تثير ترسانة بيونغيانغ النووية الكثير من الجدل على صعيد السياسة العالمية، فخلال الأشهر القليلة الماضية، لم يمرّ أسبوع تقريبًا من دون ورود أنباء من شبه الجزيرة الكورية عمّا تسميه واشنطن وحلفاؤها بــ"الاستفزازات" الصادرة عن بيونغيانغ.
وبـ"الاستفزازات"، تشير واشنطن إلى التجارب الصاروخية المتصاعدة التي تجريها بيونغيانغ بين الفينة والأخرى، حيث لا يبدو أنها تأبه كثيرًا بتحذيرات المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية.
فما الذي نعرفه عن ترسانة الأسلحة النووية والبالستية التي تمتلكها كوريا الشمالية؟ وما مدى خطورتها؟
كوريا الشمالية.. "دولة نووية"؟
رغم كونها واحدة من أفقر الدول في العالم، ورغم العقوبات الدولية عليها، تُنفق كوريا الشمالية ما لا يقلّ عن ربع ناتجها المحلي الإجمالي على جيشها وقدرات التسلّح، وفق تقديرات لوزارة الخارجية الأميركية.
كما تمتلك واحدًا من أكبر الجيوش النظامية في العالم، بأكثر من مليون جندي، و600 ألف من جنود الاحتياط.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أقرّت كوريا الشمالية قانونًا أعلنت فيه نفسها دولة نووية، في خطوة وصفها زعيمها كيم جونغ أون بـ"النهاية التي لا رجعة فيها"، مستبعدًا في الوقت نفسه، إمكانية خوض بلاده محادثات لنزع السلاح النووي.
ونصّ القانون أيضًا على "حقّ" كوريا الشمالية في توجيه "ضربة نووية استباقية" لحماية نفسها، وفق ما نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية، لتُثبت بذلك حلمًا يعود إلى خمسينيات القرن الماضي.
حجم ترسانة كوريا الشمالية النووية
حتى الآن، لا نعلم بدقة حجم الترسانة النووية الكورية الشمالية، أو مدى قدرة بيونغيانغ على وضع الرؤوس النووية فوق الصواريخ المعدّة لذلك بشكل ناجع.
إلا أنّ تقديرات جمعية "الحد من التسلّح"، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها، تشير إلى امتلاك كوريا الشمالية ما بين 40 و50 رأسًا نووية، يُمكن أن تُنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لسبع قنابل سنويًا.
ومنذ تولي كيم جونغ أون قيادة البلاد خلفًا لوالده كيم جونغ إيل، تضاعف عدد التجارب الصاروخية ما لا يقلّ عن عشر مرات. وسجّلت تقارير مراكز الرصد الغربية ما لا يقلّ عن 160 تجربة صاروخية خلال العشرية الأخيرة، مقابل 16 تجربة طيلة 18 عامًا من حكم والده.
لقاء تاريخي وتهدئة لم تصمد
في 30 يونيو/ حزيران 2019، ظنّ كثيرون أن اللقاء الذي وُصف بـ" التاريخي"، بين الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي كان يصفه بـ"الرجل الصاروخي"، شكّل نقطة تحوّل قد تحدّ من تطوير برنامج بيونغيانغ النووي، ومحطة لتثبيت مساعي التهدئة معها.
إلا أن ذلك لم يدم طويلًا. فخلال عام 2022 وحده، أجرت بيونغيانغ 34 اختبارًا للأسلحة، شملت نحو 88 صاروخًا بالستيًا وصاروخ كروز.
وفي يوم واحد من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، أطلقت كوريا الشمالية ما لا يقلّ عن 23 صاروخًا سقط أحدها في المياه على بعد 35 ميلًا من الساحل الشرقي لكوريا الجنوبية؛ ما دفع سكان الجزر إلى البحث عن ملجأ تحت الأرض.
كما قامت بإطلاق صاروخ بالستي متوسط المدى فوق اليابان.
صواريخ عابرة للقارات
أكثر من ذلك، فإنّ ما يُخيف خصوم بيونغيانغ هو امتلاكها لصواريخ يُمكن أن يبلغ مداها الولايات المتحدة الأميركية، حيث يتراوح مدى صاروخ "هواسونغ-14" بين 8 و10 آلاف كيلومتر، أي أنه صاروخ عابر للقارات يُمكن أن يصل إلى نيويورك تقريبًا.
أما صاروخ "هواسونغ 15" فتشير تقديرات إلى أن مداه يصل إلى 13 ألف كيلومتر.
وبينما توعّدت واشنطن وسول وطوكيو بردّ لا مثيل له لوضع حد للتصعيد الكوري الشمالي، ظهر كيم جونغ أون أخيرًا، وللمرة الأولى إلى جانب ابنته من قاعدة عسكرية بعد إطلاق صاروخ بالستي جديد، وهدّد بردّ أكثر غضبًا قد يستهدف واشنطن وحلفاءها، مما يجعل سياسة الصبر الاستراتيجي التي تعتمدها الإدارة الأميركية للتعامل مع الخطر الكوري الشمالي "محل اختبار حقيقي".
كل ما تودّون معرفته عن ترسانة الأسلحة النووية والمنظومة الصاروخية التي تملكها كوريا الشمالية، في الفيديو المرفق من سلسلة "خبر بلس".