكوست".

وخلال هذا الوقت، أقام روابط دائمة مع العديد من الرجال الذين أصبحوا فيما بعد من كبار قادة الاحتلال. وعند عودته إلى الولايات المتحدة، ساعد في الضغط على الرئيس الأميركي هاري ترومان للاعتراف بالدولة اليهودية بمجرد إعلان استقلالها، في مقابل جمعه الأموال لحملة إعادة انتخاب ترومان.

ما علاقة معهد "سونيبورن" بصفقة ديمونا؟

في أكتوبر/ تشرين الأول 1958، لجأ بن غوريون إلى فاينبرغ للمساعدة في جمع الأموال اللازمة لصفقة ديمونا.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها بن غوريون إلى زعماء اليهود الأميركيين لجمع الأموال من أجل قضايا إسرائيل، من بينها شراء أسلحة لليهود في فلسطين عام 1945.

رسم بياني يوضح تاريخ برنامج إسرائيل النووي
رسم بياني يوضح تاريخ برنامج إسرائيل النووي- armscontrolcenter

وكان فاينبرغ واحدًا من المليونيرات الـ17 الذين يُشكّلون "معهد سونيبورن". عام 1958، لجأ فاينبرغ إلى العديد من أعضاء المعهد، بالإضافة إلى العديد من القادة اليهود الآخرين في أميركا الشمالية وأوروبا، من أجل جمع الأموال لمشروع ديمونا النووي.

ووفقُا لكاربين: "بدأت حملة جمع الأموال السرية نهاية عام 1958، واستمرّت لعامين. وأسهم حوالي 25 مليونيرًا بمبلغ إجمالي يقدّر بحوالي 40 مليون دولار".

وأضاف كاربين: "كان بن غوريون متأكدًا من قدرة فاينبرغ على جمع الملايين المطلوبة للمشروع من يهود العالم، وإلا لما كان أقدم على عقد الصفقة مع فرنسا. ولم يكن بوسع إسرائيل في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، دفع ثمن التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في مفاعل ديمونا، وبناء رادع نووي بالاعتماد على مواردها الذاتية".

ووفقًا لموقع "armscontrolcenter" بدأ تشغيل مفاعل ديمونا في ديسمبر/ كانون الأول 1963، وساعد إسرائيل على إنتاج أول سلاح نووي لها بين عامي 1966-1967، على الرغم من عدم تأكيد هذه التقارير رسميًا.

وذكر الموقع أنّ وثائق حكومية أميركية رُفعت السرية عنها، تُظهر أنّه بحلول عام 1975 على الأقل، كانت الحكومة الأميركية مقتنعة بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close