Skip to main content

"أمي تقول إنني خائن".. الحرب على أوكرانيا تولّد صراع أجيال في روسيا

الأحد 13 مارس 2022

سلّط تقرير لـ"الغارديان"، الضوء على مشكلة اجتماعية جديدة في روسيا، حيث تسبب قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ببدء حرب مع الجارة أوكرانيا في "تمزق" العديد من العائلات الروسية أو وقوع خلافات عميقة بين الأجيال، نتيجة اختلاف وجهات النظر لحقيقة ما يحصل.

ففي اليوم الثالث من الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، أدركت المواطنة الروسية فيكتوريا جوخ أن شيئًا غريبًا يحصل بينها وبين والدتها.

وتقول جوخ البالغة من العمر 28 عامًا التي انتقلت من بلدة صغيرة في سيبيريا إلى موسكو، والتي تعمل في مجال الأزياء: "لقد لاحظت من خلال المكالمات الهاتفية معها أن أمي بدأت تردد رواية الحكومة عن هذه الحرب عبر القول: إن هذا كله كان خطأ الناتو، وأن روسيا لم يكن لديها خيار سوى الدفاع عن نفسها".

وفي حديث لها مع "الغارديان" قالت جوخ، التي تعارض بشدة الحرب الروسية على أوكرانيا وتنشر ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "لقد أصبحت مهمتي تغيير رأيها، وأن أظهر حقيقة ما يحدث".

لكن يبدو أن هذا الجدل يتخطى عائلة جوخ، بحيث تشهد روسيا انقسامات أسرية بين أولئك الذين يدعمون الحرب وأولئك الذين يعارضونها، وفي كثير من الأحيان، يمتد هذا الانقسام ليصبح صراعًا فكريًا بين الأجيال.

ويرى أندريه كوليسنيكوف من مركز أبحاث كارنيغي في موسكو أنه بشكل عام، من غير المرجح أن يكون لدى الشباب الروسي مشاعر معادية لأوكرانيا، وقال: "لقد رأينا أن الاحتجاجات المناهضة للحرب التي حصلت في روسيا شملت إلى حد كبير الشباب". 

ويضيف: "ترتبط نظرة الكثيرين إلى الحرب بشكل أساسي بالمصدر الذي يحصلون منه على أخبارهم، أي على سبيل المثال إذا كنتم تشاهدون التلفاز في روسيا، فمن المرجح أنكم تتبعون التوجه الرسمي. وبطبيعة الحال هذا سيكون ميل كبار السن الذين يعتمدون بشكل كبير على التلفزيون".

وقد وجدت استطلاعات الرأي التي أجريت سابقًا، أن التلفزيون لا يزال أكبر مصدر إخباري للروس، حيث يعتمد عليه أكثر من 60% من السكان للحصول على المعلومات.

كما أن الروس الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا هم أكثر احتمالية أن يتابعوا الأخبار عبر القنوات المحلية، مقارنة بمن هم دون سن الـ25.

وتؤكّد التقارير الأجنبية أن القوة الكاملة لوسائل الإعلام الحكومية الروسية تم حشدها لتصوير الهجوم العسكري الروسي في أوكرانيا على أنه "عملية عسكرية خاصة" تهدف إلى تحرير أوكرانيا وحماية المواطنين في دونباس من "الإبادة الجماعية".

وقد وُصفت مقاطع فيديو لقصف المدن الأوكرانية بالقنابل الروسية عبر القنوات الرسمية، بأنها من "تدبير الجانب الأوكراني"، وفق الصحيفة البريطانية.

ويردف كوليسنيكوف: "نرى أن غالبية الروس يدعمون على ما يبدو تصرفات الدولة، على الأقل بالطريقة التي تعرض بها هذه الإجراءات عليهم من قبل وسائل الإعلام".

كما يعتقد أن هذا الأمر "لم يكن مفاجئًا"، نظرًا لحساسية الموضوع، فكان من غير المستبعد رؤية بعض التوترات بين العائلات والأصدقاء، "فمن الصعب جدًا على الناس قبول أن جانبهم هو في الواقع الشرير".

