Skip to main content
البرامج -

واقع صعب.. "شاحنات الموت" تهدد العاملات في القطاع الزراعي بتونس

الأحد 16 أكتوبر 2022

تعيش العاملات في القطاع الزراعي في تونس، وضعًا مهنيًا صعبًا تغيب فيه أدنى إجراءات السلامة، إذ تنقل العاملات بشاحنات غير مؤمنة في مسالك وعرة لتوزيعهن على حقول مختلفة.

وتطالب العاملات في المجال الفلاحي من السلطات، بالحماية الاجتماعية وهيكلة القطاع في ظل ظروف قاسية تنعدم فيها أبرز الحقوق الأساسية، في مقابل حصولهن على أجور زهيدة.

رحلة تأمين لقمة العيش

فمع ساعات الفجر الأولى تستعد العاملتان في إحدى مزارع سيدي بو زيد، مهنية وابنتها رباب، للخروج من البيت والتوجه نحو نقطة التجمع التي يرسلن منها إلى تلك المزارع برحلة يومية محفوفة بالتعب والخطر بهدف تأمين لقمة العيش.

وفيما تتفرق عاملات وتتجمع أخريات يطول انتظار سيدات في جنح الظلام، قبل أن يأتي الوسيط أخيرًا بشاحنة واحدة تقلهن جميعهن وتغيب عنها كل إجراءات السلامة.

ورغم خطورة ذلك، لا خيار لهن سوى سلوك المسار المحفوف بالمخاطر الذي بات أيضًا عبئًا على الوسيط، بحيث يؤكد أحد السائقين الذي يدعى فاضل أنه يشعر بمسؤولية تجاه السيدات اللواتي يقلنهن إلى المزارع.

وفور الوصول إلى الحقول، تبدأ العاملات بجمع الخضروات وتوضيبها طوال اليوم بحيث لا يتوقفن إلا لاستراحة قصيرة، مقابل عشرة دنانير.

في المقابل، يشتكي الفلاح بدوره غلاء أسعار الأسمدة وهو ما يحول دون دفع أجرٍ أفضل للسيدات العاملات، في حين يحرمن أيضًا من برامج الإدماج والحماية الاجتماعية.

حلول ظرفية

ومن تونس، تشير المحامية والناشطة الحقوقية فدوى إبراهم إلى أن الحوادث المرتبطة بما أصبح يعرف بـ"شاحنات الموت" التي تقل العاملات في القطاع الفلاحي، أصبحت متواترة وتقع دائمًا، لكن لا يتم التطرق إليها إلا في حال وجود صور أو لقطات توثقها لتصل إلى مواقع التواصل الاجتماعي والنشطاء.

فترى في حديث مع "العربي" أن "هذه الحوادث موجودة دائمًا وستتكرر في ظل غياب الإرادة لإيجاد حل جذري وحلول حقيقية لمشاكل تلك النساء، وسنرى في كل مرة دعوات على شبكات التواصل والإعلام للتدخل وحل هذه الأزمة".

وعن الحلول التي حاولت الحكومات المتعاقبة والمجتمع المدني وناشطيه التوصل إليها، تصفها إبراهم بـ"الظرفية، ولم تأتي بنتيجة لأنها لم تكن مناسبة لظروف السيدات الاجتماعية والاقتصادية".

تواطؤ رسمي

فتفسر الناشطة التونسية التباطؤ في معالجة هذه المشكلة، بأنه يبدأ من السائق عينه الذي ينقل العاملات بظروف "لا تراعي الحرمة الجسدية، حتى أنه من المعروف أن هؤلاء يقومون بسكب الماء في الجزء الخلفي من الشاحنة لكي تتسع لأكبر عدد ممكن من النساء"، وهو أمر رأت إبراهم إنه يرقى إلى مستوى الاتجار بالبشر.

كما تشير إلى وجود تواطؤ بين السلطات وسماسرة اليد العاملة إذ لا يتم محاسبة هؤلاء المخالفين، ولا تسعى إلى إيجاد بديل لائق يوفر العمل الآمن والحماية لهن، لذلك تعول الناشطة الحقوقية على المبادرات الفردية والناشطين في المجتمع المدني للمساعدة في وضع حلول ملائمة.

أما أبرز المشاكل التي تواجه النسوة إلى جانب أزمة السلامة المرورية فهي الحوادث "المسكوت عنها" على حد قول إبراهم، بحيث تتعرض بعض العاملات للتعنيف اللفظي والمادي، فضلًا عن غياب التغطية الاجتماعية والتأمين لحياتهن وحرمانهن من راتب تقاعدي.

المصادر:
العربي
شارك القصة