Skip to main content

نموذج اقتصادي وسياسي مختلف.. هل اقتربت الصين من مركز قيادة العالم؟

الأربعاء 14 ديسمبر 2022

خلال العقود الـ 6 الماضية، انتقلت الصين من بلدٍ مثقلٍ بماضيه وبتقاليد ممالكه القديمة وبهزائمه إلى قوّة صاعدة.

فينظر إلى النظام الصيني سياسيًا باعتباره نموذجًا مختلفًا جمع بين مركزية الحكم واحتكار القرار من جهة، وشكلٍ من أشكال رأسمالية السوق من جهة ثانية.

اقتصاديًا، انتقلت الصين من سياسات القهر في التصنيع والزراعة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي إلى مركزٍ صناعي عالمي متقدّم، وإلى أسرع نموٍ اقتصادي في العالم.

أما عسكريًا، فالصين اليوم هي ثاني أكبر ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.

الصين تبحث عن مكانتها

ورغم كل ما حققته، لا زالت الصين تبحث عن مكانتها كقوة عظمى تزاحم الولايات المتحدة أو تزيحها.

في عام 1972، وافقت أميركا على جلوس الصين بجانبها كعضو دائم في مجلس الأمن، وانفتحت أسواق العالم أمام الإنتاج الصيني وتحولت الصين إلى الشريك التجاري الأوّل لأغلب دول العالم، والتي واجهت عجزًا تجاريًا أمام الصين وصل في حالة الولايات المتحدة إلى مئات المليارات من الدولارات.

ويرى مختّصون أن غزارة الإنتاج الصيني لم يسهم في تقوية الصين بقدر احتوائها وتحجيمها، فلم تصدّر الصين سلعًا حيويةً أو احتكارية مثل المواد الخام، والأسلحة، والطائرات، وغيرها.

ومعظم صادرات هذا البلد الآسيوي هي من السلع الاستهلاكية، والمقلّدة، والتي يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها، ما جعل من أسواقها الخارجية ورقة ضغطٍ أثّرت على مواقفها السياسية وأضعفتها.

ووفق وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات السابق مياو وي، تفتقد بلاده إلى التقنيات الأساسية، وتعتمد على الولايات المتحدة وغيرها. 

كما تفتقد بكين وفق باحثين، إلى بعض الميزات التي تحدد المصير التنافسي للأمم، أهمها: فرص مشتركة للمواطنين، ومؤسسات اجتماعية ناشطة، ومناخات تعددية متنوعة.

قوة "أساسية"

متابعةً لهذا الملف، يتحدث نبيل سرور أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية والمتخصص في الشؤون الصينية، عن تحقيق الصين جملة من الإصلاحات على المستوى الداخلي مما حوّلها إلى قوة أساسية باقتصادها المتين الذي يتمتع بمستوى دخل متقدم نقل الصين نقلة نوعية على مدى 5 عقود.

ويرى سرور في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أن الصين انتقلت إلى بيئة استثمارية عالمية بشكل سريع، حيث انفتحت على العديد من الدول العالمية بمجموعة من الاستثمارات ودفع بالمراقبين إلى القول بأنه في حين كان القرن العشرين أميركيًا بامتياز، فإن مركز القوة العالمي قد ينتقل إلى آسيا في القرن الـ 21.

ويردف: "ربما تكون الصين بما حققته من قفزات نوعية، إحدى الدول الأكثر تأهّلًا لتبوؤ مركزًا رياديًا عالميًا على المستوى الاقتصادي كونها أصبحت فعليًا مصنع العالم، وتستقبل الاستثمارات من كل أنحاء العالم، وتصّدر سلعها إلى معظم الدول".

في المقابل، يلفت الأستاذ المتخصص في الشؤون الصينية إلى وجود بعض المشاكل الداخلية وتفاوت بين مناطق الوسط والأطراف ما يؤخر وصولها إلى إزاحة الريادة الأميركية عن مركز القيادة العالمي.

"الصين لم تصل بعد"

من جهته، يشرح بسام طيارة الكاتب والأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الآسيوية أن مؤشر تحديد قوة الدول يرتبط بـ4 عناصر، هي: العامل الاقتصادي، والعامل الهيكلي للدولة، والتعليم والتربية، فضلًا عن القوة العسكرية.

وفيما يتعلق بالصين، يقول طيارة في حديث إلى "العربي"، من باريس، أن الصين رغم مكانتها العسكرية الكبيرة إلا أنها لم تختبر على أرض الواقع، في حين أنها اقتصاديًا ترتكز على تصدير مواد غير أساسية ويرى في ذلك "ورقة ضعف" في الاقتصاد الصيني لأن الغرب يمكن أن يستغني عنها بشكل أساسي.

وعليه، لا يعتقد المتخصص في الشؤون الآسيوية أن الصين قد وصلت بالفعل إلى مستوى القوة العظمى لأنها لم تختبر قوتها العسكرية على الأرض، ولم تثبّت اقتصادها في المكانة الأساسية للدول.  

فهناك عدد من نقاط الضعف التي برزت في السنوات الأخيرة وفق طيارة، أولها الصراع التجاري مع الولايات المتحدة، والانكماش الاقتصادي الذي سببته جائحة كورونا، واضطهاد الأقليات ما أدى إلى انسحاب بعض الاستثمارات من الصين.

المصادر:
العربي
شارك القصة