أما الشابة جوخ، فقررت مغادرة روسيا الأسبوع الماضي بعد اعتقالها لانضمامها إلى احتجاج مناهض للحرب نظّم في موسكو، وقالت إنها تمكنت في النهاية من إقناع والدتها سفيتلانا بـ"الدور المدمر" لبلدها في الحرب، مضيفةً: "لكن الآن علي إقناع أبناء عمومتي وأعمامي الأكبر سنًا". وقالت ممازحة: "لدي قائمة طويلة".

لكن من المرجح أن تصبح "مهمة" الجيل الشاب أكثر صعوبة، وذلك مع إعلان روسيا يوم الجمعة الفائت حجب موقع "إنستغرام"، بعد أيام قليلة من الإجراء نفسه بحق "فيسبوك" وتضييق الخناق على "تويتر".

فقد كشف المراقبون بحسب "الغارديان" أن الحملة الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي وعدد قليل من وسائل الإعلام المستقلة في روسيا، ستؤدي إلى تقييد الوصول إلى المعلومات الخارجية حول الحرب وتعزيز تأثير وسائل الإعلام الحكومية، الأمر الذي سيعمق هذه الهوة أكثر بين الأجيال.

فبالنسبة للبعض، مثل ديمتري المستشار التكنولوجي في موسكو، كان للحرب بالفعل عواقب وخيمة على علاقته مع عائلته.

وقد صرّح ديمتري: "بعد الهجوم العسكري على أوكرانيا أردت الانتقال للعيش مع والدي لأحاول إخبارهما بما يحدث بالفعل".

ويشير إلى أنه خلال الأسبوع الأول من الحرب، كان يقوم يوميًا بعرض مقاطع الفيديو من مواقع مختلفة على والديه، ليبيّن لهما أنه حقًا هناك قصف روسي على المدن السكنية الأوكرانية عارضًا عليهما أيضًا التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام المستقلة.

لكن يؤّكّد الشاب الروسي أن أيًا من ذلك لم يكن له تأثير، بل جعلهم في الواقع "أكثر اقتناعًا بأنهم كانوا على حق". وبعد أسبوع غادر منزل والديه ليتلقى ديمتري رسالة نصية من والدته تفيد بأنه "يخون بلده".

وجاءت الشعرة التي قصمت ظهر البعير يوم الخميس الماضي، عندما أرسل له والده مقطعًا إخباريًا من إحدى الوسائل التابعة للكرملين يزعم فيه أن السلطات الأوكرانية قصفت يوم الأربعاء مستشفى مخصّصًا للولادة في ماريوبول، حيث "تظاهرت ممثلات بأنهن أمهات مصابات".

وشرح الشاب للصحيفة البريطانية أن ما حصل "جعلني غاضبًا جدًا.. لست متأكدًا من أننا سنكون قادرين على الجلوس على الطاولة نفسها مرة أخرى".

حرب إعلامية "مشتعلة" بين روسيا وأوكرانيا

وفي سياق متصل، يتحدث مراسل "العربي" في موسكو عن حرب إعلامية "مشتعلة" بموازاة الحرب الميدانية بين روسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى "تطابق" في الروايتين الروسية والأوكرانية، ولكن في الاتجاه "المضاد".

ويوضح أنّ الطرف الروسي يتحدّث عن أنّ القوات الأوكرانية تضرب المستشفيات كما يتحدث الطرف الأوكراني عن أنّ القوات الروسية هي التي تضرب المستشفيات.

ويلفت إلى أنّ الطرف الروسي يشير إلى أنّ القوات الأوكرانية تحتمي في الكنائس، ويتهم الطرف الأوكراني بعدم احترام الممرات الإنسانية.

ويخلص إلى أنّه في هذه الحرب تحديدًا، يصعب جدًا معرفة الحقيقة، حيث تُستخدَم هذه المعلومات في فرض عقوبات واقعية سواء اقتصادية أو سياسية على موسكو.

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة