الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

مواجهات وصلوات تلمودية ومسيرة أعلام.. ما مآلات الاستفزازت الإسرائيلية؟

مواجهات وصلوات تلمودية ومسيرة أعلام.. ما مآلات الاستفزازت الإسرائيلية؟

Changed

"للخبر بقية" على شاشة "العربي" يبحث الاعتداءات الإسرائيلية في القدس ويسأل عن مآلاتها (الصورة: غيتي)
مواجهات بالضفة الغربية، وصلوات تلمودية في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، فيما يُخطّط لمرور مسيرة الأعلام من باب العمود.. ما مآلات هي الاستفزازات الإسرائيلية؟

تتصاعد الاستفزازات الإسرائيلية لتذكر بما حدث قبل سنة، وأسفر عن تصعيد واسع النطاق استمر 11 يومًا على غزة.

فبين المواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين في الضفة الغربية، وتأدية مستوطنين صلوات تلمودية في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، يخطّط القائمون على مسيرة الأعلام الإسرائيلية للمرور غدًا الأربعاء من باب العمود، حتى من دون ترخيص من الشرطة.

ووسط كل هذه التطورات، تُطرح التساؤلات عما إذا كان سيناريو 2021 سيتكرر، وهل يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت التصعيد في القدس هروبًا إلى الأمام من أزمة داخلية تهدد بقاءه في منصبه؟.

فعلى هذا النحو تبدو الحكومة الإسرائيلية منذ فترة؛ ترتبك فتقذف بأزماتها في الشارع الفلسطيني.

نفتالي بينيت مأزوم

قبل نحو سنة، ألهبت النيران تصدير رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو أزمته، وهو يحاول جمع شعبية مبثوثة والتهرّب من جرائم فساد مكشوفة.

ونتنياهو كان قد أطلق الخطى للمستوطنين ليصلوا حيث يرغبون، ويسيرون في مسيرة الأعلام لينجو بخلاص سياسي له لم يتم. ويسير وراءه اليوم غريمه ومنتقده ومسقطه نفتالي بينيت. 

مأزوم هو بما لا يختلف كثيرًا عن نتنياهو، فحكومته تفقد الغالبية وشريكه فيها يائير لابيد قد يجلس بديلًا عنه. وقد يعيد الذهاب نحو انتخابات مبكرة نتنياهو إلى الحكم أو من هو أكثر منه تطرفًا، وفق مراقبين.

ولن يرفع التشويش على الأرض بذريعة السماح لأبناء جميع الأديان إحياء أعيادهم، ولو على حساب مرابطي ومصلي المسجد الأقصى، شعبية بينيت بقدر ما قد تذهب الأمور إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق.

وحذرت حركة حماس قادة الاحتلال والجماعات الاستيطانية من تنفيذ مخطّط ذبح القرابين وتكرار الاقتحامات، تزامنًا مع عيد الفصح اليهودي بباحات المسجد الأقصى.

وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس استخدامها صواريخ مضادة للطائرات، في محاولة للتصدي لطائرات الاحتلال وقد شنت غارات على القطاع المحاصر.

وعلى الأرض، يشحن الذهاب نحو مسيرة الأعلام والإيغال في اقتحام الأقصى الفلسطينيين في الضفة وغزة. 

"إستراتيجية مقاومة شاملة"

تعليقًا على التطورات، يشير الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي إلى أن المجتمع في إسرائيل اتجه منذ فترة طويلة إلى التطرف.

ويتوقف في حديثه إلى "العربي" من غزة، عند سلوك الحكومة الإسرائيلية بعد أن فقدت أغلبيتها البرلمانية ومع تذبذب شركاء بينيت في الائتلاف، فيقول إنها حتى لو كانت باعتقاده لا ترى أن هذا التصعيد من مصلحة إسرائيل، لكن الضعف لا يجعلها تحرك ساكنًا لاحتوائه.

ويضيف: "هناك حديث عن مسيرة للأعلام غدًا في القدس الشرقية بشكل مستفز وغير مسبوق، ولا يزال الحديث مستمرًا حتى هذه اللحظة عن ذبح القرابين".

