الأحد 12 مايو / مايو 2024

اتحاد الشغل التونسي يفرض ثقله في الشارع.. أي رسالة احتجاج يوجهها لسعيّد؟

اتحاد الشغل التونسي يفرض ثقله في الشارع.. أي رسالة احتجاج يوجهها لسعيّد؟

Changed

نافذة تحليلية عبر "العربي" على المشهد في تونس عقب مظاهرة الاتحاد العام التونسي للشغل (الصورة: رويترز)
بخطاب شديد اللهجة، انتقد أمين عام الاتحاد الرئيس وسياساته، مؤكدًا أمام الجماهير الحاضرة على الصمود للدفاع عن الحريات وعدم الخشية من السجون.

يفرض الاتحاد العام التونسي للشغل ثقله النقابي في الشارع، في حين تبلغ الخصومة مع الرئيس قيس سعيّد مداها.

فعبر مظاهرة في ساحة محمد علي الحامي ذات الرمزية التاريخية، وجّه الاتحاد أمس السبت رسالة احتجاج سياسي مفادها: إما الحوار أو المواجهة.

وبينما كان اتحاد الشغل أبرز المساندين للإجراءات الاستثنائية لسعيّد - ولو على حذر - فهو يصطف اليوم مع المعارضة، حيث صارت أعرق منظمة في البلاد من أشد معارضي الرئيس. 

وبخطاب شديد اللهجة، انتقد أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي الرئيس وسياساته، مؤكدًا أمام الجماهير الحاضرة على الصمود للدفاع عن الحريات وعدم الخشية من السجون.

وشدد على أن "تونس التي تنادي بالعدالة الاجتماعية، لن يكون فيها قمع، ولن يكون فيها استبداد مهما كانت التكاليف، ومهما كان الثمن".

"رقم صعب في العملية السياسية"

خبر التونسيون أن كل الحكومات لم تدخل في مواجهة مع الاتحاد إلا وخسرتها، بسبب تأثيره السياسي القوي.

ويحمل لجوء الاتحاد إلى الشارع رسالة بأنه رقم صعب في العملية السياسية، لكنه أيضًا يقدم نفسه قوة حوار بديلًا عن الصراع، ولا سيما أنه الحائز على جائزة نوبل للسلام ضمن رباعي الحوار.

وقد حضرت أحزاب ومنظمات حقوقية إلى جانبه في مشهد احتجاجي غير مسبوق، حيث اعتبر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي أن مناخ الحريات مهدد بدرجة مخيفة، متحدثًا عن تصفية سياسية للخصوم السياسيين عن طريق المحاكمات والاعتقالات والتتبعات.

ومنذ 11 فبراير/ شباط الماضي، شهدت تونس حملة توقيفات شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجل أعمال بارزا.

واتهم سعيّد بعض المعتقلين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".

وانضم أمس السبت عضو مجلس النواب السابق وعضو مجلس الشورى لحركة النهضة أحمد لعماري إلى لائحة الذين تم اعتقالهم.

وأفادت حركة النهضة في بيان بأن لعماري اعتقل في منزله في مدينة بن قردان دون توضيح الأسباب.

وبينما دانت بشدة عملية الاعتقال التعسفية، اعتبرتها مواصلة لحملة اعتقال المعارضين السياسيين والنقابيين، وإمعانًا في سياسة الهروب إلى الأمام، وتطورًا خطيرًا في استهداف الحريات الفردية والعامة.

ودعت أنصارها وعموم التونسيين والتونسيات للمشاركة بقوة في المسيرة، التي تنظمها "جبهة الخلاص الوطني" اليوم الأحد "من أجل حماية الديمقراطية والديمقراطيين".

"قرار لم يمله عليه أحد"

تعليقًا على المشهد، يوضح الصحافي في جريدة "الشعب" التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل صبري الزغيدي أن قرار الاتحاد تنظيم التحركات والمسيرات العمالية في جميع محافظات البلاد في الفترة الأخيرة لم يمله عليه أحد.

ويؤكد في حديثه لـ"العربي" من تونس، أن الاتحاد اتخذ القرار بشكل مستقل، واستمده من هياكله ومؤسساته ولا علاقة لمعارضة قيس سعيّد بهذا بشيء.

ويشير إلى أن هذا الأمر فرضه الواقع من خلال العديد من ملفات الاختلاف بين المنظمة الشغيلة للاتحاد العام التونسي للشغل والرئيس قيس سعيّد على المستوى السياسي.

ويقول إن ذلك "من خلال تسيير الشأن العام بشكل انفرادي ودون إشراك مكونات المجتمع المدني بما فيها الشخصيات التي دعمته في لحظة 25 يوليو، إلى جانب غياب الرؤية الواضحة حول إنعاش المالية العمومية والاقتصاد الوطني والوضع الاجتماعي".

ويضيف إلى ما تقدم "التضييقات التي يعاني منها الاتحاد ونقابيو المنظمة الشغيلة في الفترة الأخيرة، من خلال اعتقال النقابي في شركة الطرقات السيارة أنيس الكعبي، وخضوع 16 نقابيًا في قطاع النقل العمومي إلى المحاكمات، وعزل نقابيين في قطاع الشؤون الدينية بسبب تحركات مدنية سلمية احتجاجية للمطالبة ببعض الحقوق المهنية والاجتماعية". 

"عليه أن يكون أكثر وضوحًا"

بدوره، يشير الكاتب المختص في التاريخ السياسي بلحسن اليحياوي، إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل والرئيس سعيّد ينطلقان من مقدمة مهمة مفادها أنه لا يمكن العودة إلى ما قبل 25 يوليو.

ويرى في حديثه إلى "العربي" من تونس، أن لا أحد يملك الجرأة للمزايدة على وطنية الاتحاد، وعلى أنه خيمة يلوذ بها الجميع حين تشتد الصعوبات. ويضيف: "لكن الالتقاء الموضوعي بين الاتحاد ومعارضة الرئيس قيس سعيد قد تودي بمصداقية الأول".

ويعتبر أن "على الاتحاد أن يكون أكثر وضوحًا، وأن ينتبه إلى مسألة مهمة جدًا، وهي أننا تقريبًا إزاء مرحلة تأسيسية جديدة، وأن إعادة الأخطاء التي وقع فيها إبان الثورة وهي عملية شراء السلم الاجتماعي التي أودت بالمالية العمومية والاقتصاد التونسي لا يجب أن تكرر مرة أخرى".

ويردف بأن سعيّد "لم يقع في فخ ما يسمى بشراء السلم الاجتماعي أو إعطاء وعود للاتحاد ويتركها لمن يخلفه"، لافتًا إلى أن "كل الحكومات التي تفاوضت مع الاتحاد تقريبًا كانت دائمًا تقدم وعودًا هي حبر على ورق".

كما يعتبر أن هناك "اليوم الكثير من الظروف بعضها موضوعي، وبعضها قد يعود أيضًا إلى إساءة الإدارة أو عدم قيام الحكومة بما هو مطلوب منها".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close