السبت 27 يوليو / يوليو 2024

نظرية "غريبة" ترحب بالجراثيم.. الإفراط في نظافة المنزل قد يضرّ بالصحة

نظرية "غريبة" ترحب بالجراثيم.. الإفراط في نظافة المنزل قد يضرّ بالصحة

شارك القصة

تقتل مواد التبييض الباكتيريا الضارة والنافعة في آن واحد- غيتي
تقتل مواد التبييض الباكتيريا الضارة والنافعة في آن واحد- غيتي
يعتبر العلماء أن وجود مزيج صحي من الميكروبات في منازلنا قد "يؤثر بشكل إيجابي على صحتنا ورفاهيتنا".

لطالما اعتُبر المنزل النظيف الخالي من الجراثيم مثاليًا لحياة صحية، لكن فكرة وجود الجراثيم تكتسب زخمًا لدى الخبراء في جميع أنحاء العالم رغم غرابتها، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

ويستند العلماء على مبدأ يقول إنه مثلما تحتوي أجسامنا على ميكروبيوم - مجتمع من البكتيريا والفيروسات والميكروبات الصغيرة الأخرى - كذلك الحال في منازلنا ومكاتبنا وحتى المستشفيات.

توازن الميكروبات

وكما أن الحفاظ على توازن صحي للميكروبات لدى البشر هو المفتاح لدرء المرض، فإن وجود مزيج صحي من الميكروبات في منازلنا قد "يؤثر بشكل إيجابي على صحتنا ورفاهيتنا"، وفقًا لسارة هاينز، الأستاذة المساعدة في قسم الهندسة المدنية وهندسة المعادن في جامعة تورنتو. وتدرس أبحاثها تأثير المباني على صحة الإنسان، مع التركيز على الميكروبيوم الداخلي. 

وتتوقع هاينز أنه مثلما يتزايد تناول الناس للبروبيوتيك على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحسين صحتهم، فقد "نزرع" بيوتنا في المستقبل بالبروبيوتيك - ربما على شكل مواد تحتوي على بكتيريا مضافة - لتغيير الميكروبيوم "لتعزيز الصحة العامة".

"هندسة البروبيوتيك"

وقالت هاينز لموقع "غود هيلث": "إننا نقضي حوالي 90% من وقتنا في الداخل، لذا فإن ما يحدث في منازلنا والمباني الأخرى أمر بالغ الأهمية لصحتنا".

وأضافت: "إنه من الناحية المثالية، سيكون الميكروبيوم الداخلي متوازنًا مثل الميكروبيوم الموجود بداخلنا". 

ويعمل بعض الخبراء على إيجاد طرق لتجهيز المواد المستخدمة لبناء المنازل، باستخدام البكتيريا المفيدة، في ما يُعرف باسم "هندسة البروبيوتيك".

كما يعمل الباحثون على إيجاد طرق لمعالجة الميكروبيوم داخل المستشفيات باستخدام منتجات التنظيف التي تحتوي على بكتيريا صديقة، لكي تساعد هذه البكتيريا "الجيدة" في إبعاد البكتيريا الضارة.

"متلازمة المباني المريضة"

ولا تعد النظرية التي تعتبر أن البيئة داخل منازلنا يمكن أن تسبب لنا المرض حديثة. ففي عام 1983، استخدمت منظمة الصحة العالمية لأول مرة مصطلح "متلازمة المباني المريضة" لتحديد أعراض مثل الصداع والصفير وسيلان العيون التي تعزى في كثير من الأحيان إلى المباني سيئة التهوية والإضاءة الحديثة.

لكن فكرة الميكروبيوم الداخلي، الأحدث والأكثر تطرفًا - "تعد مجالًا متطورًا في العلوم"، بحسب هاينز.

وتزعم أن تكوين الميكروبيوم داخل منازلنا يشبه إلى حد كبير بصمة الإصبع "أو التوقيع البيولوجي"، لأنه فريد بالنسبة لنا، ونبدأ في جعل وجودنا محسوسًا على الميكروبيوم في منازلنا في غضون ساعات.

وكما يقتل استخدام المضادات الحيوية البكتيريا الجيدة والسيئة داخل أجسامنا، تشير الدراسات إلى أن التنظيف باستخدام مواد التبييض والمنظفات القاسية الأخرى قد يعطل الميكروبيوم في الغرفة عن طريق القضاء على الحشرات الجيدة التي يمكن أن تمنع الحشرات السيئة.

يهدد استخدام المنظفات توازن الميكروبات داخل المنزل- غيتي
يهدد استخدام المنظفات توازن الميكروبات داخل المنزل- غيتي

وخلال جائحة كوفيد، حاول الباحثون في جامعة فيرارا بإيطاليا استخدام المطهرات القائمة على البروبيوتيك بدلاً من المطهر الكيميائي في مستشفى للأطفال لمدة شهرين، وذلك لمعرفة ما إذا كان هذا يمكن أن يبقيه نظيفًا دون الإخلال بتوازن الميكروبيوم.

وتم مسح الأسطح في المستشفى بعد أسبوعين وأربعة وتسعة أسابيع: وأظهرت النتائج أن مسببات الأمراض (البكتيريا المسببة للعدوى) أقل بنسبة 80% على الأسطح، وأظهرت أن البكتيريا الصديقة الموجودة في منتج التنظيف ساعدت على منع إصابة الأسطح المنظفة بالبكتيريا الضارة مرة أخرى.

وبحسب "ديلي ميل"، يوضح مارك إنرايت، أستاذ علم الأحياء الدقيقة الطبية في جامعة مانشستر متروبوليتان: "أنه إذا استخدمنا مواد التبييض فإنها تقتل كل شيء، ولكن عندما تهبط البكتيريا المسببة للأمراض على السطح، لا يوجد شيء ينافسها ويمنعها من السيطرة".

"النظافة المستهدفة"

وبحسب "ديلي ميل" فرغم ذلك، قد تكون هناك جوانب سلبية، كما يحذر أستاذ علم الأحياء الدقيقة الصيدلانية في جامعة كارديف، جان إيف ميلارد: "أحد المخاوف هو أنه إذا دخلت البكتيريا إلى نظام التهوية وانتشرت إلى مريض يعاني من ضعف المناعة، فإن هذه البكتيريا قد لا تكون ضارة على الإطلاق". 

كما يعتقد البروفيسور ميلارد أن أفضل نهج هو "النظافة المستهدفة".ويوضح: "هناك بعض الأدلة على أن الإفراط في استخدام المطهرات يساهم في مقاومة مضادات الميكروبات. عادة ما تكون المنتجات المستخدمة في المنازل ذات تركيز منخفض، وبالتالي عندما تستخدمها فإنك تقتل فقط الميكروبات الحساسة، بينما يعيش الآخرون دون منافسة لقمعها.

ويفضل التركيز على المناطق التي قد يكون فيها استخدام المطهرات فكرة جيدة من وقت لآخر، "مثل الحمام أو حوض المطبخ  أو الأسطح التي تُستخدم في تحضير الطعام".

ويضيف: "الكثير من الناس يستخدمون المطهرات على كل سطح، نافيًا وجود حاجة لذلك "فلا بأس بقطعة قماش مبللة".

تابع القراءة
المصادر:
ترجمات
Close