ويشير إلى أن حكومة بينيت ليس لديها القدرة على ضبط الأمور في كل ما يتعلق باحتواء ليس فقط توجه الجماعات المتطرفة، بل أيضًا المعارضة اليمينية بقيادة نتنياهو، والمعنية بتصعيد الأمور حتى تتوفر الظروف التي تدفع نحو انهيار هذه الحكومة.  

ويقول: "في الشق المتعلق بالجانب الفلسطيني، لا أعتقد أن هناك قدرًا أن يعود سيناريو مايو/ أيار 2021، لسبب بسيط وهو أن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ليس دائمًا الحل الأمثل للرد على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية والقدس".

ويرى أن الفلسطينيين بحاجة الآن إلى التوافق على إستراتيجية مقاومة شاملة؛ يجب أن يتمثل بندها الأول في توفير بيئة لاندلاع المقاومة في الضفة الغربية، فلا يُعقل أن تواصل إسرائيل الاستيطان والتهويد والاعتداءات في الضفة الغربية ولا يتحرك أحد فيها.

"معضلة معقدة جدًا"

بدوره، يؤكد مدير عام مركز "مدى الكرمل في حيفا" للأبحاث مهند مصطفى أن حكومة بينيت في معضلة معقدة جدًا وغير بسيطة بالنسبة لها ولبينيت شخصيًا.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من أم الفحم، إن بينيت ذهب في بداية التوتر الأمني إلى تصعيد كبير جدًا في الضفة الغربية، هدفه إظهار حكومته على أنها قوية وقادرة على التصدي للمخاطر والتهديدات الأمنية، لا سيما عقب العمليات المسلحة المتتالية في داخل إسرائيل.

ويشير إلى أن بينيت يدرك من جهة ثانية أن التصعيد الزائد من طرفه، لا سيما في القدس، قد يؤدي إلى سقوط حكومته، ولذلك فهو يسعى الآن ـ من خلال التنسيق مع أطراف إقليمية ـ من أجل تخفيف حدة التصعيد الأمني، وخصوصًا في القدس.

ويوجز القول بأن معضلة بينيت هي بين إظهار أنه قوي وقادر وأنه رجل أمن يستطيع إعادة الأمن إلى الشارع الإسرائيلي، وأن التصعيد الزائد من طرفه، والذي قد يدخل غزة إلى مواجهة، قد يسقط حكومته.

ويوضح أن من مصلحة بينيت السياسية ومن مصلحة الحكومة وكل مركباتها حاليًا محاولة احتواء هذا التصعيد من أجل عدم إسقاطها، لافتًا إلى أن الانتخابات ليست في صالح بينيت ولا المركبات الأخرى في الحكومة. 

"إحلال ديني في الأقصى"

من ناحيته، يتوقف الباحث المتخصص في شؤون القدس زياد ابحيص عند النظرية الصهيونية الاحتلالية تجاه المسجد الأقصى المبارك، والتي ترجمت طبيعة المستعمر الصهيوني من مستعمر إحلالي على مستوى الأرض والجغرافيا إلى إحلال ديني في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي وحتى في مقابر القدس.

ويوضح في حديثه إلى "العربي" من عمان، أن هذا الاحتلال تحول إلى مشروع تقسيم زماني، ثم تقسيم مكاني، وهو اليوم يتحول إلى مشروع التعامل مع الأقصى باعتباره هيكلًا، حتى وإن كانت أبنيته القائمة هي أبنية إسلامية.

ويردف: هذه المشاريع الثلاثة تمضي بشكل مستمر منذ العام 2000 وحتى الآن، ويجب ألا تُقرأ حركية الصراع على المسجد الأقصى فقط من زاوية المعضلة السياسية الإسرائيلية، رغم وجودها وحقيقتها الموضوعية، ولا من زاوية التصعيد مع غزة فقط".

ويشير إلى أن "الاحتلال وفي جزء من تحذيره من التصعيد حذّر من نفسه، من حيث أنه سيمضي للعدوان على المسجد الأقصى لكن لا يريد أن يكون لذلك ثمنًا، ولذلك فتح أبواب التواصل مع مختلف الأطراف الإقليمية لكي تساعده على هذا الاتجاه".

ويردف: "ما هي نية هذه الأطراف؛ هذا أمر آخر، لكن ما يريده هو القيام بهذا العدوان الذي لا يستطيع منعه، لأن نفتالي بينيت هو في الأصل أحد أعضاء جماعات الهيكل المتطرفة من الناحية العضوية".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close